29-11-2024 12:28 AM بتوقيت القدس المحتلة

القرار الأوروبي ضد حزب الله: الأبعاد ومستقبل العلاقة

القرار الأوروبي ضد حزب الله: الأبعاد ومستقبل العلاقة

لم يكن القرار الأوروبي بوضع " الجناح العسكري " لحزب الله على لائحة الإرهاب قراراً مفاجئاً بحد ذاته، ولكن أن يصدر هذا القرار في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها كل من لبنان والمنطقة

 حمزة عباس جمّول

لم يكن القرار الأوروبي بوضع " الجناح العسكري " لحزب الله على لائحة الإرهاب قراراً مفاجئاً بحد ذاته، ولكن أن يصدر هذا القرار في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها كل من لبنان والمنطقة يطرح العديد من الأسئلة حول الأهداف والأبعاد.

من المسلّم به أن هذا القرار أتى ليؤكد على مدى إستسلام مراكز القرار الأوروبي للهيمنة الامريكية خصوصاُ في قضايا الشرق الأوسط.   إن الإتحاد الاوروبي الذي لا يستطيع ان يتمايز عن الولايات المتحدة الامريكية ( ما حصل في مصر وقضية سنودن أمثلة لم يمرّ عليها الوقت) كان من الممكن له ان يلعب دوراً حيادياً مهماً بالمنطقة وذلك بسبب توافر عدة عوامل مشتركة ما بين اوروبا والشرق الاوسط وخصوصاً فيما يتعلق بتجربة المقاومة التي خاضتها عدة دول أوروبية كايطاليا وفرنسا.

إن هذا القرار السياسي بكل أهدافة ودوافعه من ناحية لن يكون له أي تاثير عملي سواء على الأرض اللبنانية أو في أوروبا وذلك بسبب الصعوبة التي تعتريها عملية التفرقة بين الجناح السياسي والعسكري للحزب وطبيعة المعيار الذي سيُتبّع من اجل القيام بهذه  التفرقة عوضاً عن أن الحزب لا يمارس أي عمل سياسي أو عسكري ضمن الأراضي الاوروبية ( إن السلطات البلغارية لم تتهم قضائياً حزب الله بتفجير بروغاس). أما من ناحية ثانية، إن تاكيد الإتحاد الاوروبي التواصل مع الاحزاب اللبنانية بمن فيها حزب الله  يُعتبر إعترافاً اوروبياً مسبقاً بفشل القرار بإحداث أي نتيجة عملية على الارض وفي ذات الوقت رسالة " غزل " للحزب مفادها ان بروكسل لن ترمي يمين الطلاق مع حزب الله بل ستُحافظ على قنوات الحوار والتواصل مفتوحة بسبب تواجد الجنود الاوروبين في جنوب لبنان وبسبب معرفة الاوروبي العميقة بالحضور السياسي الذي يتمتع به الحزب في لبنان وأنه  سيكون حتماً لاعباً اساسياً في الحكومة المقبلة عند تشكيلها. 
 
أما فيما يتعلق بالدوافع فمن الواضح ان للقرار أبعاداً لبنانية داخلية وأخرى خارجية ويمكن تلخيصها بالتالي :  
 
  الأبعاد الداخلية

حقن فريق 14 أذار بجرعات عقيمة من " الفيتامين " مرتبطة بأزمة تأسيس الحكومة وإعطاء " الشرعية " لهذه المطالب القاضية بإقصاء حزب الله من الحكومة كونه يحتوي على جناح عسكري مصنف " إرهابي " حسب القرار الأخير للإتحاد الاوروبي رسالة أمريكية لقيادة 14 أذار مفادها أن واشنطن لا تتخلى عن الحلفاء ( شاهدوا ماذا حصل لحلفاء امريكا في مصر وتونس) دعم فريق 14 أذار في حملته المستمرة من أجل نزاع سلاح المقاومة 

المساواة بين سلاح الميلشيا والارهابيين وسلاح المقاومة 
 
 الأبعاد الخارجية:

محاولة من الإتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية والسعودية التأثير على قرار الحزب من الحرب على سورية ووضعه على الحياد

إشغال الحزب بملفات جديدة تبعده عن الهم الاساسي وهو العدو الصهيوني
  
إرتباط هذا الملف بقضية المفاوضات " الإسرائيلية - الفلسطينية " الجاري التحضير لها وإعتبار هذا القرار الاوروبي " ضربة كف"لإيران المعارضة على الشروط التي ستُبنى عليها هذه المفاوضات 
 
 مكافأة المملكة العربية السعودية بعد قبولها بتسلم ملف المعارضة السورية، مع العلم ان هذا القرار جاء بعد جولة مككوكية لبندر بن سلطان إلى أوروبا
  
بالرغم من القرار الأوروبي المجحف بحق لبنان الدولة والمقاومة والجيش والشعب، فإن هذه المرحلة الحساسة تفرض تحديد آليات جديدة لإستمرار الحوار المباشر والفعّال مع الإتحاد الأوروبي بكافة أطيافه المدنية والسياسية.  من المهم التوضيح أيضاً أن الإتحاد الاوروبي ليس عدواً للبنان ولشعبه كما انه ليس حليفاً بالمعنى الإستراتيجي للكلمة، لكن تتوافر في هذه العلاقة عدة قواسم ومصالح مشتركة تجعل من الحوار المتبادل البنّاء هدفاً إستراتيجياً لجميع الاطراف. إن السياسية الأوروبية لحسن الجوار ومصالحها الإستراتيجية في الشرق الاوسط تختلف عن الأهداف الأمريكية وهذا يجب أن يضفي نوعاً من التمايز على هذه العلاقة التي يجب أن تؤدي إلى جذب الإتحاد الاوروبي أكثر إلى قضاينا العادلة آخذين بعين الإعتبار مصالحه بإستقرار المنطقة المتشاطئة معه والمتواجد على أراضيها الآف من جنوده .

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه