فقد الإخوان أبرز الكتّاب المدافعين عنه، فقد كانت «الشروق» الجريدة الوحيدة التي تحاول التوازن في أعمدة الرأي اليومية التي تنشرها، فتقدّم كل الاتجاهات السياسية. لكن الأزمة الحالية جعلت الاستقطاب حادا
محمد عبد الرحمن / جريدة الأخبار
«تعتذر صحيفة «الشروق» عن عدم نشر مقالي وائل قنديل وأحمد منصور، بناء على رأي المستشار القانوني للجريدة». هذا نصّ الاعتذار الذي نشرته صباح أمس جريدة «الشروق» المصرية الخاصة، لتعلن بشكل نهائي توقيف مقالات الإعلامي في قناة «الجزيرة» وعضو جماعة الإخوان المسلمين أحمد منصور. ويعتبر الأخير من أبرز المتحدّثين على منصة اعتصام رابعة العدوية الموالي للرئيس المعزول محمد مرسي.
كذلك، اعتذرت الجريدة من الكاتب وائل قنديل أبرز قلم مؤيد للنظام الإخواني خلال العام الأخير. قنديل الذي كان محسوباً على التيار الناصري لفترة طويلة، كان أوّل متحدّث باسم حزب «الدستور» الليبرالي في أيامه الأولى قبل أن يقرّر تبنّي آراء النظام الإخواني على طول الخط.
اعتذار «الشروق» لم يشر إلى أنّ عدم النشر يرتبط فقط بمقالات أمس، كما حدث الخميس الماضي مع وائل قنديل، حين تأجّل نشر المقال للتأكّد من خلّوه من أيّ عبارات غير قانونية. بالتالي، فقَد نظام الإخوان أبرز الكتّاب المدافعين عنه، فقد كانت «الشروق» الجريدة الوحيدة التي تحاول التوازن في أعمدة الرأي اليومية التي تنشرها، فتقدّم كل الاتجاهات السياسية. لكن الأزمة التي تعيشها مصر حالياً، جعلت الاستقطاب حاداً إلى درجة أنّ كل صحيفة أو قناة تلفزيونية تخندقت في معسكر من اثنين: إما مع ما جرى في «30 يونيو» من عزل للرئيس المصري أو ضدّه.
غير أن إبقاء «الشروق» على مقال الكاتب المقرّب من التيار الإسلامي فهمي هويدي، فتح مستوى آخر من النقاش حول تدهور محتوى الأعمدة الصحافية في مصر بسبب الانحياز الشديد. مقالات قنديل ومنصور الأخيرة حفلت بالهجوم العنيف على الجيش والحكومة البديلة لحكومة مرسي، ونشر شائعات واتهامات غير أكيدة، وعدم الاعتذار عنها في ما بعد. لهجة تحريضية ساخنة طوال الوقت، جعلت مواقع التواصل الاجتماعي تنقلب على المقالات كل يوم.
هذا الانحياز تكرّر أيضاً في الجهة المقابلة، فقد اتهم الكاتب محمود الكردوسي في جريدة «الوطن» العناصر الناشطة في «ثورة يناير» بأنهم «مرتزقة»، ولهذا السبب لم يشارك معظمهم في فعاليات «30 يونيو» من دون أن يفرّق بين مواقفهم السياسية، خصوصاً أنه ذكر أسماء كثيرين منهم. لكن «الوطن» سمحت للكاتب محمد فتحي بالردّ العنيف على محمود الكردوسي في مقال حمل عنوان «محمود ــ لا مؤاخذة ــ الكرودسي». باختصار، بات المشهد الإعلامي في مصر بحاجة ماسة إلى مَن ينقذه من هذا الانحدار والعصبيات في ظلّ مناخ مشحون لا يبشّر بالخير.