من هم المقاتلون الذين يواجهون جبهة النصرة؟
بشكل مفاجئ اندلعت المعارك في مدينة راس العين السورية الواقعة على الحدود السورية التركية والتي تربط شريط الحدود التركي السوري بطول مائة كلم وعمق 20 كلم الذي ارادته تركيا منطقة عازلة من عامودا الى راس العين، وكانت المفاجأة الكبرى والأهم من اندلاع المعركة بحد ذاتها في التقدم السريع والمنظم للمسلحين الأكراد الذين سيطروا على المدينة بفترة وجيزة وبطريقة سريعة وخاطفة على عكس المعارك في السنة الماضية. وامتد الهجوم والتقدم الكردي الى مناطق أخرى في الشمال السوري ووصل الى معبر تل أبيض الاستراتيجي مع تركيا والقرى المحيطة به وكانت ساحة المعارك تشهد على حرفية قتالية عند المسلحين الأكراد غير مألوفة ومفاجئة في آن معا، خصوصا لناحية العتاد والعدة و التنظيم وتوزيع المقاتلين والخطط العسكرية وتامين خطوط التواصل والإمداد، ما يؤكد ان من يقاتل جبهة النصرة ليس رجال اللجان الشعبية الكردية التي شكلها حزب الاتحاد الديمقراطي من عام ونصف تقريبا ولكن قوة كردية أخرى حسب مصادر كردية رفيعة المستوى.
المصادر الكردية كشفت أن القوة الكردية المنظمة التي تقاتل جبهة النصرة في الشمال السوري هم مقاتلو حزب العمال الكردستاني الذين انسحبوا من تركيا خلال شهر نيسان الماضي. وتضيف المصادر ان هؤلاء رجال مدربون ومجربون وبعضهم تدرب في الماضي في البقاع اللبناني عندما كان عبدالله اوجلان موجودا في لبنان وفي سوريا، وغالبية رجال حزب العمال الكردستاني الذين انسحبوا من جبال قنديل منذ عدة أشهر هم من اكراد سوريا، لذلك كان من السهل نقل هؤلاء الى سوريا من أجل مواجهة جبهة النصرة وكبح جماحها وبالتالي افساح المجال امام قوى علمانية للسيطرة على قرار المعارض السورية المسلحة والتمكن من الميدان ما يسهل عملية اقناع امريكا والغرب بضرورة تسليح المعارضة السورية.
وتقول المصادر الكردية الرفيعة أن الأكراد بعدما ان نفذوا المرحلة الأولى من الاتفاق مع تركيا أصابهم ملل من سياسة المراوغة التي يتبعها أردوغان في تطبيق بنود الاتفاق الذي عقدته المخابرات التركي مع عبدالله اوجلان في سجنه في جزيرة (أميرالاي) التركية (انظر موقف الجمعة بتاريخ 13 ايار الماضي) ، وهم قرروا أن يفاجئوا اردوغان من حيث لم يحتسب وهذا ما يتم حاليا حيث ان المسلحين الذين انسحبوا من جبال قنديل يخوضون الان معارك حاسمة مع جبهة النصرة المدعومة من تركيا ومن جماعة الإخوان المسلمين، وهذا التحرك الكردي لا يمس جوهر الاتفاق مع تركيا التي لا يمكن لها في الوقت الحالي إعلان موت الاتفاق مع الأكراد خصوصا بعد التحركات التي شهدتها وتشهدها المدن التركية احتجاجا على رئيس الوزراء التركي وحزب العدالة والتنمية، في نفس الوقت يعمل الأكراد على تحقيق حلمهم التاريخي على مقربة من تركيا التي ساهمت بشكل مباشر في خلق حالة الفراغ الأمني والعسكري على حدودها اعتقادا منها أن سقوط الرئيس السوري مسالة وقت، وسوف تكون هناك حكومة موالية لأنقرة في دمشق تعيد الإمساك بالحدود بين البلدين وتنفذ سياسة تركيا بحق الأكراد.
غير ان حسابات الحقل التركي لم تطابق حسابات البيدر الكردي والسوري في هذا المجال ما اوصل تركيا الى مرحلة دقيقة وحرجة فلا هي قادرة على التدخل العسكري في سوريا بعد كل هذه المدة ولا امنها القومي يسمح بوجود كيان كردي لديه استقلالية ولو بسيطة في سوريا، وبين المعضلتين تقف حكومة اردوغان لترى من اعتبرت خروجهم من جبال قنديل انتصارا تاريخي لها يقومون الان بطرد أشد حلفاء تركيا في المعارضة السورية المسلحة من قرى وبلدات الحدود بين تركيا وسوريا ويحتلون اهم المعابر مع تركيا. وتختم المصادر الكردية حديثها بالقول ان عدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يحسمون المعارك مع جبهة النصرة يقارب الألفي مقاتل.