اين جماعة الإخوان المسلمين من كل ما يجري؟
صمت تام من قبل جماعة الإخوان حول ما يجري من معارك بين الأكراد وجبهة النصرة في شمال سوريا، فيما الأكراد أعلنوا عن نيتهم إقامة منطقة إدارة ذاتية مؤقتة في تلك المنطقة.
فالجماعة التي أمسكت بقرار المعارضة السورية لمدة سنتين فقدت من سطوتها مع الحدث المصري الكبير الذي أصابت تداعياته تنظيم الاخوان المسلمين حول العالم ، وأتت تأثيراته المباشرة على الفصيل السوري للجماعة الذي أصبح يتعامل مع الآخرين في المعارضة السورية بشيء من التواضع ان لم نقل التراجع السريع في كل المواضيع الخلافية تقريبا.
ويأتي صمت الجماعة بسبب قربها الكبير من تركيا الذي جعلها ترفض أي علاقة مع الأحزاب الكردية السورية خصوصا مع حزب الاتحاد الديمقراطي السورية الذي يعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني ، وكانت الجماعة وراء فشل كل مبادرات التقارب بين الأكراد والمعارضة بإيعاز من تركيا ، وهي رفضت الاعتراف بالقومية الكردية في المجلس الوطني والإئتلاف السوري المعارضين. وهذا الرفض جعل الأكراد يتريثون في تعاطيهم مع المعارضة ، والتزم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري مع هيئة التنسيق المعارضة ، وهي على خلاف مع الإئتلاف ومع جماعة الإخوان المسلمين على كثير من القضايا ابرزها التدخل الخارجي والطائفية وفصل الدين عن الدولة والموقف من العلاقة مع تركيا والسعودية وقطر .
وتقول مراجع كردية ان المسلحين الأكراد يقاتلون أيضا جماعة الإخوان المسلمين في أكثر من نقطة في الشمال السوري خصوصا في مدينة رأس العين وفي منطقة عفرين من مدخلها الجنوبي الغربي حيث يتواجد لواء التوحيد التابع مباشرة للجماعة، كما ان الكثير من المجموعات المنضوية تحت اسم جبهة النصرة هي بالأساس مجموعات كانت من لواء التوحيد قبل قرار فاروق طيفور.
ويقول معارض سوري ان خروج قطر من المعادلة واستلام بندر بن سلطان آل سعود دفة القيادة في الإئتلاف المعارض لعب دورا كبيرا في صمت الجماعة التي تعرف ان السعودية تقف وراء الهجوم العسكري الكردي على مواقع جبهة النصرة ومواقعها في الشمال ، لكنها تتعامل بسقف منخفض مع الحدث ، وهي ارسلت فاروق طيفور نائب المراقب العام للجماعة في وفد الائتلاف الذي زار العاصمة الفرنسية باريس تحت رئاسة أحد عاصي الجربا وميشال كيلو. ومن المعروف أن طيفور يعتبر من جناح الصقور في الجماعة ، وهو المشرف المباشر على العمل العسكري الذي تقوم بها المجموعات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين داخل الأراضي السورية، ويضيف أن قيادة جماعة الإخوان المسلمين الفرع السوري تقيم كلها في اسطنبول، وهي لا تحيد أبدا عن الأوامر التركية والمصالح التركية ، لذلك فإن عامل الثقة بينها وبين الأكراد مفقود بشكل كبير وبديهي ، وفقدان الثقة هذا يطبق على الأرض يوميا في تفاصيل مرعبة تمس الحياة اليومية للسكان.
ويروي المعارض السوري أن مسلحي المعارضة في اعزاز وفي دارة عزة وهي من معاقل جماعة الإخوان المسلمين قطعوا طريق حلب على اكراد عفرين ومنعوهم من التزود بالبضائع والمؤن، فرد الأكراد بقطع المياه عن أعزاز وعن دارة عزة التي تعتمد في مياه الشفة على عفرين التي تزود ينابيعها سدا مائيا في المنطقة تستخدمه اعزاز ودارة عزة وباقي مناطق شمال حلب في ري المحاصيل وفي الاحتياجات اليومية. وانتهت الأزمة هذه بتراجع مسلحي المعارضة عن إقفال طريق حلب بوجه الأكراد ، وأعاد هؤلاء ضخ المياه الى القرى الخاضعة لسيطرة المسلحين. ويؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين انتظرت القرار التركي في هذا الموضوع قبل العمل على حله رغم ان العطش اصاب القرى التي تخضع لسيطرتها لفترة غير قليلة.
وكانت وثيقة تقييم داخليه للإئتلاف المعارض وزعتها بعض مواقع المعارضة السورية قالت ان استمرار التردد والبقاء على وعود التسلح والبحث في أعذار ومبررات يمكن خلقها باستمرار ، قد يدخل المعارضة في سيناريو حرب استنزاف قد تصل الى بضع سنوات.
إن عدم قدرة الإئتلاف على تحقيق تماسك داخلي سيعمق ضعف قدرته على التأثير على القيادة العسكرية (قيادة الأركان) التي هي أيضا قيادة رخوة لا تملك تأثيرا كافيا على القوى الثورية العاملة على الأرض، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ، وتصاعدت حدة الصراع بين تنظيم الدولة (الإسلامية) والجيش الحر ، فإن الوضع الراهن سيحد من الإنجاز ،وسيقود الى إطالة عمر النظام دون شك ،وسيكون من غير الممكن السيطرة على التداعيات الخطرة والمؤقتة لإعلان حكومة كردية في الشريط الحدود الشمالي الشرقي للبلاد، وليس من المستبعد أن تؤدي هذه الخطوة الى عمليات تهجير عرقي ، وإثارة نزاع قومي مديد لا يعرف أحد نهايته..
ويبدو أن انقلاب المشهد المصري ، والاضطراب التركي ، وتقدم الجيش السوري في المنطقة الوسطى وفي ريف دمشق، وتقدم الأكراد في شمال سوريا ، وفشل زيارة وفد الإئتلاف الى باريس راس الحربة الغربية في دعم المعارضة السورية ، وعدم الحماسة الغربية للتدخل العسكري أو لتقديم أسلحة نوعية للمعارضة سوف يضطر جماعة الإخوان المسلمين الى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها السياسية والعسكرية. وهناك أصوات داخل الجماعة بدأت تنادي بالتفاوض مع النظام قبل فوات الأوان. ولعل موافقة الإئتلاف على الذهاب الى جنيف 2 بشروط بعد رفض مطلق في السابق ، هي إحدى نتائج التغييرات التي ذكرنا وأدت في وقت سريع لتغيير خريطة القوى في المنطقة وفي سوريا لغير صالح جماعة الإخوان المسلمين.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه