إخوان سوريا: الصعود السريع والهبوط مع الانقلاب المصري..
إخوان سوريا: الصعود السريع والهبوط مع الانقلاب المصري..
يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا الأقدم بعد التنظيم الأم في مصر وهو من اوائل الفروع القطرية لتنظيم الإخوان المسلمين وأكثرها جدلية. وقد خاض التنظيم حربا طاحنة ضد النظام في سوريا بين أعوام 1978 و1982 انتهت بمعركة حماه الشهيرة التي هزمت فيها الطليعة المقاتلة الجناح العسكري للجماعة حينها وفر قادة الجماعة الى العراق السعودية وبريطانيا والأردن وخبا ذكرهم وحركتهم حتى العام 2005 عندما عادت الجماعة للتحرك العلني ضمن تحالف ضمها مع عبد الحليم خدام فضلا عن تعاونها في شبه تحالف لم يدم طويلا مع جماعة 14 آذار في لبنان. وأتت حرب غزة عام 2008 وإعلان الجماعة وقف حملاتها الإعلامية ضد النظام في سوريا لتعود الحركة بعدها مباشرة الى العمل العلني ضمن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين .
سرعان ما انتهت الهدنة الإعلامية لتعيد الجماعة تنظيم قيادتها في شهر اب 2010 فتم إخراج صدر الدين البيانوني من منصب المراقب العام وأتت قيادة جديدة جلها من القيادات العسكرية التي قاتلت في حماه ضمن الطليعة المقاتلة، وعلى رأس هؤلاء كان المراقب العام الجديد محمد رياض الشقفة ونائبه فاروق طيفور الذين كانا من قيادات المجموعات المسلحة في الطليعة المقاتلة الذين قاتلوا في حماه كما ينتمي الاثنان الى مدينة حماه.
أتت الأحداث في العالم العربي وخصوصا في سوريا لتعيد الاعتبار لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا التي دخلت مباشرة على خط التسلح وكانت اولى المجموعات المسلحة التابعة للتنظيم تعمل منذ بداية الحراك رغم عدم التغطية الإعلامية حينها، وكانت مناطق ريف ادلب وضواحي دمشق وحمص وهي مناطق تحوي حاضنة تاريخية لجماعة الإخوان المسلمين اول المناطق التي شهدت مظاهر مسلحة. وفي هذا يقول مرجع سوري معارض مقرب من جماعة الإخوان المسلمين أن جماعته بدأت بنقل السلاح بشكل كبير الى الداخل السوري منذ بداية المظاهرات المناهضة لحكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أي قبل بدء لأحداث في سوريا، كاشفا ان اول شحنات السلاح وصلت من لبنان الى ريف دمشق تبعتها شحنات أسلحة من تركيا ومن الأردن وكانت تقتصر على الأسلحة الخفيفة وقنابل يدوية وقواذف ب 7 وأتت اول دفعة من هواتف الثريا عبر رجل اعمال سوري مقيم في الإمارات. وكانت الجماعة اول من ادخل هذه الهواتف الى سوريا، ويضيف المرجع أن جماعة الإخوان السورية كان لها وجود كبير وقوي في قناة الجزيرة وأتى الموقف القطري الساعي لإسقاط الرئيس السوري مع هذا الوجود في الجزيرة ليجعل القناة في خدمة الجماعة قبل غيرها من الجماعات المعارضة الأخرى.
وسعت جماعة الإخوان المسلمين منذ بداية الحرب السورية الى السيطرة على التمثيل المعارض عبر المجلس الوطني السوري الذي شكلت أكثر من ثلثي أعضائه او مع الإئتلاف الذي حافظت من خلاله على سيطرتها العديدة والمالية ، حيث أمنت مشيخة قطر المال للجماعة عبر احد الاشخاص ومن بعده عبر رجل قطر في المعارضة السورية وهو رجل الإعمال . وحرصت الجماعة على استلام هيئة الإغاثة في كل المجالس الائتلافات والهيئات التي أسستها قطر وفرنسا وتركيا تحديدا للمعارضة السورية، كما انها منذ البداية استلمت مهمة تسمية الجمعات.
أنشأت جماعة الإخوان المسلمين في العام 2010 لواء التوحيد في ريفي حلب وإدلب وكان من اكبر الجماعات المقاتلة المعارضة واكثرها تنظيما وتسليحا، غير ان واقع الحرب والأرض جعلها تغيير من استراتيجيتها وهي في سعيها للسيطرة على الأرض في سوريا وإرادتها عدم تحمل المسؤولية عن المجازر الطائفية التي بداتها هي تحديدا في حمص وريفها وريفي إدلب وحماه.
ويمكن تعداد المفاصل الأساس في المعارضة السورية التي عملت الجماعة على السيطرة عليها لضمان إمساكها بقرار المعارضات السياسية والمسلحة على النحو التالي:
أ – المجلس الوطني حيث تحظى الجماعة ب 47 صوتا على 73 وهي رفضت حل المجلس عند تأسيس الإتلاف المعارض واعتبرته جزء من الإتلاف ذات استقلالية .
ب – الإئتلاف المعارض وتحظى به الجماعة بنسبة 67 عضوا من أصل 114
ج - أصرت الجماعة على الاحتفاظ لنفسها بالملف الإغاثي ورفضت ان تعطيه لأي طرف أخر
د- تحتفظ الجماعة لنفسها بتسمية الجمعات
ه – تمسك الجماعة بالجسم الأهم من المسلحين المنظمين.
سقوط مرسي بدء مرحلة التراجع..
لا شك أن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لم تكن تتصور في أسوأ كوابيسها وأشدها بؤسا أن يأتي سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر واعتقال قياداتهم بدءا بالرئيس المعزول محمد مرسي وصولا الى عشرات القيادات من جماعة الإخوان المسلمين في مصر عشية انعقاد اجتماع الإئتلاف السوري المعارض لانتخاب رئيس له خلفا لمعاذ الخطيب الحسيني، الذي استقال منذ شهرين تقريبا على خلفيات ما سماه الخطيب عدم صدق الدول الداعمة للمعارضة وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الإئتلاف السوري المعارض وبالتالي على قرار المعارضات بمجملها. واجتمع الإئتلاف السوري المعارض في 6 تموز الحالي في اسطنبول عاصمة الباب العالي للدولة العثمانية في وقت كان فيه موقف جماعة الإخوان المسلمين ضعيفا مقارنة بالسابق، بينما رجح الحدث المصري كفة ميشال كيلو ومجموعته جماعة بندر بن سلطان في الإئتلاف ولديها عشرين عضوا من أصل 114 هم عدد اعضاء الإئتلاف المعارض. وتنضوي مجموعة ميشال كيلو تحت مسمى القطب الديمقراطي، وطرح ميشال كيلو مرشحا لرئاسة الإئتلاف هو أحمد عاصي الجربا وهذا الرجل مقرب من السعودية وتتهمه بعض اوساط المعارضة أنه رجل مخابرات لدى بندر بن سلطان بن عبد العزيز ال سعود.
أتى التحول المصري الكبير ليضعف جماعة الإخوان المسلمين في سوريا ويجعل الأطراف الأخرى في المعارضة السورية تشعر بالقوة حيالها بينما تشعر الجماعة بالضعف واليتم جراء سقوط جناحها المصري الكبير الذي شكل اكبر سند لها خلال السنة الماضية، حتى وصل الأمر به الى قطع العلاقات مع سوريا وتكفير النظام وحلفائه. و قد وضعها امام خيار وحيد لا ثاني له وهو الوقوع تحت سيطرة بندر بن سلطان وانتخاب مرشحه (أحمد عاصي الجربا) وهذا سوف يقود في كل الأحوال الى تقويض نفوذها وجعلها تابعة للسعودية التي تؤيد الاطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي وبالتالي التنظيم الأم في مصر.
في نفس السياق تبدو عملية إضعاف جماعة الإخوان المسلمين في الإئتلاف بمثابة نهاية فعلية له حتى بعد أن وافقت الجماعة وانتخبت مرشح بندر بن سلطان لأن عملية الإضعاف سوف تطال القسم المالي وبالتحديد مسؤولية العمل الإغاثي التي تسيطر الجماعة عليها منذ بداية الحرب في سوريا، وتصر على الإمساك بها كونها تشكل الميزانية الأكبر، وتتعاطى مباشرة مع الداخل السوري ومع النازحين السوريين في الخارج، وهذا ما يسهل عملية السيطرة على قرار الناس المحتاجين وبالتالي تقوية نفوذ من يسيطر على مالية الإغاثة في الداخل السوري ما يجعله في موقع النافذ والمسيطر على قرار المعارضة عبر نفوذه على البيئة المعارضة في الداخل السوري..
في كل الأحوال نحن أمام مرحلة جديدة سوف تعاد فيها عملية النفوذ والسيطرة داخل الإتلاف السوري المعارض وفي الداخل السوري حيث ستضعف شوكة جماعة الإخوان المسلمين التي سوف تجد نفسها في أفضل الأحوال مشاركا في قرار المعارضة التي أوكلها بندر لميشال كيلو بعد ان كانت المقرر الوحيد فيها. لقد أتى الحدث المصري سريعا لينزل بنفوذ جمعة الإخوان في سوريا الى الأسفل بعد ان اتت الأحداث العربية سريعة في حمل نفوذ الجماعة الى القمة، وهذا الحدث المصري سوف يشد من عضد النظام وتماسك الجيش في سوريا واستمراره في سياسة الهجوم التي بدأها منذ شباط الماضي، فالحدث المصري كبير تتخطى تأثيراته الحدود المصرية لتطال كل الأقاليم المحيط بارض الكنانة من بلاد الشام الى المغرب العربي.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه