"يوم القدس العالمي"، بعد إطلاق هذا الشعار، منذ ثلاثين سنة وأكثر، وما يحمله من مضامين ثقافية وسياسية هامة ما يزال حياً في نفوس الأجيال ينبض دماً وعطاءً على مدار الأيام والسنين
"يوم القدس العالمي"، بعد إطلاق هذا الشعار، منذ ثلاثين سنة وأكثر، وما يحمله من مضامين ثقافية وسياسية هامة ما يزال حياً في نفوس الأجيال ينبض دماً وعطاءً على مدار الأيام والسنين، مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية مثل كل عام، لم يفوت الفرصة دون الاحتفال بها، فكان تجمع كبيراً لعلماء وباحثين وإعلاميين وأكاديميين عجت بهم صالة مطعم فندق غولدن توليب كاليريا في منطقة الجناحمن العاصمة بيروت.
الكلمة الافتتاحية كانت لرئيس جمعية الأخوة والإنماء والتربية الشيخ صفوان الزعبي، الذي أكد بثقة عالية أمام الحضور بأن الحركة السلفية بريئة من كل ما ينسب إليها من ممارسات مشينة تنسب للإسلام، فقد "تركوا فلسطين والقدس"، وهذا ليس المنهج السلفي الصالح الذي يدعو إلى تقديم تعاليم الإسلام للناس وتزكية أخلاقهم وتنبيهمم لأمور دينهم، ولا يكون ذلك بالخنجر الذي يستندون إليه وهو "إسرائيل". واكد الزعبي أن التيار السلفي الصالح يتمنى الاسهام في مشروع مواجهة الكفر العالمي المتمثل بإسرائيل وأميركا، وأنه صحيح لا مشاركة عسكرية لهم في الميدان ألا أنهم لن يحيدوا عن خط هذا الدرب وسيسعون جاهدين لرأب الفتنة من جسد الأمة الإسلامية.
السفير الإيراني الدكتور غضنفر آبادي، تحدث عن عظمة الإمام الخميني بإعلانه يوما عالميا للقدس، وان ذلك أبقى القدس هي البوصلة الحقيقية للمسلمين جمعيا توحدهم وتقربهم من بعضهم البعض. وقال السفير :" إن الإمام بإعلانه هذا أكد على حق الشعب الفلسطيني بالحرية والوجود والوطنية والقومية .. وجعل منه تظاهرة ثقافية سياسية تتصاعد من حناجر الشعوب لإصرار هذه الأمة على رفض الأمة الخضوع للاستكبار والتي تواجه اليوم المؤمرات التي تحاك لتصفية القضية الفلسطينية، من هذا المنطلق نربط ما يجري في سوريا من أحداث، فكل ذلك لحرف الأنظار عن استباحة الأرض والعرض في فلسطين القضية الأساس.
سفير دولة فلسطين السيد أشرف دبور، جلب معه صوراً عرضها على الحضور ليثبت أن الكيان الإسرائيلي يعمل كل يوم على تهديم المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي المزعوم، وحديثا دمرت في القدس 136 قرية فلسطينية وتمّ طرد 140 ألف مقدسي وهذا ما يعزز مشروع الدولة اليهودية صافية لليهود. وتابع بأن الصمت العربي يشجع إسرائيل منذ زمن طويل على المضي بمشاريعها ومخططاتها دون وازع أو رقيب. وعرّج على البرنامج السياسي للفلسطينيين في هذه المرحلة وهو التمسك بالثوابت الوطنية والقومية، وإنهم متابعون العمل على المصالحة الفلسطينية.
السفير السوري علي عبد الكريم علي ألقى كلمة مؤثرة بالحضور ومما قاله إن المسجد الأقصى صار مسرحاً لوحشية الجنود الإسرائيليين تجاه المصلين بدم بارد ليلا ونهارا، على مرأى من علماء الإسلام وشعوب الإسلام ودعاة حقوق الإنسان الزائفيين. وقال بينما القدس تنادينا وهي جريحة سليبة نرى الفتنة تفتك ببلادنا حيث نقتل بعضنا بعضاً، وتساءل :"هل يصحو المغشى عليهم فينتبهوا لمسلسل الانتهاكات فلا يزّورون رسالات السماء .. وهل ينتبه المضللون إلى جرائهم في اغتيال القدس عندما وجهو سلاحهم إلى أخوتهم وبلد عربي وإسلامي؟.!! وأكد السفير أن كل ما يجري في سوريا هو حلقة ضمن هذا التضليل .. وها هي القدس محاصرة بالاحتلال، ولكن كما حرر المقاومون الشرفاء لبنان العام 2000 وأذلوا إسرائيل في العام 2006 سوف يحررون القدس بسواعدهم البطلة.
كلمة حزب الله ألقاها النائب علي فياض، فكانت قوية في تعابيرها، وجاء فيها أن القيمة الحقيقية للقدس ليس لمكانتها الحضارية والتاريخية في الأمة وحسب إنما لأنها القضية التوحيدية الأساس لهذه الأمة ، إذا لا تقوم الهويات العربية أو تتماسك دون الوعي بقضية القدس المحتلة، واستمرار الوعي بدورها التاريخي، من هنا كانت مسألة المؤامرة بالفتنة السنية والشيعية، والتي لا تقل خطورة عن احتلال القدس، حيث يريدون لها أن تحل مكان القضية الأساس. وقال النائب فياض، إن عملية التحرير تستدعي شحذ قوى الأمة بينما المذهبية تعمل على إنهاك قوانا وأن تغطت بالقشرة الديموقراطية، وهذه الدعوات التي ينادون بها باسم الإسلام لا يمكن لها أن تكون أمينة على مصالح الأمة طالما لا ترى ان قضية القدس هي قضيتها . ومن هذا المنطلق دخل النائب فياض إلى مسألة الأزمة السورية لتقضي على مشروعية المقاومة التي يعمل عليها الرعاة الدوليين الحلفاء لإسرائيل وأميركا. وختم بان ذكّر بالإمام الخميني القائد العظيم الذي جعل من الصراع مع إسرائيل عقيدة سياسية للجمهورية الإسلامية في إيران.
أما معالي الوزير عبد الرحيم مراد، ورئيس مجلس الأمناء الشيخ أحمد الزين، أكدا على أهمية الإمام الخميني (قده) في تثبيته لهذا اليوم للقدس، اولى القبلتين وركزّا على دور إيران في المنطقة ودعمها لقوى المقاومة، وما تواجهه من تحديات عالمية بسبب هذا الدور. أما العضو في تنظم المردة السيدة فيرا يمين، فقد قالت انها انتدبت للحديث عن القدس من منطلق مسيحي، وهي بصفتها الرسمية تؤكد على أن هناك مخططا صهيونيا لإفراغ القدس من المسيحيين المقدسين، والذين يرتحلون عنها يفرض عليهم عدم العودة.
كلمة الختام ألقاها صاحب الدعوة مدير مركز باحث الأستاذ وليد محمد علي، الذي شكر الجميع على حضورهم وتلبيتهم الدعوة، وعرّج على مفهوم ما تعنيه القدس في الفكر العبري، وما يعنيه هدم المسجد الأقصى، لتزال كل معالم الإسلام في فلسطين المحتلة. وحمّل المسؤولية لملوك العرب والزعماء العرب على هذه التدهور التاريخي الخطير في حياة الأمة العربية والإسلامية وأن الأمل الوحيد المعقود هو فقط على شباب المقاومة والمقاومة فقط لا غيرها وفي مقدمتها المقاومة التي هي بقيادة السيد حسن نصرالله.