في ميدان التحرير، علّق أحدهم لافتة كبيرة كتب عليها «الجزيرة هي قناة الإخوان الرسمية». تختصر اللافتة غضب العديد من المصريين من القناة، التي يصف مراقبون مصريون تغطــيتها الحـــالية للأحـــداث في مصر «بالهستي
مصطفى فتحي / جريدة السفير
كان واضحاً الإرباك الذي وقعت فيه «الجزيرة»، إثر عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي. ذلك الإرباك أوقع القناة القطريّة في أخطاء مهنيّة عديدة، منها نشر أكاذيب. خلال تظاهرات «30 يونيو»، كانت «الجزيرة» غير متحمسة للتظاهرات ضد «الإخوان»
. فبينما كانت كلّ قنوات العالم تعرض التظاهرات المعارضة للحكم الإخواني، قرَّرت «الجزيرة» أن تنقل بثاً مباشراً من ميدان رابعة العدوية حيث تواجد أنصار محمد مرسي، وأعطت مساحة لقيادات الجماعة للحديث، منهم على سبيل المثال، محمد البلتاجي، القيادي في «الإخوان المسلمين»، الذي وصف تظاهرات «30 يونيو» بأنها «فوتوشوب»، وأن الأمر كله من إخراج المخرج المصري خالد يوسف.
تعاملت «الجزيرة» مع تصريحات البلتاجي كأنها حقيقة، فعرضت يوم الجمعة الماضي (2 آب)، تقريراً وصفته بأنه «تحليل استقصائي عن أعداد المشاركين في تظاهرات 30 يونيو». واعتمد تحليل «الجزيرة» على حساب مساحة ميدان التحرير والشوارع المحيطة به التي قدّرتها القناة بـ 129 ألف متر مربع، تتسع لـ 516 ألف شخص، على حدّ تعبيرها. لكنّ القناة نفسها، كانت قد قدّرت الأعداد في ميدان التحرير خلال ثورة «25 يناير» بمليوني متظاهر.
وخلال الأيّام الماضية، تبادل النشطاء على فايسبوك فيديو آخر، كانت قد بثته «الجزيرة» قبل تنحي مبارك بأيام قليلة، تقدّر فيه أعداد الموجودين في ميدان التحرير بثلاثة ملايين مصري. ذلك ما جعل معلقين إعلاميين يعتبرون أن «الجزيرة» تقدّر أعداد المتظاهرين بحسب انتمائهم لا بحسب أعدادهم الحقيقية. السخرية من تقرير «الجزيرة» أخذت حيزاً على موقع «تويتر». وعلّق أحد المغرّدين: «إذا حضر القرضاوي أصبح الميدان يتسع لأربعة ملايين، لكن اذا حضر متظاهرون ضدّ الإخوان يصبح ميدان التحرير لا يتسع لأكثر من 516 ألف شخص».
خطأ مهني آخر وقعت فيه «الجزيرة»، ويتعلّق بالفيديو الشهير الذي سبب صدمة للرأي العام، ويظهر رجلاً ملتحياً يقوم بإلقاء أطفال من سطح إحدى البنايات السكنية بمنطقة سيدي جابر بعد تظاهرات 30 حزيران الفائت. نقلت وسائل إعلام عديدة شهادات من أحد الأطفال الناجين من الحادث، كما ألقت قوى الأمن القبض على منفذ الجريمة، واعترف بها. كلّ ذلك لم يقنع «الجزيرة»، فعرضت تقريراً قالت إنه دليل على فبركة الفيديو. واستعانت «الجزيرة» في تقريرها بموقع Middle East Monitor، الذي قدّمته كموقع بريطاني مستقل.
لكنّ الباحث المصري المستقل أحمد عباس أجرى بحثاً اكتشف خلاله أنّ مدير موقع «ميدل إيست مونيتور» داوود عبد الله، هو عضو في التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين». وسجّل عباس في بحثه ملاحظات عديدة على تقرير «الجزيرة»، منها كيف لفيديو مُفبرك أن يتم تصويره من أكثر من زاوية، وكيف لمُفبركيه أن يجمعوا مئات الأشخاص أسفل المنزل، وكيف لقناة «الجزيرة» أن تعتمد في تقريرها على موقع يرأسه عضو في جماعة «الإخوان المسلمين» ــ وهي طرف في الموضوع ــ وتقدّمه كموقع مستقلّ؟.
في ميدان التحرير، علّق أحدهم لافتة كبيرة كتب عليها «الجزيرة هي قناة الإخوان الرسمية». تختصر اللافتة غضب العديد من المصريين من القناة، التي يصف مراقبون مصريون تغطــيتها الحـــالية للأحـــداث في مصر «بالهستيرية».. راهنت القناة على «الإخوان»، ولم تدرك أنّ للشارع المصري رأياً آخر.