شرح سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد رؤوف رضا شيباني في مقابلة مع موقعنا رؤية بلاده حيال عدد من الأحداث والمجريات ومافيهامن متغيرات تطرأ على منطقة الشرق الأوسط وعلى سورية.
في مقابلة لموقع قناة المنار مع سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا محمد رؤوف رضا شيباني، صرح عن رؤية بلاده حيال عدد من الأحداث والمجريات وما فيها من متغيرات تطرأ على منطقة الشرق الأوسط وعلى سورية بشكل خاص. الموقف الإيراني حيال سورية مرهون برؤية استراتيجية وضحها السفير ليتحدث أيضا عن مواقف خليجية مرتبطة بسير الأمور في سورية، ثم شرح الدور الصهيو-أمريكي في الحرب على سورية، مؤكدا أن المصلحة الاولى والاخيرة من هذه الحرب تصب لأميركا والكيان الصهيوني.
وبيّن السفير شيباني المراحل التي مرت بها الأزمة السورية، واعتبر أنها ثلاثة مراحل، موضحا ان غاية الحرب على سورية وما تنويه أمريكا من خلال نشرها الفوضى الخلاقة.
وفيما يلي نص المقابلة كاملة :
-السؤال الاول : سعادة السفير، كيف تقيمون الوضع الميداني في المناطق التي تشهد اشتباكات بين الجيش السوري والجماعات المسلحة، وهل تعتقد أنَّ المرحلة الحالية هي مرحلة المواجهة الميدانية وليست مرحلة الحل السياسي؟ وبرأيكم ما الذي يعرقل حتى الآن انعقاد مؤتمر "جينيف 2"؟
ما نشاهده خلال الفترة الراهنة في سورية حربا بأوجه مختلفة : حربا بالنيابة لضرب محور المقاومة من ناحية ، وحربا ضد الإرهاب أو حربا ضد مجموعات تحمل فكرا تكفيريا وجهاديا من ناحية أخرى ، ومن البديهي أن هذه الحرب ذات الأوجه المختلفة وما فيها من تعقيدات تجعل الطريق إلى إيجاد الحلول السريعة أمرا صعبا وشائكا ، ومن الأكيد أن الحرب على الإرهاب حرب طويلة ، خاصة أن الأخير يتلقى دعما من الخارج وعلى مستوى دولي.
فيما يخص تقييم الواقع الميداني يمكننا القول بأنه ثمة تغييرات حصلت في توازن القوى كانت ملفتة للنظر ، يمكننا تقسيم مراحل الميدان في سورية منذ بداية الأزمة حتى الآن إلى ثلاثة مراحل ، الأولى منها : إيجاد بيئة مناسبة وداعمة للمجموعات المسلحة على حساب الجيش والقوى الأمنية في سورية ، وعليه في هذه المرحلة شهدنا تقدما للمجموعات المسلحة والمسبب الأساس في تقدم الأخيرة وعدم التناسب بين الطرفين ، أن الجيش السوري كسائر الجيوش، يُعتبر جيشا تقليديا لا يتمكن من خوض حرب العصابات ، ويجعل من المواجهة مع المجموعات المسلحة أمرا صعبا، لذلك كنا نرى أن الجيش كان في موقع الدفاع والانسحاب وردة الفعل .
المرحلة الثانية : هي إعادة تأهيل الجيش والقوى المسلحة، وإعادة تحديد مواقع كلا الطرفين، أما المرحلة الثالثة فهي التي نعيشها في هذه الفترة وهي مرحلة انتقال الجيش السوري من حالة الدفاع إلى الهجوم والوصول إلى تغيير توازن القوى لصالحه. الجيش الآن هو من يفرض على الأرض الحرب والزمان والمكان والنوعية. في هذه المرحلة أصبح زمام المبادرة بأيدي الجيش ، ونستطيع القول ان هذا الامر يجري على الساحة السياسية ، وبعبارة اخرى نقول ان سورية في المرحلة الراهنة تملك زمام المبادرة في السياسة والميدان، كما أن الوقت يمضي لصالح سورية حكومة وشعبا، الأمر الذي جعل الطرف الآخر ، وبسبب جملة من الظروف السياسية والميدانية غير المناسبة، جعله يتراجع عن الدخول في مرحلة الحل السياسي ، والدليل على ذلك ان الحكومة السورية أعلنت المشاركة في جنيف (2) دون قيد أو شرط مسبق، في الوقت الذي يتجنب الطرف الآخر ، وبسبب عدم جاهزيته ، الدخول في مسار الحل السياسي، متذرعا بتحديد المكاسب في الميدان .
- السؤال الثاني: يجمع بعض المحللين على أن نهاية الأزمة السورية لن تكون إلا بحرب شاملة، ما مدى إمكانية حدوث هذا الأمر سعادة السفير؟ وماذا سيكون موقف الجمهورية الإسلامية في حال حدوث ذلك؟
مع الأسف وبسبب ما تقوم به بعض المجموعات المسلحة والدول غير المسؤولة تجاه القوانين والقرارات الدولية ، يجعل الباب مفتوحا أمام احتمالات متعددة، بما فيها توسع رقعة الآزمة في سورية وتحويلها إلى حرب شاملة والكل يتفق بأن امريكا والكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من استمرار هذه الاوضاع في سورية، ويظنون ان القدرة الدفاعية والعسكرية في سورية، بصفتها دولة مقاومة تقف ضد المشاريع والمؤامرات الصهيو-أمريكية في المنطقة ، يمكن استنزافها في صراعات داخلية؛ لنطرح سؤالا: هل أمريكا ترغب في توسيع رقعة الحرب في سورية إلى حرب شاملة ؟
أنا شخصيا اعتقد ان أمريكا ، وفي إطار سياستها الهادفة لنشر الفوضى الخلاقة في المنطقة ، تعتبر ان ما يحدث في سورية حربا محدودة واستنزافية وطويلة المدة تحسم لصالحها وصالح الكيان الصهيوني ، اما الجمهورية الاسلامية الايرانية فهي تعارض أي ازمة أو عدم استقرار في المنطقة ، وكونها تُعتبر عضوا فاعلا في منطقة الشرق الأوسط ترتبط مصالحها مع الثبات والاستقرار في المنطقة ، وبناءً عليه فان أي زعزعة ولو محدودة للاستقرار ، وان حربا شاملة في سورية لن تصب ابدا في مصالح الجمهورية الاسلامية الإيرانية .
-السؤال الثالث: عقب الأحداث التي مرّت بها مصر والتي أدّت إلى سقوط حكم الإخوان المسلمين، رأى البعض أن موقف الجمهورية لم يكن واضحاً مما جرى، هل من توضيح لموقفكم تجاه الأحداث التي تمرّ بها القاهرة حالياً؟
إن ما يجري في مصر يدفعنا للقلق والحزن، والأحداث في مصر عظيمة ومعقدة نظرا لعظمتها وعلو شأن هذا البلد العريق بشعبه، والموقف الإيراني كان شفافا وواضحا تجاه المتغيرات في المنطقة، وقد دعمنا دائما الاغلبية في ظل التحولات الإقليمية بما فيها الساحة المصرية ، ونحن ندعم ونؤيد كل ما يتوافق عليه الشعب المصري، هناك امران لا يمكن غض النظر عنهما مما يجري في مصر: الاول هو أن كلا الطرفين له قاعدة شعبية داعمة في المجتمع المصري، لذلك التوجه باتجاه حذف الآخر ليس بصالح مصر ، ولا يوصل لحل المشكلة، والأمر الثاني يتعلق في تغاير تعاطي المؤسسة العسكرية في ثورة 25 يناير وأحداث 30 يونيو ، أرى بأنه على الجيش المصري ، باعتباره ركنا اساسيا في استتباب الامن والاستقرار، ألّا يكون طرفا في النزاع القائم.
- السؤال الرابع : سبق أنَّ صرّح الرئيس السوري بشار الأسد أن سقوط حكم الإخوان دليل على فشل ما يُسمى تجربة الإسلام السياسي في المنطقة، كيف تقيمون هذه التجربة حتى الآن، خصوصاً أنكم سبق أن وصفتم ما يجري في العالم العربي ب "الصحوة الإسلامية"؟
بعد هذه الكلمة للرئيس الأسد، كان لفخامته لقاء صحفي آخر في صحيفة البعث، وضح رؤيته من خلال هذا اللقاء بأن الإسلام السياسي الفاشل هو ذاك الذي يهدف إلى اقتحام الشرق الأوسط والبلاد العربية حاملا معه توجها إرهابيا وتكفيريا مبني على العنف وإقصاء الآخر، من جهة اخرى ينظر السيد الرئيس لسلطة الإسلام السياسي في الجمهورية الاسلامية الإيرانية والطابع الإسلامي لحركة المقاومة في لبنان بنظرة احترام وتقدير، يجب ان نعترف بان سلطة الإسلام السياسي في إيران سلطة ناجحة ، وقد انعكس ذلك جليا خلال الانتخاب الرئاسية الاخيرة، وفي الوقت الذي يجري فيه نقل السلطة في إيران في ظل أجواء راقية وفي أعلى مستويات الرقي، نشاهد على الجانب الآخر في الكثير من دول المنطقة إقالة رؤساء الجمهوريات إما بقوة السلاح او بالنزول إلى الشوارع وتسيير المظاهرات.
يجب أن نتذكر دائما أن إيران وخلال ثلاثة عقود وصلت إلى أعلى مستويات التنمية على كافة الصعد السياسية والثقافية والعلمية والتقنية في كنف سلطة الإسلام السياسي.
-السؤال الخامس: بعد تسلم الشيخ حسن روحاني مهامه الرئاسية بشكل رسمي، هناك من يرى إمكانية حدوث تغيرات في الموقف الإيراني حيال ما يحدث في سورية، هل ترون إمكانية حدوث مثل هذا الامر ، سعادة السفير ؟
أي تغيير في السياسة الإيرانية غير وارد، وقوفنا ودعمنا لسورية يأتي على خلفية نظرتنا الاستراتيجية لما يحدث من متغيرات في المنطقة، فمواقفنا ليست مبنية على مصالح آنية وسطحية تتبدل بتبدل الحكومات.
نحن نعتقد أنَّ النظام السوري كان بمعرض تهديدات جمة من قبل القوى العظمى وأمريكا، وأعداء محور المقاومة قبل أن يخوض مشاكله مع شعبه.
إن ما نشهده الآن في سورية هو في الحقيقته ضربة موجهة لواحد من أهم محاور المقاومة والصمود في المنطقة، لقد سُحقت وذُبحت مطالب الشعب السوري المحقة أمام سيل الحركات الإرهابية والحرب التي أشعلوها في سورية بالنيابة.
-السؤال السادس : ما هي اهم البنود التي شملها الاتفاق الإيراني مع حركة حماس، وكيف تقيمون موقف الحركة تجاه الأحداث في سورية ؟
أكدنا على استمرار المقاومة ضد الكيان الصهيوني واستمرارها حتى إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني ، خاصة حق العودة وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، والوقوف في وجه كافة التدابير المبنية على المساومة التي تُضيع حق الشعب الفلسطيني ، كما أكدنا على ضرورة الدقة في التحليل وقراءة المتغيرات الراهنة في المنطقة بشكل واقعي ومنطقي، وتوخي الحذر تجاه المؤامرة التي تحاك ضد شعوب المنطقة ومحور المقاومة تحت شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
السؤال السابع: الرئيس الاسد احتفل بمناسبة عيد الجيش بظهوره في منطقة داريا، وتفقد المواقع هناك، كيف تقرؤون تلك الزيارة الى الميدان؟
اريد أن أؤكد أن سورية تعيش الآن مع قيادتها المرحلة الثالثة من الأحداث والمتغيرات... المرحلة التي أخذت فيها سوريا وقيادتها زمام المبادرة على الصعيدين السياسي والميداني ، والتحولات المستقبلية ستؤكد ذلك.
السؤال الثامن : سماحة السيد حسن نصر الله تجاوز في يوم القدس العالمي جميع المخاطر بنزوله بين الجمهور بعد غيابه عن الاختلاط المباشر ، وأطلق سلسلة من المواقف تجاه فلسطين، كيف تقيمون هذا الأمر سعادة السفير ؟
إن لظهور سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله .. سيد المقاومة .. صاحب الوعد الصادق ، ورمز النصر والمفاجآت، دلالات ومؤشرات كثيرة ... لقد جعل الصهاينة في حيرة من أمرهم ، وكان ظهور سماحته تأكيدا على أهمية يوم القدس العالمي ، وتأكيدا على أهمية مكانة فلسطين والقدس الشريف ، وبثا للطمأنينة والسكينة في قلوب المؤمنين والمقاومين في العالم بأسره.
السؤال التاسع : بالنسبة لزيارة بندر بن سلطان الى موسكو مؤخرا، برأيكم ماهي ابعاد تلك الزيارة، وهل ترون انه سيكون هناك مستجدات على الساحة السورية بعد هذه الزيارة ؟
لا يُنظر إلى مهمة بندر بن سلطان في موسكو بنظرة إيجابية بناءة، سيما وأن دور السعودية – مع الاسف – بالنسبة للمتغيرات في المنطقة عموما وفي سورية على وجه الخصوص دورا ليس على مستوى ما ينتظر منه في العالمين الإسلامي والعربي، اتمنى على القيادة السعودية وبدرايتها واهتمامها العمل على استتباب الامن والاستقرار الإقليمي وأن تعود السعودية إلى مكانتها السابقة في التحكيم وحل مشاكل المنطقة.