سيرة ووصية الشهيد محمد يوسف عسيلي (ذو الفقار)
الشهيد محمد يوسف عسيلي هو من مواليد بلدة الطيري عام 1978، التحق بصفوف المقاومة الاسلامية عام 1997. متزوج وله ولد.
تلقى محمد علوما مهنية في الوقت الذي كان فيه يتابع العمل الجهادي الذي اثبت فيهه كفاءة وقدرة حتى أصبح ضمن تشكيلٍ توكل إليه العمليّات النوعيّة.
يُنقل عن والدته قولها "ترك لنا رائحة منه، ابنه الوحيد علي الهادي، الذي كان يبلغ الشهرين من عمره حين استشهد والده، والأكثر من هذا انه لم يقض معه إلا ساعات قليلة خلال كل تلك الفترة، وعندما كنت أطلب منه أن يجلس قليلا مع ابنه كان يجيب بأن العمل لا ينتظر".
العمل الذي كان يقصده محمد كان التحضير لعملية الاسر التي وقعت في 12 تموز 2006 التي شارك فيها ذو الفقار بفعالية، كما شارك في الكثير من العمليات النوعية على مدى سنوات.
في اثناء حرب تموز كان محمد في طليعة المتصدين للعدو ، من عيتا الى مارون وغيرها. كان الموعد مع الشهادة في مارون التي استبسل هو ورفاقه فيها لمنع العدو من دخولها وكانت لهم صولات بطولية.. فبعد النصر الذي حققه محمد هو واخوته في عيتا الشعب توجه الى مارون الراس. في المعركة الاخيرة رمى إحدى الدبابات هناك ومن ثم اشتبك والشهيد موسى فارس مع احدى المجموعات الإسرائيلية إلى أن أدخل الإسرائيلي السلاح المروحي في ميدان المعركة فسقطا شهيدين وأسيرين بتاريخ 20-7-2006.
استعاد حزب الله في تشرين الأول 2007 جثمان الشهيد محمد ضمن عملية تبادل مع العدو الاسرائيلي، حيث تم تشييعه في بلدته بموكب حاشد مهيب في 17-10-2007.
من وصية الشهيد محمد عسيلي
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } صدق الله العليّ العظيم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن الموت حق والحشر حق والميزان حق والصراط حق وسؤال منكر ونكير حق وأشهد أن محمداً (ص) عبده ورسوله، وأشهد أن علياً (ع) أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغرّ المحجلين إلى جنات النعيم.
السلام على فلقة الإصباح الباكية في كل صباح ورواح، العابدة آناء الليل وأطراف الصباح فاطمة الزهراء (ع) سيدة نساء العالمين.
"السلام على ابن فاطمة الزهراء وابن جنة المأوى وابن زمزم والصفا، السلام على المرمّل بالدماء شهيد الشهداء، سيدي لئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنّك صباحاً ومساءً حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب"، فسلام مني إليك أيها الحسين الشهيد وحشرني الله معكم، والسلام على الحسن المجتبى المسموم والسلام على التسعة المعصومين من ذرية الحسين (ع).
السلام على شهداء المقاومة الإسلامية، هنيئاً لكم ما نلتموه من لذّة الأنس ومجاورة الأنبياء العظام، وأكثر من ذلك هنيئاً لكم بلوغكم نعمة الله التي هي رضوان من الله عزّ وجلّ.
السلام على الأسرى المجاهدين الصابرين وعهداً من المجاهدين أن حريتكم ستكون قريبة إن شاء الله، فـ {إن كنتم تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} ...
السلام عليكم يا فوارس المقاومة الإسلامية البواسل، يا من تلقنون عدو الله وعدوكم درساً لن ينساه أبداً. إخواني لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله، حافظوا على جهادكم وروحيتكم ووطّنوا أنفسكم على تحمل الابتلاءات - وإن شاء الله يكون النصر الآتي حليفكم وتكون صلاتكم في المسجد الأقصى - ولإزالة الغدة السرطانية إسرائيل من الوجود، وهذا تكليف إلهي وليس رغبة، فيجب أن يعلم الجميع أن هذا الجهاد هو كالصلاة بل إن الصلاة ستُمحى إن تُرِك. ولْتعلم إسرائيل أن راية "حيدر الكرار" ستبقى مرفوعة، ولن ندخل الأقصى بسلام معكم بل سندخلها بجهادنا ودمائنا وسنطهّرها من رجسكم يا أذلّ من في الوجود، وسيكون النصر حليفنا لأن الله وعدنا ووعده حق.
أهلي وإخواني: أطلب منكم أن لا تبكوا عليّ بل اجعلوا بكاءكم على مصيبة الحسين (ع) التي هي أعظم المصائب، وأطلب منكم المسامحة جميعاً على كل خطأ أخطأته في حقكم فلعلّي ظلمتُ أحداً منكم أو لعلّي وعدتُ أحداً بشيء فلم أفِ بوعدي، أو لعلّي أثرت في نفس أحدكم بخروج كلمة ولو صغيرة مني، أو ربما اغتبت أحدا ولم أتسامح منه، فسامحوني على كل ما بدر مني، يقول الإمام السجاد (ع): "ما من عبد في الورى جنا كجنايتي" فمالي وأنا أقل الناس وأضعفهم؟
سيدي عبرتُ ذكريات الماضي الأليم بشوقي إليك ولمستُ دقائق ولحظات اللقاء بنشوة المتألّم الفرح بك.
مولاي كم تؤلمني وتسعدني الذكريات! وكم أستعيد مواقف عزيزة على قلبي وروحي!
آهٍ يا نور عيني وضياء عمري وبلسم الجراحات النازفات على مرّ الليالي الطوال!
سيدي كم يعتريني الشوق إليك! وكم يعصر فؤادي الحنين لما وعدتَ من أطاعك وأحبك وعمل مجاهداً في سبيلك! لعلّي يا سيدي ضللتُ الطريق فمشيت ومشيت حتى أصل والدرب على العاشقين درب طويل وشاق.
يا من أُحبّ وأهوى أعطني سؤلي وحقّق أمنيتي بشهادة مباركة يتفتّت فيها جسدي.
أبي العزيز والحنون: أطلب منك المسامحة يا والدي والصبر، أنت ربيتّني فأحسنتَ تربيتي لأني سلكتُ هذا الطريق طريق المقاومة، فأطلب من الله أن يوفّقني لأردّ لك بعض الجميل وأكون شفيعك يوم القيامة، وأطلب منك يا والدي الالتزام بولاية الفقيه، وعذراً يا والدي على أي شيء صدر مني وآلمك.
أمي الحنون: ماذا أقول لكِ وبمَ أوصيكِ ودموعي انهمرت عندما ذكرت اسمك؟!
سامحيني يا أغلى إنسانةٍ عندي فلعلّي تصرّفت بشيء أزعجكِ، ولكن قلبكِ كان كبيراً.
ماذا عساي أفعل لكي أكافئكِ وأنتِ التي حملتني في جوفك وسهرت عليّ الليالي، وها أنا ذا لا أعرف قيمة كل ذلك إلاّ بعد موتي، فأطلبُ منكِ المسامحة والصبر واجعلي بكاءك على مصيبة الحسين (ع) وزينب (ع) واصبري جزاكِ الله الخير والأجر، وها أنا وقد أودعني الله أمانة عندكم ولله متى شاء أن يستردّ هذه الأمانة فأتمنى أن تعود هذه الأمانة طاهرة مطهرة.
إخوتي وأخواتي: أطلب منكم المسامحة وأن تهتموا بالصلاة، واعملوا لأن تكون الآخرة أكبر همكم لأن ما من شيء في هذه الدنيا إلاّ وهو فان. وعليكم يا إخوتي وأخواتي أن تربّوا أولادكم لأنهم أمانة الله في أعناقكم، فكما يقول الرسول (ع): "أدبوا أولادكم على ثلاث: حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن".
وأخيراً، أطلب منكم أن لا تنسوا هذه الأشياء وأن تسامحوني إذا أخطأت بحق أحدكم.