مطرانان مغيّبان أم مطرانان شهيدان؟ وما علاقة الأب اليسوعي باولو دالوليو بالقضية وتكليفه بالتوسط لدى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الرقة للاستيضاح عن مصيرهما، واختفائه
المصير المجهول: خيوط استخبارات وخاطفون شيشان بقيادة كويتي
محمد بلوط
مطرانان مغيّبان أم مطرانان شهيدان؟ وما علاقة الأب اليسوعي باولو دالوليو بالقضية وتكليفه بالتوسط لدى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الرقة للاستيضاح عن مصيرهما، واختفائه، وربما مقتله؟ فرضيتان في قضية مطراني حلب للروم الأرثوذكس بولس اليازجي والسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، ما لم تظهر دلائل مادية تؤكد إحدى الفرضيتين، وتلغي الأخرى.
تميل معلومات متقاطعة نحو الفرضية الثانية، أي أن المطرانين قد يكونان قد قتلا قبل نهاية أيار الماضي، وبعد شهر على اختطافهما قرب حلب. والمعلومات مصدرها تحقيقات أجرتها جهات في «الجيش السوري الحر»، مقربة من «الفرقة التاسعة» العاملة في حلب كانت تحمل اسم «لواء أنصار الخلافة»، ومعلومات أخرى حصلت عليها جهات أمنية عربية من الاستخبارات التركية.
فبحسب المصادر العسكرية السورية المعارضة، قام الخاطفون بقتل أحد المطرانين بعد أيام من خطفه، فيما قتل الثاني خلال أيار. أما المرجع الأمني العربي فيقول إنه خلال لقاء مع مسؤولين في الاستخبارات التركية قبل شهرين لبحث قضية الرهائن اللبنانيين التسعة، طرح سؤالا عن مصير المطرانين المخطوفين، وكان جواب المسؤول الأمني التركي مقتضباً، بأنهما قتلا.
أما تغييب المطرانين، ففرضية لا يستبعدها أكثر من مسؤول أمني وسياسي في المعارضة والنظام، فيما يقطع رئيس مكتب الأمن القومي في الاستخبارات السورية اللواء علي مملوك أن المطرانين لا يزالان على قيد الحياة لدى الخاطفين في الشمال السوري، بحسب مرجع أمني عربي. أما رئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا فيتهم أمن الاستخبارات الجوية السورية باعتقالهما في حلب منذ شهرين، بعد أن قامت المجموعة الخاطفة بتسليمهما إلى النظام.
وهنا يلتقي صبرا مع رواية ميشال كيلو في «السفير» في 8 أيار الذي عاد عن اتهام الإمارات الأمنية بخطف المطرانين، ليوجه الاتهام أيضاً إلى المخابرات الجوية السورية.
لماذا «ما دامت الكنيسة السورية تقف إلى جانب النظام، وهي تدعمه من دون تحفظ»، وهو يجيب عن سؤاله بالقول: الاستخبارات الجوية تحتفظ بالمطرانين لشد عصب المسيحيين ضد المعارضة «الخاطفة» والتي تستعد للهجوم على الحي الغربي في حلب، وهو الحي الذي تسكنه أكثرية مسيحية!
عصر 22 نيسان الماضي، كان آخر عهد المطرانين اليازجي وإبراهيم بالحرية وحلب. عند الرابعة إلا ربعا، على ما يذكر فؤاد إيليا شفهياً لكل من قابله، اعترضت سيارة رباعية الدفع، زرقاء اللون، سيارة الـ«كيا السيراتو» الفضية. فتح الله كبود، سائق رجلي الدين ومرافقهما إيليا، كان قد تجاوز حاجز المنصورة بـ700 متر. حيا رجال «الجيش الحر» من أبناء المنطقة المطرانين في زيهما الديني وأفسحوا لفتح الله الطريق، قبل أن يلحظوا بعدها بدقائق، ظهور رباعية دفع يطارد ركابها الثمانية المسلحون، فتح الله ورفاقه. نزل المسلحون وانتشروا حول السيارة.
على بعد كيلومترين، لم يلحظ حاجز الأمن العسكري السوري شيئاً. لم يتقدم أحد من الجنود إلى المنطقة «المحايدة» بين مواقعهم التي تبدأ شمال الراشدين، ومواقع «الجيش الحر» الذاهبة نحو باب الهوى. فيلات ومنازل واطئة تتخللها مشاغل، تحيط بالطريق نحو حي الراشدين الشمالية. وحاجز الجيش كان بعيداً جداً بحيث يتعذر عليه أن يلحظ شيئاً حول الموكب المطراني. أما المجموعة المعترضة فكانت قد باشرت عملية الاختطاف دونما استعجال.
لم يترجل أحد من ركاب السيارات العابرة، ولم يبلغ فضول الحلبيين بهم حد المخاطرة بأكثر من النظر من بعيد. على ما يذكر فؤاد إيليا «ازدحمت الطريق بالسيارات المنتظرة انتهاء المشهد عن بعد». فور توقف «السيراتو»، هبط مسلح من رباعية الدفع، فتح الباب، انتزع فتح الله من مقعده، وألقى به خارجا، وأمسك بالمقود. كان فتح الله كبود في نصف الساعة التالية لا يزال على قيد الحياة. لمح إيليا ظهره مبتعداً نحو حاجز الراشدين العسكري، قبل أن يعثر عليه قتيلا في منطقة المعامل. قيل إن الرصاصة جاءته من قناص في مركز البحوث العلمية الذي يسيطر عليه الجيش النظامي، ثم نقل جثته صديق إلى كفرداعل القريبة، اتصل بأهله منها، وشاع بسبب الاتصال من كفرداعل أن المطرانين اختطفا فيها، وليس في المنطقة المحايدة بين حاجزي «الحر» في المنصورة و«النظامي» في الراشدين.
اللغة كانت حاجزاً
أربعة من الثمانية ترجلوا، وأتيح لفؤاد إيليا أن يحدق في وجوهم المكشوفة، فرأى فيهم ملامح القوقاز والشيشان الذين يرسلون «مجاهدين» إلى الشمال السوري بالعشرات، بقبعاتهم الصوفية، وأثوابهم الطويلة الموحدة «الطالبانية»، وسراويل آسيا الوسطى الرمادية، ولحاهم الطويلة. فتح بابه أيضا، وانقض عليه شيشاني أبكم. لا أحد من الخاطفين يتحدث اللغة العربية. كان خاطفه يستخدم الكلاشنيكوف مشيراً إليه بالنزول من السيارة. الغضب والتهديد بالكلاشنيوف، قابله بالرفض «لن أغادر، إنهم رجال دين». لم يكن أي حوار قد دار بين إيليا والشيشانيين، لم ينبس الخاطفون بكلمة واحدة.
على المقعد الخلفي لم يصدر عن بولس اليازجي ما يشير إلى قلق. خلال دقائق الخطف الأولى لم يقل ما يناقض رصانة الاكليريكي، كان المطران الأرثوذكسي هادئاً. إلى اليمين من المقعد الخلفي كان يوحنا إبراهيم «المقاوم» الآخر. احتج المطران السرياني الحلبي عبثا: «نحن رجال دين» بصوت رتيب مرتين. انقض الشيشاني المهتاج بعقب الكلاشنيكوف على زجاج نافذة المطران المحتج فحطمه، فانتهت المحادثة القصيرة الوحيدة بينهما. انتزع شيشاني آخر إيليا من مقعده، عند الدقيقة العاشرة على ما تسعف الذاكرة الرجل السبعيني. ألقى به أرضاً. استداروا بسيارة «السيراتو» نحو الشمال، باتجاه باب الهوى. صعد ستة شيشانيين إلى رباعية الدفع وانطلقوا بأسلحتهم الممدودة أفواهها من النوافذ في أعقاب «السيراتو».
صاح المطران يوحنا إبراهيم عبر النافذة المحطمة وغبار السيارة المقلعة «خبّر الشباب يا أبا رامي، خبّر الشباب». ثم اختفى المطرانان.
هل كان فخاً؟
ماذا جرى قبل الخطف، وهل وقع المطرانان في فخ معد؟ وهل كان الفخ معداً للمطران يوحنا إبراهيم، أم أن الخاطفين وقعوا بالمصادفة يوم الثاني والعشرين من نيسان على المطرانين في منطقة باب الهوى، فنظموا عملية سريعة لاختطافهما؟
لو صحت فرضية الفخ، فعندها سيكون الهدف من عملية الخطف المطران يوحنا إبراهيم وحده من دون المطران بولس اليازجي، لان وجود اليازجي في سيارة «السيراتو» الفضية إلى جانب المطران إبراهيم، لم يتقرر إلا في الساعات الأخيرة، وبمحض المصادفة. أما المطران يوحنا إبراهيم فكان حضوره في المنطقة وضمن شبكة علاقاتها عاديا. وقد لعب دورا منذ أن دخلت الحرب حلب، في التوسط لإطلاق الرهائن، وأصبح محور قضايا الوساطات والخطف، قبل أن يتحول هدفا.
كان المطران اليازجي مقيماً في إنطاكيا منذ أكثر من شهر بعد تنصيب شقيقه يوحنا اليازجي على الكرسي الإنطاكي، ثم قرر العودة إلى حلب للاحتفال بأسبوع الآلام. مساء الحادي والعشرين من نيسان أجرى اتصالا من إنطاكيا بالمطران إبراهيم، واتفقا على لقاء عند معبر باب الهوى، يعودان بعده معا إلى حلب. المطران اليازجي وصل ظهرا بسيارة أجرة تركية.
كان اللقاء عند الساعة 12,30 تقريبا أو الواحدة ربما. ولكن المطران يوحنا إبراهيم، يحضر لليوم الثاني إلى المنطقة الحدودية مبتعثا من البطريركية الأرثوذكسية الدمشقية والارمنية الكاثوليكية إلى سرمدا القريبة، لتسلم كاهنين خطفا في شباط الماضي على الطريق بين حلب ومشتى الحلو قرب حمص، هما الأبوان الارمني الكاثوليكي ميشال كيال والروم الأرثوذكس إسحاق معوض. كان يوحنا إبراهيم قد تمرس منذ أكثر من عام بالتفاوض لإطلاق المخطوفين، وشارك في أكثر من عشرين عملية ناجحة.
في 19 نيسان تسلم وسيط سوري في دمشق مليون ليرة سورية، تقاسم دفعها لإطلاق سراح الكاهنين المخطوفين كل من البطريركية الارمنية الكاثوليكية والروم الأرثوذكس.
من موعد أول قبل يوم من خطفه، ضربه له الوسيط بعد أن قبض المبلغ عبر البطريركية في دمشق، في صالة رياضة في سرمدا، خرج المطران يوحنا إبراهيم خاوي الوفاض. وليلا أعاد الوسيط الاتصال بالمطران في حلب وطلب منه العودة إلى سرمدا لتسليمه الكاهنين، في صالة الرياضة.
تتقاطع مصادر عدة في القول إن جماعة «جند الخلافة»، التي قادها أبو عمر الكويتي، هي التي نفذت عملية خطف المطرانين في 22 نيسان، بعد دقائق من عبورهما حاجز «الجيش الحر» في المنصورة شمال غرب حلب. وبحسب خبراء «الجهادية السورية»، تنتمي المجموعة الخاطفة، المؤلفة من 8 شيشانيين، إلى جماعة أبو عمر الكويتي، التي عرفت حتى أشهر قليلة باسم «جند الخلافة» قبل أن تغير اسمها إلى «لواء المسلمين».
وأبو عمر الكويتي يقود مجموعة من «المهاجرين»، من بينهم 200 مقاتل شيشاني، بحسب تقديرات خبراء الجماعات «الجهادية» السورية. والكويتي شيعي تسنن والده، واسمه الحقيقي حسين لاري، ويطعن سكان القرى القريبة من باب الهوى في إسلامه و«سلفيته»، بتلقيبه بأبي عمر الشيعي. وكان أبو عمر قد بايع محمد الرفاعي، أحد قدامى «الجهاد الأفغاني» المقيم في لندن خليفة على المسلمين.
وعندما خُطف المطرانان كان أبو عمر ينشر مقاتليه في قرى المنطقة حول معبر باب الهوى، في اطمه وعقربات وسرمدا وقاح، من مقره ويعمل تحت أنظار الاستخبارات التركية التي تنسق عمليات التسليح والهجمات في ميادين الريف الحلبي، عبر غرف الأركان في إنطاكيا. ويساعده أبو البنات الشيشاني، وهو الرجل الذي اشتهر بعمليات الذبح. وكان أبو عمر يعمل في الأراضي التركية لتنسيق عمليات دخول المقاتلين الأجانب إلى سوريا، بشهادة أبو أسامة العراقي، أحد المقربين من أبو بكر البغدادي، و«الدولة الإسلامية في العراق والشام». إذ كتب أبو أسامة العراقي للبغدادي مدافعا عن الكويتي، نافيا اتهامات بعمالته للنظام بسبب تشيع والده. وقال، على صفحته الالكترونية، إن «أبا عمر كان على الضفة التركية ولعب دورا كبيرا في إدخال المهاجرين إلى أرض الشام».
ومن المستبعد أن تتم عمليات الاختطاف في منطقة تبعد أقل من 20 كيلومترا من المجال الأمني للاستخبارات التركية، من دون علمها الفوري بكل المعطيات.
ولا ينطوي ذلك على أي اتهام من دون سند. كانت الاستخبارات التركية قريبة من عملية الخطف وعلى اطلاع كاف على عناصرها، لأنها تعرف مجموعة الكويتي الشيشانية، ولأنها كانت قادرة في أكثر من مناسبة على نفي قتل المطرانين، وتأكيد بقائهما على قيد الحياة، وعلمها بالجهة الخاطفة.
فعندما تحدثت صحيفة «زمان» التركية، قبل أسبوعين، عن ثلاثة متهمين، شيشاني وروسي وسورية، مهددين بالإبعاد من تركيا بسبب اتهامهم بالتورط في اختطاف المطرانين، كانت الاستخبارات التركية قادرة على تأكيد براءتهم، لمعرفتها بالجهة الحقيقية التي نفذت العملية. وهو ما لم يتوافر لـ«الجماعات العربية» في «الائتلاف الوطني السوري» والمعارضة.
وتقول مصادر كنسية، تابعت القضية مع السلطات التركية، إن «الاستخبارات التركية قالت لنا بعد المراجعة إن من اتهمتهم الصحف التركية، مجرد طلاب لجوء عادوا من سوريا، والمطارنة لا يزالون على قيد الحياة، ولكن لا دليل على ذلك. لم تصلنا رسالة منهم». من أين للاستخبارات أن تعرف لو لم تكن على صلة بالخاطفين؟
«الجيش الحر» هو آخر من شاهد المطرانين بيد الخاطفين ذلك اليوم. فعندما أقلعت رباعية الدفع وسيارة المخطوفين متجهة شمالا نحو باب الهوى، عبرت عند الرابعة من عصر الثاني والعشرين من نيسان حاجز «الجيش الحر» في نقطة المنصورة. الشاهد الأول على الخطف فؤاد إيليا قال: «عندما بلغنا الحاجز أخرج الشيشانيون قنابل يدوية ومتفجرات، وهددوا بتفجير قافلتهم ورهائنهم، إذا ما حاول عناصر الحاجز اعتراضهم» بحسب ما أبلغه عناصر الحاجز. وعلى طول العشرين كيلومترا، نحو باب الهوى، نصب «الجيش الحر» أربعة حواجز في المنطقة، لم يقدر لأي منها، في ما بعد، رصد قافلة الخاطفين التي اختفت بسرعة.
عملية التحقيق
ثغرات كثيرة في التحقيق من كل الأطراف، ستكلف المطرانين إطالة احتجازهما، وفقدان الاتصال بهما، والمخاطرة بحياة الأب اليسوعي باولو دالوليو بإرساله إلى الرقة، معقل «الدولة الإسلامية في العراق والشام». ويعود اختفاء الأب اليسوعي الايطالي الأصل، ورئيس دير مار موسى، إلى توليه مهمة بحث الوساطة في قضية المطرانين لدى «الدولة الإسلامية» من تلقاء نفسه كما يقول مصدر غربي لـ«السفير»، مضيفا ان «المهمة تمت بعلم وموافقة رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان الكاردينال ليوناردو ساندري».
فيما ذكر نشطاء في مدينة الرقة أن مقربين من الأمير «أبو لقمان» والأمير «أبو حمزة» تولوا قتل الأب اليســوعي، الذي كــان يعــمل أيضا وسيطا في قضية خطف مقاتلين من «الدولة الإسلامية» صحافيين فرنسيين منذ شهر ونصف الشهر في الرقة، تتكتم السلطات الفرنسية على أنباء اختطافهما.
لم تشهد قضية المطرانين تحقيقاً جدياً يمكن منه الوصول إلى مفاوضات مع الخاطفين، بل لقد سلكت القضية منذ البداية طريق الاتهام السياسي ضد النظام أولا، من دون دليل قاطع، وهو ما أتاح دخول تجار الفدية على خط محاولات البحث عن طرف خيط من قبل الكنيسة و«الائتلاف» و«الجيش الحر».
وهذه خلاصة يتبناها كل من عملوا في الأيام الأولى للتحقيق في عملية الخطف. ولم تتوافر شهادة واحدة، حتى الساعة، تدل على أي لقاء بين وسطاء وأطباء والمطارنة، كما نحت إلى ذلك تصريحات بعض المسؤولين... بل لقد تبين لـ«السفير» انعدام أي دليل عليها. لم يبحث أحد في «النصيصة» التي أرسلها المطران اليازجي باليونانية، إلى صديق في اليونان، والى شقيقه البطريرك يوحنا اليازجي. «النصيصة» اليونانية قالت «نحن مخطوفون لدى القاعدة».
لم يذهب تحقيق النظام في القضية بعيدا جدا. جلستان قصيرتان عقد الأولى منهما الأمن العسكري مع فؤاد إيليا بعد عودته إلى حلب من رحلة التفتيش عن المطرانين في ريف المدينة، وجلسة تلت بعد أسبوعين مع أمن الاستخبارات الجوية للاستماع إلى رواية ما جرى.
لم يذهب تحقيق «الائتلاف» في المقابل و«المجلس العسكري الموحد» في حلب بعيدا أيضا. فالعقيد عبد الستار طويلة، المكلف بالقضية، لم يرفع أي تقرير عن القضية إلى اللجنة الأمنية في «المجلس الوطني» أو «الائتلاف». أما «الشرطة الثورية»، التي يقودها العقيد أديب الشلاف في حلب، «فكانت في بداية عهدها بالعمل، ولم تكن قد انتظمت أصلا لتحقق في المسألة» كما قال لـ«السفير» جورج صبرا.
صبرا، بصفته رئيس اللجنة الأمنية في «المجلس الوطني»، التي عكفت على قضية الخطف، أعادها إلى نقطة الصفر، ونسف كل الروايات. لم «نصل إلى أي اتصال مع وسطاء مباشرين. ذهبنا للعشاء مع أناس ادعوا أنهم وسطاء، طلبوا فدية، فطلبنا دليلا على حياة المطرانين، ثم دخلوا في عملية تسويف».
وماذا بشأن رواية المعارض ميشال كيلو، التي نشرها في «السفير» في 27 نيسان الماضي، وتحدث فيها عن إمارة أمنية خطفت المطرانين، ثم أطلقت سراحهما، لتخطفهما إمارة أمنية أخرى؟
«الرواية غير دقيقة، وغير صحيحة» قال صبرا.
عضو «الائتلاف» عبد الأحد اصطيفو، قال لوكالة «فرانس برس» في 25 أيار الماضي، إن «المعلومة الوحيدة الأكيدة بالنسبة إلينا هي قيام طبيب بزيارة المطرانين قبل يومين أو ثلاثة، وهما بصحة جيدة». يعلق جورج صبرا ان «القضية لم تتعد إرسال بعض الأدوية مع وسيط نثق به لا أكثر».
الرئيس أمين الجميل، تلقى في الثامن من أيار رسالة من صبرا، يخبره فيها أن المطرانين محتجزان في بشقاتين. الرئيس الجميل، الذي يتابع القضية، «يعتقد أن القضية ضبابية جدا».
ما قضية بشقاتين؟
تقع بشقاتين على بعد 20 كيلومترا شمال غرب حلب، ويسيطر عليها «الجيش السوري الحر». ساد الاعتقاد أن الخاطفين يحتجزون المطرانين فيها، لان مرافق المطرانين التقى رجلين من بشقاتين، في «عينجاره» قالا له إن جماعة يمكن أن تطلب فدية مقابل الإفراج عن المطرانين. والبلدة، كما يقول إيليا، «تسيطر عليها كتيبة الحرامية» وهو اعتقاد شائع لدى الأهالي: أي أن النظام يخترق «الجيش الحر» فيها، والجماعات التي تقاتله لا تمانع في التعامل معه أحيانا، لتسيير أمورها في المنطقة.
سيطرت بشقاتين على الأذهان ولا تزال، لان أحدا من المحققين لم يقدم عنوانا آخر، ولان أحدا لم يحاول الاستماع إلى الجماعة الشيشانية أو مساءلتها عن الأمر، أو مطالبة الراعي التركي بسؤالها أو استجوابها.
وقد يكون الأب اليسوعي باولو دالوليو قد دفع حياته ثمن محاولة البحث عنهما لدى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الرقة حليف أبو عمر الكويتي، المختفي منذ شهر. ويعود آخر ظهور له إلى الدانا في ادلب، إلى جانب أبو أسامة التونسي، أمير «الدولة الإسلامية» في المدينة، خلال مذبحة ضد تظاهرة لإحدى كتائب «الجيش الحر».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه