والغريب أن عدداً لا بأس به من البرلمانيين السويسريين يعارضون أي تعاون بين المصارف السويسرية والسلطات الأميركية.
عُرفت المصارف السويسرية في الماضي بمعارضتها الدائمة لأي اتفاق مع الخارج حول تبادل المعطيات المصرفية، على عكس البرلمان السويسري، الذي كانت غالبية أعضائه تؤيد أي خطوة في هذا الاتجاه.
أما اليوم، فيبدو أن الأدوار تبدلت لأن بعض المصارف السويسرية اقترب من إبرام اتفاقات مع السلطات الضريبية الأميركية لمدها بمعلومات مصرفية حساسة. والغريب أن عدداً لا بأس به من البرلمانيين السويسريين يعارضون أي تعاون بين المصارف السويسرية والسلطات الأميركية. وفي الوقت الحاضر، يعتبر الخبراء أن الطلبات الأميركية الموجهة إلى حكومة برن، والتي تعرف باسم «لكس يو إس أي»، سببت الرعب لكبار السياسيين السويسريين وللمصارف، لكنها أغضبت البرلمان السويسري.
وتتهم واشنطن مجموعة من المصارف السويسرية بفتح حسابات مصرفية لأغنياء أميركيين ليتهربوا من دفع ضرائبهم. وتعتبر هذه المصارف أنها تتعرض لعمليات «ابتزاز» أميركية مبرمجة تؤثر سلباً في نشاطاتها الخارجية.
ويشير المحللون إلى أن هذه المصارف دقت باب التفاوض مع السلطات الأميركية في حين يسود الانقسام البرلمان السويسري. فقسم من النواب يتعاطف مع السلطات الضريبية الأميركية، أما القسم الآخر، فيريد إلغاء السرية المصرفية السويسرية جزئياً.
ويرى كبار أساتذة الاقتصاد السويسريين أن السرية المصرفية السويسرية ما زالت مقدسة. فما يحدث اليوم ليس إلا إعطاء السلطات الضريبية الأميركية صلاحيات إضافية لدى المصارف. ويشير هؤلاء إلى أن تبادل المعلومات المصرفية بين سويسرا وأميركا يتم عبر لوائح، لافتين إلى أن 12 مصرفاً سويسرياً تستعد لإعطاء واشنطن لوائح تتضمن حركة بعض الحسابات المصرفية عموماً. ما يعني أن التحريات حول حسابات مصرفية لزبائن معينين لم تتم بعد.
ومع أن هذه اللوائح غير مكتملة إلا أن واشنطن تعتبرها مهمة جداً على رغم بقاء الحرب المصرفية التجسسية «الباردة» مع برن في مرحلتها الأولى. ولا شك في أن الانقسامات داخل البرلمان السويسري حول تسليم واشنطن معطيات مصرفية حساسة، دليل على أن حكومة برن تسعى إلى العثور على بديل مع واشنطن، بعيداً من المتناول. وفضلاً عن تسليم المعلومات المصرفية، على المصارف السويسرية دفع غرامات، تقدّر بملايين الدولارات إلى واشنطن. وإلا فإن فروعها في أميركا، قد تتعرض للإغلاق وهذا ما حصل، مثلاً، مع مصرفي «يو بي إس» ومصرف «فيغيلين» الذي عمل على تغيير اسمه ومالكه في سويسرا إضافة إلى دفع غرامة كبيرة في الولايات المتحدة.
ويُنتظر أن تستعد واشنطن وسلطاتها الضريبية لشن حملات هجومية أخرى، تستهدف المصارف السويسرية، التي توصف بالقلاع المالية التي لن ترضخ بالكامل لرغبة السلطات الأميركية.