انتصرت المؤامرة الأميركية مرحلياً من ضاحية بيروت الجنوبية إلى ميدان رابعة العدوية... ولا أقصد أن انفجاراً محدود الخسائر والدمار هو انتصار للمؤامرة الأميركية
الشيخ ماهر حمود
انتصرت المؤامرة الأميركية مرحلياً من ضاحية بيروت الجنوبية إلى ميدان رابعة العدوية... ولا أقصد أن انفجاراً محدود الخسائر والدمار هو انتصار للمؤامرة الأميركية، بل أعني أن الفكر الذي يحتضنه هذا الانفجار هو الانتصار الأميركي المرحلي، عندما يوجد هنالك فريق، ولو كان عدده لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، يزعم الانتساب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقتل الأبرياء دون أي وازع من دين أو ضمير، هنا المأساة، خاصة إذا ما اعتبرنا أن مثل هذا الانفجار الآثم هو جزء من الانفجارات اليومية المجرمة التي تحصل في العراق على خلفية مذهبية بغيضة.
نحن على يقين من أن هدف هذا الانفجار الآثم لن يتحقق. لقد خرج جمهور الضاحية الجنوبية بعد عدوان تموز 2006، وبعد الدمار الهائل وبعد سقوط العدد الكبير من الشهداء يقول بصوت واحد، فداء المقاومة أبناؤنا وبيوتنا وثرواتنا وكل ما عندنا، فداء للمقاومة ولقائدها وأبطالها وأهدافها... نحن على يقين من أن جمهور المقاومة سيقول اليوم الكلام نفسه وسيقف الموقف نفسه، ولكن المؤلم هو هذه الخلفية المذهبية التي يفترض أنها خلف هذا الانفجار.
إننا نقول بالفم الملآن إن الذي وضع هذا الانفجار أو خطط له أو موّله هو جزء من المؤامرة الإسرائيلية الأميركية كائناً ما كان الاسم الذي يحمله، وكائناً ما كانت الهوية التي يحملها، وإن هؤلاء إن كانوا فعلاً ينتمون إلى جهة مذهبية تزعم الدفاع عن أهل السنّة والجماعة، نقول لهم أنتم خوارج، كلاب أهل النار كما ورد في الحديث الشريف، ولستم من أهل السنّة والجماعة، وليس انتماؤكم إلى أبي بكر وعمر وعثمان، ولا إلى الشافعي وأبي حنيفة ومالك وابن حنبل، ولا إلى ابن تيمية الذي حارب التتار بنفسه وحاور المخالفين بالعلم والحجج والبراهين وليس بالقتل العشوائي المجاني. راجعوا ما أنتم عليه، وسترون بالتأكيد أن فقه وتراث وتاريخ أهل السنّة والجماعة يستحيل أن يعطيكم الدليل المزعوم على أفعالكم الفاجرة هذه...
نقول بالفم الملآن للمتعصبين والمتخلفين من أي مكان.. اليوم السنّة ليسوا سنّة والشيعة ليسوا شيعة: ليس هنالك في التاريخ الإسلامي كله تجربة شيعية سياسية تحمل هموم الأمة وشعارات الإسلام: فلسطين، وحدة الأمة، مواجهة الاستكبار... إلخ، كان همّ التجارب الشيعية السياسية فقط أن يحافظوا على كيانهم المميز وشعاراتهم الخاصة ضمن البحر الإسلامي الواسع.
كذلك لم توجد في تاريخ الإسلام فئة تدّعي تمثيل المسلمين تستعين بالعدو الخارجي الرئيسي كأميركا لإقامة حكم إسلامي مزعوم أو تصالح أميركا وتعادي المسلمين الآخرين لتحقيق أهداف إسلامية مزعومة، هؤلاء ليسوا سنّة بالمعنى الفقهي التاريخي، وأولئك ليسوا شيعة بالمعنى التاريخي التقليدي، في يوم ما قريب إن شاء الله ينبغي أن يتم دمج السياسة والمقاومة التي عليها «الشيعة» اليوم (نقصد المقاومة ومحورها) مع الفقه والتاريخ السنّي، ليشكل هذا الدمج شرطاً ضرورياً ومقدمة لا بد منها لزوال إسرائيل.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه