23-11-2024 12:50 PM بتوقيت القدس المحتلة

«الجزيرة» وأميركا «دونت ميكس»

«الجزيرة» وأميركا «دونت ميكس»

وتتهم الحملة «الجزيرة أميركا» بأنّها تنتمي إلى «صحافة الإرهاب»، وبأنّها «صوت الإخوان المسلمين». وفي حديث لـ «السفير» يسأل كينكايد: «كيف ستكون مستقلة عن قطر، حيث لا وجود لحرية الكلام وحرية الصحافة؟».

رنا الفيل / جريدة السفير

من داخل غرفة الأخبار في القناة (عن "فايسبوك")بعد حملة إعلانيّة مكثّفة دامت أسابيع، ينطلق اليوم رسمياً بث «الجزيرة أميركا»، لتدخل القناة القطرية ما يقارب 48 مليون منزل في الولايات المتحدة. يأتي ذلك في جوّ من الترقّب والحذر.

فبالنسبة لأميركيين كثر، يرتبط اسم «الجزيرة» بتنظيم القاعدة، بسبب بثها تسجيلات أسامة بن لادن، التي عدّتها واشنطن ترويجاً للإرهاب. ويتهمها أميركيون كثر بأنها لعبت دوراً معادياً للولايات المتحدة في حرب العراق، ويتخوفون من ارتباطها بالجماعات الإسلامية، خصوصاً «الإخوان المسلمين».

وفي محاولة لفصلها عن «الجزيرة» الأمّ، بدأ العاملون في «الجزيرة أميركا»، ومعظمهم من الأميركيين، تسميتها بعبارة AJAM اختصاراً. لكن لا شيء يضمن أن يساعد التخفف من كلمة «الجزيرة»، في جذب الجمهور الأميركي، ذلك أن محاولات إيقافها لم تهدأ. ومن بين تلك المحاولات، حملة يقودها كليف كينكايد، مدير «مركز الصحافة الاستقصائية والدقة في الإعلام». وتتهم الحملة «الجزيرة أميركا» بأنّها تنتمي إلى «صحافة الإرهاب»، وبأنّها «صوت الإخوان المسلمين». وفي حديث لـ «السفير» يسأل كينكايد: «كيف ستكون مستقلة عن قطر، حيث لا وجود لحرية الكلام وحرية الصحافة؟». ويضيف كينكايد: «كلّ ما نطلبه هو أن يعقد الكونغرس جلسة استماع وينظر في «الجزيرة» كخطر على الأمن القومي، لكن الكونغرس يرفض ذلك، لأنّ «الجزيرة» تستخدم جماعات ضغط «لوبي» كي تحول دون أن يطالها أيّ تحقيق».

غير أن فيليب سيب، أستاذ الصحافة والديبلوماسية العامة في جامعة جنوب كاليفورنيا، ومؤلف كتاب «تأثير الجزيرة» لا يوافق على الانتقادات الموجّهة لـ «الجزيرة أميركا». ويقول لـ«السفير» ان «الذين لا يحبون «الجزيرة» في الولايات المتحدة لأسباب سياسية، على اعتبار أنّها متطرّفة، لن يشاهدوها. لكن القناة لا تتطلع إليهم، بل إلى جمهور مثقف»، على حدّ تعبيره. ويضيف سيب أن «النموذج الذي ستتبعه «الجزيرة أميركا» هو «الجزيرة إنكليزية»، وليس نموذج القناة الأم الناطقة بالعربيّة، ما يدعو إلى التفاؤل.

يشار إلى أن «الجزيرة إنكليزيّة» لم تتمكن من الحصول على توزيع خارج نيويورك وواشنطن، بسبب مشاكل واجهتها مع مزودي الكابلات، ما جعلها تعتمد على البث عبر الإنترنت للوصول إلى الجمهور الأميركي. لكن مع شراء «كارنت تي في» من نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور (بمبلغ قيل إنّه بلغ 500 مليون دولار)، تمكنت الشبكة من تأمين توزيع واسع لـ «الجزيرة أميركا». وخلافا لـ «الجزيرة إنكليزية»، ستركز AJAM على الشؤون الداخلية الأميركية مع مساحة تغطية أصغر للأخبار العالمية.

ويأتي إطلاق «الجزيرة أميركا» في وقت تعاني المؤسسات الإعلامية الأميركية أزمة مالية حادّة، أدت إلى خفض الرواتب وصرف الكثير من الصحافيين. وعندما أعلنت «الجزيرة أميركا» عن وجود 800 وظيفة شاغرة ضمن فريقها، وصلها نحو 40 ألف طلب.
ومن بين الذين وظفتهم الإدارة، عدد غير قليل من الأسماء المعروفة في الإعلام الأميركي، تمّ استقطابهم من محطات مثل «سي أن أن»، و«أن بي سي»، و«آي بي سي»، و«سي بي أس». وتنوي «الجزيرة أميركا» المنافسة مع هذه القنوات الكبرى.

ومنذ أيام، تنشغل الصحافة الأميركية بخبر انطلاق «الجزيرة أميركا». ونشر الموقع الإلكتروني لـ «نيو جرسي توداي» مقالة بعنوان «الجزيرة تجتاح أميركا». وكتبت «دنفر بوست» أن لدى «الجزيرة» «أموالاً، وصحافيين بارزين، ومشكلة صورة». واعتبرت «لوس أنجلس تايمز» أن دمج «الجزيرة» بأميركا «ليس بالتلاؤم الآتي من الجنة». لكن يبدو أنّ لا شيء يؤثر في عزم إدارة «الجزيرة أميركا» دخول السوق الأميركية. وستغطي عبر مكاتبها التي يصل عددها إلى 12، مناطق مثل ديترويت، وناشفيل، ونيو أورليانز، التي نادراً ما يتمّ التركيز عليها في القنوات الإخبارية الأميركية الكبرى.

شعار قناة الجزيرة أميركاوتستعين الشبكة القطرية الأم، بشركات العلاقات العامة وشركات التسويق للترويج لـ«الجزيرة أميركا» واستقطاب الجمهور الأميركي. لكن من المتوقع أن تواجه القناة الجديدة تحديات كبيرة ليس فقط تلك المتعلقة بصورتها السلبية في ذهن الكثير من الأميركيين. ويقول سيب ان السوق الإعلامية في الولايات المتحدة «مزدحمة ومن الصعب اختراقها». ويشير إلى أنّه «سيكون على «الجزيرة أميركا» أن تقدم شيئاً مختلفاً ولست أدري ما هو»، مضيفاً «سنكتشف ذلك في الأيام القادمة».

ويقول المحللون ان إطلاق «الجزيرة أميركا» يندرج ضمن استراتيجية قطر القائمة في السعي لنفوذ عالمي عبر الإعلام، وهو ما حققته بالفعل الدولة الخليجية الصغيرة من خلال «الجزيرة» العربية.

ورداً على سؤال «السفير»، يقول الصحافي كريستيان شينو، أحد مؤلفي الكتاب الفرنسي «قطر: أسرار الخزينة»، إنّ إطلاق «الجزيرة أميركا» يأتي في وقت «تهتز صورة قطر كلياً في الدول العربية والغربية، لمساندتها «الإخوان المسلمين» ومجموعات إسلاميّة أكثر تطرفاً في سوريا». ويعتبر شينو أن قطر التي ستعود إلى «حجمها الطبيعي»، تحاول أن تبقي على نفوذها عبر إيجاد أسواق جديدة لـ«الجزيرة»، بما فيها الولايات المتحدة.