25-11-2024 04:50 AM بتوقيت القدس المحتلة

"الوطن" .. دراما أميركية المسلمون فيها إرهابيون واليهودي طيب

يقدّم المسلسل تعاوناً غير معقول بين عناصر القاعدة يدعمهم حزب الله وهو سيناريو مستحيل نظراً الى العداء بين هذه المذاهب الإسلامية. لكنهم جميعا، بمن فيهم المسلمون الأمريكيون، يبدون متحدين بعدائهم لأميركا

لقطة من مسلسل الوطن الأميركيرغم افتراضاته البعيدة الإحتمال، وحبكته السخيفة وشخصياته التي لا يمكن احتمالها، فإن مسلسل "الوطن" حصل على أعلى نسبة متابعة على شبكة ‘شوتايم’ التلفزيونية، فأصبح معشوق النقاد واكتسح جوائز إيمي وغولدن غلوب في عدة تصنيفات منذ ظهوره. الملايين من المشاهدين حول العالم، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما، مدمنون عليه. لقد أعلن عن الموسم الثالث له وسيبدأ بالبث في 29 ايلول (سبتمبر) القادم.

مبنيّ على المسلسل الاسرائيلي هاتوفيم، يتابع مسلسل ‘الوطن’ الشخصية ثنائية القطب لعميلة المخابرات الأمريكية كاري ماتيسون (كلير دينس)، التي يتم بداية تحذيرها من أن الرقيب البحري نيكولاس برودي (داميان لويس)، الذي قام تنظيم القاعدة بإطلاقه بعد 8 سنوات من الإعتقال، قد تم إقناعه، من قبل أبو نزار، القيادي في القاعدة الذي خطفه، بأن يعمل مع التنظيم ضد وطنه، الولايات المتحدة الامريكية.

من المؤكد أن برودي قد اعتنق الإسلام لكن علاقته بالإرهاب تبقى غامضة. بعد ذلك لا تقتنع كاري ببراءته، بل تصبح عشيقة له، حيث إنه يقوم بمساعدتها ظاهريا باعتقال الإرهابي الخطير أبو نزار، الذي يتغلب بذكائه على المخابرات الأمريكية مفجراً مركزها الرئيسي مما يؤدي لمقتل كبار ضباطها.

وبينما قام العديد من النقاد بمديح المسلسل باعتباره انعكاسا للواقع، إعتبر بعضهم الآخر المسلسل تحريضا على رهاب الإسلام (اسلاموفوبيا) ويفتقد الصدقية الواقعية، مشيرين الى أن كل المسلمين الموجودين في المسلسل، بغض النظر عن أصولهم، ومستواهم التعليمي أو المالي ليسوا غير إرهابيين أو مرتبطين بالإرهاب.

ممثلة أميركية تؤدي دور امرأة مسلمة في مسلسل الوطنواحدة من الشخصيات لصحافية فلسطينية علمانية متخرجة من أكسفورد، رويا حمدان، والتي لديها علاقات واسعة مع أعضاء بمجلس الشيوخ ومع رئيس السي آي اي، ومع ذلك فهي تعمل لصالح أبو نزار وتساعده بتنفيذ هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة. ونعلم لاحقا، أن حافزها هو الإنتقام لتهجير عائلتها من فلسطين. وخلق هذه الشخصية يكشف جهل صنّاع المسلسل للسياسة في الشرق الأوسط، حيث أنه لم تسجل أية محاولة أو تهديد من قبل فلسطينيين، ولا حتى من قبل حركة حماس، للقيام بهجمات على الأراضي الأمريكية. اكثر من ذلك، فالإسلاميون لا يثقون أبدا بالعلمانيين، وهو أمر واضح من خلال العلاقات بين حركتي حماس وفتح في فلسطين، وبين الليبراليين والأخوان المسلمين في مصر.

يقدّم المسلسل أيضا تعاوناً غير معقول بين عناصر ‘القاعدة’، يدعمهم حزب الله وهو سيناريو مستحيل نظراً الى العداء بين هذه المذاهب الإسلامية. لكنهم جميعا، بمن فيهم المسلمون الأمريكيون، يبدون متحدين في عدائهم الإنتقامي لأمريكا. بل أن صنّاع المسلسل أرادوا أن يقوم الأمريكي المعتنق للإسلام، الرقيب برودي، بتفجير نفسه وقتل كل من حوله، بمن فيهم الوزراء الأمريكيون ونائب الرئيس، لكن لويس رفض الفكرة.

يقول الممثل ‘قلت لهم، أوه، انتظروا لحظة، لقد كنا نخطئ خطأ دقيقا حول حقيقة أن اعتقاد برودي بالإسلام، دينه الجديد، كان قوة دافعة نحو الخير بالنسبة له، وكنا نحاول جاهدين ان لا نقوم برسم خط متواز بين الإسلام والعنف، لأنني غير مهتم بمسلسل يقوم بذلك’. وبالنتيجة قام كتاب المسلسل بحافز شخصي آخر، لا يقل تصديقه صعوبة عن الأول، وهو أن برودي يريد قتل نائب الرئيس إنتقاما لطفل افغاني يدعى عيسى، والذي قام بتبنيه خلال فترة أسره وما لبث أن قتل بهجوم لطائرة دون طيار أمريكية، بأمر من نائب الرئيس الأمريكي.

"عند لقائي بلويس، فزعت من اتساع مداركه ومعرفته وعمق فهمه للشرق الاوسط والإسلام. لقد زار عددا من البلدان هناك، حيث قام باحتضان الثقافة وأسس لصداقات. ومع ذلك فهو ما يزال يؤمن بصدقية وصحة المسلسل. ‘لم تكن القصة تماما إكتشاف عنصر مارينز أمريكي للإسلام، يقرر بعده أن يذهب ويفجر الناس" يقول الممثل البريطاني.

معتنقو الإسلام عادة يكونون فخورين بالديانة التي يناضلون لنشرها حولهم ويختارون عادة إسما عربيا. برودي، مع ذلك، يخفي دينه الجديد من الأشخاص الذين يحبهم، عن زملائه وأصدقائه، كما لو كان يهوديا في عالم نازيين. إضافة الى ذلك، إنه لا يلتزم بالقواعد الإسلامية، فهو يشرب الكحول، ويزني ولا يدخل الجوامع، لكن المسلسل يذكرنا من حين لآخر بانه مسلم من خلال صلواته وميله لإرتكاب عمل ارهابي. وعندما تكتشف زوجته المسالمة وهو يصلي لله، فإنها تتصرف كما لو أنه قام بأكثر الجرائم المتخيلة بشاعة، رامية بالقرآن على الأرض كما لو كان قمامة مسمومة. هل كان صانعو المسلسل يقولون لنا إما أن الإسلام شيء سيئ لنا أو أن الأمريكيين جهلة ومتعصبون وغير متسامحين؟.

المخابرات الأمريكية، من جهة أخرى، يتم تصويرها كما لو كانت منظمة مختلة موبوءة بالتنافسات الشخصية، ومتورطة في اغتيالات غير قانونية ومجردة من أية معايير أخلاقية. أكبر الوكالات الاستخبارية في العالم ليست كفؤة لدرجة ان إرهابيا إسلاميا يتمكن من اختراقها بأكثر الوسائل بدائية وبعد ذلك يفجر مركزها الرئيسي، قاتلاً ضباطها القياديين. ربما عليهم ان يزوروا مستشفى نفسياً ويجندوا أشخاصاً مجانين مثل كاري للحفاظ عليهم وعلى أمريكا بأمان.

لحسن الحظ، في المسلسل شخص يهودي "طيب"، شاول، رئيس قسم مكافحة الإرهاب ومرشد كاري، الذي يتصرف باعتباره صوت العقل، البوصلة الأخلاقية وضمير الإنسانية ..!!. هو أيضا يردد صلوات يهودية فوق أجساد الاشخاص الذين ذبحهم المسلمون ‘المثيرون للإشمئزاز′.