تقول المعلومات الأمنية المتوفرة لـ«السفير» أن سيارتين محملتين بمئة كيلو غرام من مادة الـ «تي إن تي» الشديدة الانفجار، في كل منهما، دخلتا الى شوارع طرابلس ظهر يوم الجمعة المنصرم
كيف تم تفجير المسجدين في طرابلس؟
غسان ريفي
تقول المعلومات الأمنية المتوفرة لـ«السفير» أن سيارتين محملتين بمئة كيلو غرام من مادة الـ «تي إن تي» الشديدة الانفجار، في كل منهما، دخلتا الى شوارع طرابلس ظهر يوم الجمعة المنصرم، الأولى، من نوع «فورد» رباعية الدفع لونها زيتي، والثانية من نوع «ب أم X5» رباعية الدفع أو من طراز «مرسيدس ML».
وعند الواحدة و20 دقيقة سلكت سيارة «X5» او الـ«مرسيدس ML» طريقها باتجاه مسجد «التقوى» الذي كانت السيارات تحيط به من كل مكان، تواكبها سيارة أخرى مجهولة، وقد حاول السائق رصفها صفا ثانيا مقابل الباب الرئيسي للمسجد القريب من المنبر الذي كان يخطب عليه الشيخ سالم الرافعي، محاولا إيهام الحرس بأنه يريد الاسراع الى المسجد ليؤدي الصلاة قبل بدايتها، لكنهم لم يسمحوا له بالتوقف، وطلبوا منه إيجاد مكان آخر في الباحة الملاصقة للمسجد.
وبالفعل وبحسب المعلومات، فقد انتقل السائق بسيارته الى الباحة المحاذية للمسجد حيث يوجد معرض للسيارات ومحل لبيع الخرطوش ولوازم الصيد وصيدلية ومتجر لبيع البرادي و«محامص الأمين»، فسارع الى رصفها أمام أحد باعة العصير الموجود في الباحة وترجل منها وطلب منه كوبا من العصير وأعطاه 20 ألف ليرة لبنانية، وفيما كان البائع يفتش في صندوقته ليرد له المال، سارع السائق الى المغادرة تاركا وراءه السيارة التي لفتت أنظار الباعة، فحاول الشهيد فراس جابر (بائع عصير ليمون) اللحاق به لتوقيفه قبل أن يستقل سيارة أخرى كانت في انتظاره والفرار من المكان، لكن الانفجار كان أسرع فدوى عند الواحدة والنصف تماما فأصاب فراس، ومعه المئات من الشهداء والجرحى ودمر محيط المسجد بكامله وأحدث حفرة قطرها 3 أمتار وعمقها متران.
وساهمت المواد المتفجرة في المحل المعد لبيع الخرطوش ومعرض السيارات في تأجيج الحريق وتوسع رقعته.
وترجح المعلومات أن السيارة كانت مجهزة بساعة توقيت، لأن الانفجار كان معدا لحظة خروج المصلين من المسجد لقتل أكبر عدد منهم، لكن تأخيرا حصل نتيجة عطل في المولد الكهربائي أدى الى إطالة أمد الخطبة فانفجر بينما كان المصلون ما يزالون داخل المسجد.
بعد التفجير الأول، انطلقت السيارة الثانية وهي من نوع «فورد» بمواكبة سيارة مجهولة، باتجاه مسجد «السلام»، ولدى وصولها الى المكان لم يجد سائقها إمكانية لرصفها مقابل الباب الرئيسي للمسجد، بسبب وجود زحمة سيارات وعربات الباعة، فتقدم بها وأوقفها في المكان الذي يفصل بين باب المئذنة ومدخل مجمع «ماكس» التجاري.
وترجل السائق منها سريعا بحجة الدخول الى المسجد للصلاة قبل انتهاء الشيخ بلال بارودي من الخطبة، لكنه عدل من مساره باتجاه الشارع العام وركب السيارة التي كانت تواكبه وفر بها الى جهة مجهولة، لتنفجر سيارة «الفورد» وتحصد المئات من الشهداء والجرحى وتخلف أضرارا مادية جسيمة في الممتلكات والأبنية السكنية وتحدث حفرة قطرها أربعة أمتار وعمقها ثلاثة أمتار.
وكذلك الأمر فان إطالة الشيخ بارودي لوقت الخطبة هو الذي حمى المصلين من مذبحة حقيقية.
وعلمت «السفير» أن الأجهزة الأمنية تعمل حاليا على تحليل الاتصالات التي أجريت على مدى 24 ساعة قبل الانفجارين وبعدهما، من البحصاص عند المدخل الجنوبي لطرابلس وحتى البداوي عند المدخل الشمالي، كما تم سحب كل محتويات كاميرات المراقبة في محيط المسجدين وفي كل الشوارع القريبة التي يمكن أن تكون السيارتان قد سلكتاهما وذلك لكشف أي خيط يمكن أن يقود الى معرفة الفاعلين.
وتشير المعلومات الى أن عصف الانفجارين ذهب في اتجاهات بعيدة عن الهدفين، ففي مسجد «التقوى» ذهب باتجاه بساتين السقي ومستديرة أبو علي، وفي مسجد «السلام» ذهب باتجاه مستديرة الميناء، ما يشير الى حالة الارتباك التي كانت تسيطر على السائقين اللذين كانا يقودان السيارتين، وتؤكد التحليلات أنه لو كان العصف باتجاه المسجدين لكان ارتفع عدد الشهداء والجرحى، ولكانت الأضرار المادية مضاعفة لا سيما في موقع مسجد «السلام» الذي تحيط به الأبنية السكنية من كل جانب.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه