تتعرض تركيا للضغوط اسبوعا اخرا في سعيها لرفع قيمة عملتها واعادة النمو الى اقتصاد هذا البلد الذي يقف في مقدم الدول الناشئة التي تواجه هجرة للاستثمارات
تتعرض تركيا للضغوط اسبوعا اخرا في سعيها لرفع قيمة عملتها واعادة النمو الى اقتصاد هذا البلد الذي يقف في مقدم الدول الناشئة التي تواجه هجرة للاستثمارات بعدما صدرت مؤشرات عن الاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) تفيد عن خفض الدعم الذي ساهم في تنشيط الاقتصاد الاميركي وتحفيز النمو في الخارج.
وانهى البنك المركزي التركي اسبوعا صعبا بعد رفع للفوائد وتدخل في سوق صرف العملات الاجنبية، مخفقا مجددا في وقف تراجع الليرة التركية واسعار الاسهم، او في منع رفع سعر الفائدة على القروض العشرية. في هذا الوقت، آثرت تركيا التأكيد على ان الاحتياطي الفدرالي الاميركي يقوم بتأجيج المخاوف في الاسواق والوعد بخروج تركيا قريبا من الازمة وتعافي الليرة. واظهرت احداث الاسبوع الماضي تغييرات في الاتجاه من جانب البنك المركزي التركي كما ولدت اشكالية حيال النمو بالنسبة للحكومة.
وفي البنك المركزي، ازدادت التصريحات بشأن التصميم على زيادة القيود في السياسة المالية عند الحاجة منذ اعلان المركزي التركي تدابير طوارئ في مطلع تموز/يوليو. كما عمدت الحكومة الى تغيير نبرتها منذ هجوم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان قبل ثلاثة اشهر على المطالبين بزيادة الفوائد وسط توتر اجتماعي كبير هو الاخطر منذ وصوله الى الحكم في العام 2002.
وقبل اعلان البنك المركزي الذي يتمتع باستقلالية، تدابير الطوارئ التي تشمل استخدام الاحتياطي من العملات الاجنبية لشراء الليرة، كرر اردوغان مرارا ان البنك المركزي سيقوم بكل ما يلزم لعدم زيادة معدلات الفوائد، املا في الحفاظ على النمو. لكن رغم ذلك حذر المحللون من ان نسب الفوائد المرتفعة التي كان لها اثر تحفيزي للاقتصاد التركي ولطموحات تركيا في المنطقة، كانت معتمدة بشكل مفرط على الاقتراض وادت الى نسب عجز مقلقة في ميزان المدفوعات. والاقتصاد التركي يعاني اصلا وضعا ‘هشا’ بسبب الاقتراض المفرط والتخلف عن السداد العائد بشكل اساسي الى استثمارات مالية خارجية قصيرة الامد، وفق ما كتب الصحافي ايجي كانسن في صحيفة حريات التركية السبت، معتبرا ان التغيير المتوقع في السياسة الاميركية كشف عن مشاكل مزمنة.
وبدا التخبط المالي واضحا في العام 2011 عندما وصل التخلف في سداد الاموال المستحقة الى نسبة 10 بالمئة من الدخل القومي و’فشل’ صانعو السياسات في تطبيق مشروع لتخفيف الضغوط عن الاقتصاد المحلي والتخفيف من التوسع الائتماني والسماح لسعر الليرة بالهبوط، وفق كانسن. وحققت تركيا، الدولة الكبيرة البالغ عدد سكانها 76 مليون نسمة والتي يحتل اقتصادها المرتبة السابعة عشرة عالميا، نموا اقتصاديا كبيرا في العقد المنصرم بعد ازمات اقتصادية خانقة عاشتها البلاد وخطط انقاذ من صندوق النقد الدولي، لتصبح اليوم قوة اقتصادية كبرى في المنطقة.
وقد قام حزب اردوغان، العدالة والتنمية، الذي وصل الى السلطة بعد الازمات الاقتصادية وفاز بثلاث انتخابات متتالية، ببناء طموحاته الاقليمية على النمو المرتفع. لكن الحكومة تتوقع حاليا نموا لا يتجاوز 4 بالمئة خلال العام الجاري، اي نصف ما تم تحقيقه قبل عامين. لكن على رغم الازمة، تصر الحكومة على طمأنة شعبها.
واعتبر المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية حسين شيليك الخميس ان كل بلدان العالم باتت عرضة للتقلبات الاقتصادية بفعل انكشافها على تطورات الخارج في عالم مفتوح. وقال ‘عندما يعطس احدهم في بورصة نيويورك، فإن احدهم في بورصة اسطنبول قد يصاب بالزكام’.
واكد ان الحكومة التركية لا يمكنها التساهل في الموضوع الاقتصادي وعليها اتخاذ ‘تدابير’ في هذا الاطار. والاسبوع الماضي، قرر البنك المركزي رفع سعر القروض لليلة واحدة بنسبة 0,5 نقطة مئوية لتصل الى 7,75 في المئة، بعد زيادته بواقع 0,75 نقطة نهاية تموز/يوليو. لكنه ابقى سعر اعادة الشراء عند 4,5 في المئة، وكان لزيادة هذا المؤشر يضاف اليه التدخل على سوق العملات الاجنبية اثر محدود على الليرة التي تراجعت بنسبة تقارب 12′ منذ شباط/فبراير وتم تداولها عند سعر 1.9914 مقابل الدولار عند اقفال الجمعة.
واكد محللون ماليون ان التدابير المتخذة من جانب البنك المركزي معقدة للغاية، متوقعين امكان دعوة البنك الى اجتماع طارئ لبحث سياسته النقدية خلال الايام المقبلة. وقال كبير خبراء الاستثمار في ‘اتش اس بي سي است مانجمنت تركيا’ علي كاكر اوغلو ان السياسة المالية لا تستطيع التعويض بشكل كامل عن ضعف الاصول التركية، مضيفا انه ‘من المرجح بقوة’ عقد البنك المركزي اجتماعا لبحث سياسته المالية. واعتبر ان رفع نسب الفوائد بشكل كبير مضافا اليه توجيه رسائل واضحة بشأن التوقعات للسياسة المالية، قد يساعدان في اعادة الاستقرار لليرة التركية.