معركة ريف دمشق وارتباطها بالقلمون الدمشقي...
معركة ريف دمشق وارتباطها بالقلمون الدمشقي...
اكتسبت السلسلة الشرقية الواقعة بين لبنان وسوريا و خصوصا القرى السورية منها على وجه التحديد أهمية كبرى نظرا لوقوعها بالقرب من الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحمص وسط سوريا والذي بدوره يفتح الطريق بين العاصمة السورية والساحل وبينها والشمال نحو مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا وريفها.
وتسمى تلك المنطقة بالقلمون الدمشقي البعيد والقلمون الدمشقي القريب وهذه القرى شكلت خلال السنتين الماضيتين شريان الحياة لجميع الإمدادات العسكرية التي حصل عليها مسلحو المعارضات السورية الذي يقاتلون الحكومة السورية في ريف دمشق. وكانت الزبداني اولى البلدات التي استقبلت المسلحين الأجانب وحملت السلاح في وجه الدولة، و هذه القرى تبدأ من البريج قرب حمص حتى رنكوس على مقربة من دمشق وهي معروفة منذ عشرات السنين انها ممر حيوي للتهريب بين لبنان وسوريا الذي انقلب منذ سنتين من الطابع السلمي المعيشي الى الطابع العسكري، مع زيادة عمليات تهريب مادة المازوت التي يحصل عليها مسلحو جبهة النصرة من آبار ومصافي دير الزور لتمويل حربهم ومصاريفهم ويستقدمونها عبر صهاريج تعبر طريق البادية الطويل الى القلمون، ومن ثم تدخل الى لبنان عبر جرود بلدة عرسال البقاعية.
ويكفي النظر ملياً على الخريطة حتى ندرك مدى اهمية هذه المنطقة في تثبيت الأمن والاستقرار في ريف دمشق، ولا بد للدولة السورية التي تشن منذ شباط الماضي عملية هجوم معاكس في الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق أن تدخل قرى القلمون حتى تثبت سيطرتها على ريف دمشق وصولا الى تأمين هذا الريف الشاسع والمكتظ بالعشوائيات التي تجعل من معركة استعادة السيطرة عليه وتأمينه مستحيلة طالما بقيت منطقة القلمون تحت سيطرة مسلحي المعارضة السورية ومفتوحة على لبنان في عرسال، كما ان تأمين طريق دمشق- حمص يفرض على الجيش السوري مسألة استعادة السيطرة على القلمون التي لها ايضا إطلالة على طريق البادية المتجه نحو العراق والذي تعتبره الدولة السورية شريان حيويا لا يمكن التفريط فيه مهما كلف الثمن.
هذه الأولويات الاستراتيجية الخاصة بالعاصمة السورية ومحيطها قد تحتم فتح جبهة القلمون بشكل كبير وواسع في الفترة المقبلة حيث يفترض ان يبدأ الجيش العربي السوري حملة عسكرية واسعة في تلك البلدات والقرى التي تحوي حوالي ثلاثين ألف مسلح مدججين بكافة انواع الأسلحة ولهم طريق امداد الى لبنان عبر عرسال التي يجب التعامل معها في أية عملية عسكرية في القلمون بمثابة طريق امداد وقاعدة اسناد خلفي ومشفى ميداني وراء الحدود وخزان بشري يمكن له مد يد العون العسكري واللوجيستي يشعر فيه مسلحو جبهة النصرة بالارتياح كون عرسال تقع في الأراضي اللبنانية، كما أن ضرورة وقف عمليات اطلاق الصواريخ على قرى البقاع الشمالي لا يمكن ان تتم دون السيطرة على قرى القلمون في سوريا.
من هذه البلدات كانت بداية قصة توافد مئات المسلحين السلفيين الى لبنان عبر عرسال. وفي الآونة الأخيرة أتت عمليات التفجير في الضاحية الجنوبية لبيروت وأكثر من منطقة لبنانية لتضع منطقة قرى القلمون السوري في مكان المتهم الذي من خلال وعبره مرت المواد المتفجرة ودرب المسلحون الذين نفذوا التفجيرات الإرهابية. وقد اتت أحداث الحرب المستجدة في شمال سوريا بين المسلحين الأكراد وجبهة النصرة عامل تخفيف للعبء عن الجيش السوري والدولة السورية التي يمكن لها حاليا الاكتفاء بدعم المسلحين الأكراد للصمود في وجه جبهة النصرة، وبالتالي يكون العمل في القلمون أولوية يمكن المباشرة بها في ظروف افضل وعدم انشغال كبير بالوضع في الشمال خصوصا في حلب وريفها الشمالي الممتد من خان العسل حتى اعزاز مرورا بنبل والزهراء التي يمكن الاكتفاء بدعمها للاستمرار بالصمود، ريثما يتم تأمين ريف العاصمة وطرقها نحو المنطقة الوسطى.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه