بحسب ما أعلنه الرئيس الامريكي باراك أوباما، وتبعه وزير خارجيته جون كيري، فإن واشنطن تعمل على وضع سيناريوهات محتملة لهذا التدخل العسكري.
حسين سمّور
عصف مواقف تطلقه الدوائر الدوليّة ومعه الكثير من الغبار الامني والسياسي حول احتمال شن هجوم عسكري ضد سوريا.
وبحسب ما أعلنه الرئيس الامريكي باراك أوباما، وتبعه وزير خارجيته جون كيري، فإن واشنطن تعمل على وضع سيناريوهات محتملة لهذا التدخل العسكري.
هذه السيناريوهات المختلفة تبحثها واشنطن مع حلفائها، إلا ان القرار النهائي وتحديد ساعة الصفر يعود لأوباما. وهذه السيناريوهات جميعها تنطوي على عواقب ومخاطر أخّرت تنفيذها لأكثر من عامين.
خيارات التدخل
الخيار الأول يتمثل بإقامة مناطق عازلة على طول الحدود مع تركيا والاردن يُمنع دخول الجيش السوري اليها، وتكون منطلقا لهجمات المعارضة المسلحة.
هذا القرار، وإن كان يمنح المجموعات المسلحة قاعدة آمنة، إلا أنه يؤدي في الوقت ذاته الى الغرق في الحرب الدائرة وربما توسعها، لا سيّما في ضوء تعقيدات الوضع الاقليمي.
خيار بديل: إقامة مناطق حظر جوي يكون الهدف منها منع سلاح الجو السوري من استهداف مسلحي المعارضة والامدادات اللوجستية والمادية التي تصل اليهم ضمن نطاق معيّن من الاراضي السورية، وإتاحة تمرير الإمدادات من العتاد والسلاح التي تصل اليهم من غير جهة إقليمية ودولية.
هذا الخيار الثاني يوفر حماية للمعارضة المسلحة من الغارات الجوية التي يمكن أن ينفذها الطيران السوري، ولكن في الوقت عينه فان كلفته تبقى عالية ولو انها أقل من سيناريو "المنطقة الآمنة"، كما انه يُعرّض المقاتلات الجوية لنيران الدفاعات السورية.
أما الخيار الثالث والذي تعتبره الكثير من الجهات ومراكز الدراسات مرجحاً أكثر من غيره، فهو تنفيذ ضربات جويّة انتقائيّة تشمل أهدافاً محددة وذات أهمية كبيرة، وعلى رأسها سلاح الجو السوري والثكنات العسكرية التي تضم المدرعات والصواريخ الاستراتيجية.
وهذه الخطوة اذا ما تم اللجوء اليها، فان الهدف منها يكون الحد من قدرات الجيش السوري العسكرية، وزيادة فعالية المعارضة المسلحة، غير ان محاذيرها انها قد تورط القوات الامريكية وحلفاءها الغربيين والاقليميين تدريجيا في حرب طويلة الامد، لن تكون تكاليفها المادية والبشرية سهلة على اي طرف من الاطراف.
وهذا الخيار الثالث يمكن ان يطال السلاح الكيميائي السوري، وخاصة بعد الاخذ والرد في هذا الموضوع على خلفية المزاعم بضرب اسلحة كيميائية في ريف دمشق خلال الايام الماضية ، وتبادل الاتهامات بين دمشق والمعارضة المسلحة ومن ورائها الدول الداعمة لها.
وتجدر الاشارة هنا الى ان تكلفة ضرب أسلحة كيماوية في سوريا ستكون باهظة جداً ، كون هذا الامر يتطلب تدخل قوات خاصة على الارض السورية للسيطرة على هذه الاسلحة ، لكي لا تقع في أيدي مجموعات "متطرفة" لطالما أعربت واشنطن عن خشيتها من وصول السلاح الكيميائي اليها.
أما السيناريو الرابع، فيتمثل بزيادة حجم الدعم للمعارضة المسلحة من خلال رفع كميات السلاح والعتاد والسلاح النوعي مثل الاسلحة المضادة للطائرات والدروع. ولكن مثل هكذا قرار يمكن أن يزيد من الخسائر البشرية والمادية دون ضمان القدرة على الحسم في الميدان، لا سيّما في ضوء استمرار تمزق صفوف المعارضة.
ويبقى سيناريو التدخل البري غير مطروح على الاقل في الوقت الراهن ، حيث لا يزال الجيش الامريكي يلملم آثار تورطه في العراق وافغانستان بعد فشله في تحقيق أهداف الغزو البري الى هذين البلدين، بينما تحسب الادارة الامريكية كلفة اي خيار على الخزينة الاميركية والاقتصاد في ظل الازمة المالية الحالية.
الرد السوري
مصادر متابعة لتطورات الحدث السوري تؤكد أن أي رد على أي ضربة محتملة يعتمد على طبيعة ومدى وهدف الضربة الغربية التي من المحتمل ان توجه ضد دمشق. ولكن يبقى الباب مفتوحا امام العديد من الخيارات كون الكرة تبقى في ملعب دمشق وحلفائها خاصة بعد كلام الرئيس السوري بشار الاسد حول نية سوريا الرد على أي عدوان على أراضيها، وتأكيد حلفاء دمشق أنهم لن يتخلّوا عن سوريا في حال تعرضها لأي هجوم محتمل.
إذاً فالمواجهة المقبلة بحال حدوثها تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات وسط عجز إقليمي ودولي بالتنبؤ بصورة ما بعد الضربة، والى أي مدى ممكن أن تنزلق الامور.