25-11-2024 10:27 AM بتوقيت القدس المحتلة

منهج "التكفير" :أي إسلام يريدون تطبيقه ؟!

منهج

تغلب على التكفيريين الطريقة النصية في التعاطي مع التراث الاسلامي والأخذ بظواهر الروايات والنصوص الإسلامية ولا تؤمن بدور للعقل فيها ولا لدور الزمان والمكان

إيمان شمس الدين/ من الكويت

التكفيريون يريدون فرض الإسلام بالقوةراج مصطلح "التكفيريين" في الآونة الأخيرة بشكل بات يحتاج لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الغير جديدة زمنيا بصفته سلوكاً يعكس بنيوية التفكير في العقل التكفيري. فالتكفير طريقة فهم للنص الديني يترتب عليه سلوك عملي له انعكاسات ليس على الفرد فقط وإنما على المجتمع بكافة فئاته وأشكاله.

فيذكر القرآن الكريم لنا قصة اليهودي في أحد المعارك مع المسلمين الذي كان يمشي بعد هزيمة اليهود في ساحة المعركة ويشهد الشهادتين بصوت عال ليحقن بها دمه ويحفظ نفسه وعائلته من القتل فهم إليه أحد المسلمين وقتله رغم نطقه الظاهري بالشهادتين فنزلت الآية تقرع ذلك المسلم حيث كانت حجته حينما قرعه النبي ص بقتله أنه أظهر الاسلام كيلا يقتل وكي يحقن دمه فنزلت الآية الكريمة تحرم ذلك.

والخوارج يذكرهم التاريخ كحركة إقصائية خرجت على المجتمع وتعدت في خروجها على أمنه واستقراره من خلال قتل كل من يخالفهم في العقيدة الخارجية . إن التكفير عقيدة تسعى لإقامة الشرع الاسلامي وحاكميته في المجتمعات البشرية بعنوان لاحكم إلا لله. وتبدأ المشكلة في : أي إسلام يريدون تطبيقه وما هي آليات التطبيق ؟.

تغلب على التكفيريين الطريقة النصية في التعاطي مع التراث الاسلامي والأخذ بظواهر الروايات والنصوص الإسلامية ولا تؤمن بدور للعقل فيها ولا لدور الزمان والمكان ، وقد تعتمد على روايات مجتزأة وألفاظ ظاهرية قد تكون استخدمت مجازا أو حتى استعمالات اللفظ في زمن لا تعني دلالته في زمن آخر إلا أن ذلك لا يراعى في قراءة التكفيريين للنص و التكفيري يرى أنه يمتلك الحقيقة كاملة وأنه صاحب المنهج الحق والوصي على تطبيق الشريعة وينظر لمن يخالف عقيدته كافر عليه أن يتوب أو يتم قتله لأنه خرج عن الدين أو ارتد.

التكفيريون يهدمون ويحرقون قبر النبي إبراهيم في سوريافالخروج عن الدين والارتداد لدى التكفيري لا يخضع لمعايير وضوابط واقعية عقلية وشرعية ، بل الشاخص في ذلك والحاكم هو الشخص ذاته وفق مبدأ إما أن تؤمن بما أؤمن به أو فلتقتل .لذلك هو لا يميز في حكمه على الآخر المختلف بين مذهب وآخر لأنه يعتبر كل ما هو خارج منطقته ومخالف لعقيدته كافر ومحكوم عليه بالموت أو التوبة وفق رؤيته للتوبة.

وقد رسخ هذا النهج دخول سلاح الفتوى على خط التكفير ، حيث كانت هناك ظاهرة تاريخية امتدت جذورها لعصرنا في فتاوى القتل والارتداد أو الدعوة للقتل بطريقة غير مباشرة من خلال فتاوى ردة فئة أو خروجها عن الاسلام لمجرد مخالفتها لمباني هذا المذهب كما حصل في فتنة خلق القرآن في العصر العباسي وكما يحصل الآن مع الفتاوى الرائجة التي تدفع أتباعها للقتل وتعطيهم الشرعية في ذلك بحجة خروج مخالفيها المعنيين في الفتوى عن الاسلام أو الدين ، وهذه الفتاوى هي فتاوى سياسية بامتياز وهي ثمرة تحالف الفقيه مع السلطة ، وتكمن خطورتها في نتائجها السلوكية في اراقة الدماء وتفتيت الاجماع الشعبي الاسلامي بدعاوى مذهبية وطائفية.

هذه اطلالة سريعة على أهم ما يؤمن به التكفيري الذي لا يخضع لمناهج تفكير بل تحكمه مجموعة من الاستمزاجات الشخصية والفتاوى التي يطوع لأجلها النص الديني كي يشرعنها وينطلق تحت رايتها لتعزيز وجوده في عقول السذج واقناعهم للانضمام والتسويق لهذا النهج .

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.