عبد الناصر رغم أنه كان أشد تطرفا، إلا أنه كان متعقلاً ومن السهل تعقبه، أما السادات فبسبب قصر الوقت وشخصيته، كان لا يمكن توقع ماذا سيفعل، أمر واحد عرفناه عنه، أنه كان ماكرا ومدبرا للمؤامرات."
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في عددها الصادر اليوم الأحد في الكيان الصهيوني، عن وثيقة قالت إنها أظهرت مخاوف إسرائيلية من إمكانية اختطاف رئيس جهاز الاستخبارات "الموساد" في العام 1973، على يد العميل أشرف مروان.
وقالت الصحيفة في تناولها لمضمون الوثيقة، وفي إطار تقرير عنون بـ " "إسرائيل خشيت من اختطاف رئيس الموساد على يد أشرف مروان"، إن أحد الذين أدلوا بشهادتهم عن فشل إسرائيل في حرب أكتوبر أمام "لجنة أجرانت" التي أقيمت لمحاسبة المسؤولين كان ألبرت سوداي، أحد رؤساء الأقسام السابقين بالاستخبارات الحربية الإسرائيلية (أمان)، والذي أشار إلى أنه حاول على مدى أسبوع إقناع المسئولين أن القاهرة تستعد للحرب دون جدوى.
وجاء في شهادة سوداي: "كان لي رأي مختلف بأن العرب سيشنون حربًا، وذلك مع التغيير الحكومي الذي قامت به مصر في مارس 73، لقد رأيت في الأمر خطورة، وأيضًا بسبب تصريحات (الرئيس المصري آنذاك أنور السادات) بأنه ذاهب للحرب، ولأنه تولى أيضًا منصب رئاسة الحكومة، وهو ما يعني أن سيقوم بأمر جدي وخطير."
شكوك حول نوايا أشرف مروان :
وأضاف سوداي أن "عددًا من المؤشرات أكدت مخاوفه بدخول مصر المعركة، على رأسها العتاد الخاص بتشييد الجسور الذي جلبه المصريون لمنطقة قناة السويس، وتسليح الوحدات البحرية، علاوة على التعليمات بوقف صوم رمضان وغيرها."
وتشير الوثيقة إلى أن سوداي تلقى يوم الجمعة، 5 من أكتوبر، معلومة بأن رئيس "الموساد" سيقابل المصدر أشرف مروان، أحد رجال النخبة المصرية الحاكمة، وكان لديه شكوك كبرى حول نواياه، كما أعرب عن تخوفاته من احتمالية خطف رئيس "الموساد" أو المساس به، ونقلت عنه شهادته للجنة: "ذهبت إلى فردي عيني، مساعد رئيس الموساد، نقلت له شعوري عن قرب بقيام الحرب، وعن علامات الاستفهام حول أشرف مروان وضرورة اتخاذ إجراءات احترازية."
"السادات بائع طماطم" :
ولفتت الصحيفة إلى أن اللجنة سألت سوداي عن أنور السادات، وكيف تراه الاستخبارات الحربية الإسرائيلية، فأجاب "بائع طماطم"، موضحًا أن معنى هذا الوصف "رجل لا يساوي شيئا، وليس له موقف، ولا يحترم، غير خبير بخفايا السياسة ولا يمكنه أن يظل في السلطة لفترة طويلة."وتابع: "لكن تقديري الشخصي أن السادات كان رجلاً لا يتوقع ما هي خطوته المقبلة، (الرئيس المصري الأسبق جمال) عبد الناصر رغم أنه كان أشد تطرفا، إلا أنه كان متعقلاً ومن السهل تعقبه، أما السادات فبسبب قصر الوقت وشخصيته، كان لا يمكن توقع ماذا سيفعل، أمر واحد عرفناه عنه، أنه كان ماكرا ومدبرا للمؤامرات."
وعن عدم اهتمام الاستخبارات الحربية بتحذيرات سوداي، قال الأخير في شهادته للجنة: "منذ حرب 1967 سادت وجهة النظر القائلة إن الجانب المصري لا يمكنه أن يفعل شيئا ما، وكان أي رأي مخالف لذلك لا يلقى شعبية."
"عميل مزدوج" أم وطني مخلص؟!
يذكر أن أشرف مروان توفي العام 2007 عن عمره 63 عامًا في ظروف غامضة، إثر سقوطه من شرفة بيته بلندن، وقد قالت مصادر إسرائيلية في حينه إنه كان "عميلًا مزدوجًا" وتسبب في إخفاقات عديدة لجهاز "الموساد"، بينما نفت السلطات المصرية ذلك، حيث قال الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك في حينه إن مروان كان وطنيا مخلصا، وقام بالعديد من الأعمال الوطنية، مشددا على أنه لم يكن جاسوسا لأي جهة على الإطلاق. ونفى أنه أبلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر.
ومروان رجل أعمال مصري، وهو صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد أصبح سنة 1970 المستشار السياسي والأمني للرئيس الراحل أنور السادات، ثم ترأس الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979، وتوجه إلى بريطانيا بعد تقاعده بصفة رجل أعمال إلى أن توفي فيها.