28-11-2024 05:53 AM بتوقيت القدس المحتلة

أمريكا....."خط احمر" أم "دم قانٍ"

أمريكا.....

من السذاجة الاعتقاد أن ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ، تهدف الى حماية السوريين من الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي ، في ضوء قرع طبول الحرب ضد دمشق تحت عنوان تجاوز "الخط الاحمر الاميركي".

 

حسين ملاح

من السذاجة الاعتقاد أن ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ، تهدف الى حماية السوريين من الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي ، في ضوء قرع طبول الحرب ضد دمشق تحت عنوان تجاوز "الخط الاحمر الاميركي".

أمريكا في التاريخ

أعادت التهديدات الاميركية بشن عدوان على سورية ، نبش ذاكرة الكثيرين ، وتحديداً الباحثين والمتابعين للحروب التي شنتها واشنطن على مدار التاريخ، فالادارات الاميركية المتعاقبة ومنذ قتل وتهجير الهنود الحمر ، وحتى عصرنا الحديث تختلق الذرائع والمبررات لشن الحروب ، تارة بحجة "حماية" مواطنيها وطوراً لدفع اخطار "الاعداء" ، لكن الحقيقة والواقع والتجرية ، تؤكد ان امريكا لم تبدأ حرباً سوى لتحقيق مصالح واهداف توسعية وهيمنة على مقدرات الشعوب.

هدفنا من الكلام هذا ليس مهاجمة واشنطن لمجرد الهجوم بل للاضاءة على حقائق وادلة دامغة في صفحات التاريخ ...من لا يذكُر الحرب العالمية الاولى ومآسيها ورغم دخول الاميركيين متأخرين على الخط ومساندتهم "الحلفاء" ، الا انهم أبوا الا يتركوا بصمتهم المعتادة على مسار الاحداث ، وتشير تقارير الى ان "مشاة البحرية الأمريكية" قمعوا انتفاضة شعبية في دولة الدومينكان قبل غزوها بالكامل . كبرى التجاوزات او المجازر التي ارتكبها الاميركيون كانت في الحرب العالمية الثانية ، فالطيران الأمريكي بمساندة من الحلفاء (بريطانيا - فرنسا) ، عمد الى قصف مدينة درسدن الألمانية دون أي مراعاة لوجود عشرات الاف المدنيين ، الذي قضى منهم 35 الف على اقل تقدير ، في قصف استمر اياما دمر معظم المدينة على رؤوس اهلها ، وكل ذلك هدف الى القاء الرعب في صفوف الالمان ودفعهم الى الاستسلام ، وان كان على حساب أبادة شعب بأكمله.

 الاسلوب ذاته اعتمده الاميركيون في هيروشيما وناغازاكي في اليابان بنهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث سُجل للمرة الاولى في التاريخ استخدام السلاح النووي ، وقامت الولايات المتحدة بقصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي ، وقضى بالمدينة الاولى ما يُقارب 140000 نسمة وفي الثانية 80000 نسمة ، ومنذ ذلك الحين، توفي عدد كبير بسبب السرطان ، نتيجة التعرض للإشعاعات النووية ، والمفارقة ان الغالبية العظمى من الضحايا هم مدنيون.

حروب الابادة الاميركية إنتقلت الى فيتنام في ستينات القرن الماضي ، وقُتل مئات الالاف من  مواطني هذا البلد نتيجة حرب دموية شنتها القوات الاميركية ، لا زال تأثيرها حتى وقتنا المعاصر.

ولم يكتف الساسة الاميركيون ، بل شنوا حروباً ضد شعوب وبلدان عدة أواخر القرن الماضي ابرزها في العراق ويوغوسلافيا ، فيما أستعمل المحافظون الجدد شعار "الحرب على الارهاب" لغزو العراق وافغانستان وقتل المدنيين في الصومال واليمن...الخ
ان كانت هذه الحقائق جزءاً من حروب الابادة الاميركية في التاريخ ، فهذا لا يعني ان واشنطن لم ترتكب عمليات القتل الجماعي بواسط حلفاء في الشرق والغرب وهم أكثر من ان يتم حصرهم..

على سبيل المثال ، غطى الاميركيون بل وأمنوا الحماية لدكتاتوريين في شتى انحاء العالم وتحديداً في منطقتنا العربية ، وبعضهم ما زال في سدة حكم اما ملكي او اميري ، دون اي دور للشعوب التي تتغنى واشنطن بحمايتها الان ، وهؤلاء الملوك والامراء هم في الغالب "غب الطلب" عند واشنطن ، وأي تصرفات "خاطئة" وفق المفهوم الاميركي ، ينتهي بهم الامر العزل او....

كما ان الاميركيين أشعلوا النيران في بلدان لا تدخل في "بيت الطاعة" إن كان في آسيا او اوروبا وحتى افريقيا واميركا الوسطى والجنوبية ، وصولاً الى الشرق الاوسط ، حيث يتم دفع العديد من بلدانه الآن نحو "خراب" بعد افتعال حروب اتنية ومذهبية ، خدمة "لاسرائيل" او لتحقيق "الامان" لبعض ممالك ممن كان يُطلق عليهم بالرجعية العربية.

ومن الاهمية ايضا ذكر الدعم الاميركي اللامحدود للكيان الصهيوني ومجازره التي ارتكبها بحق الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والاردنيين والمصريين...حيث تصدت واشنطن لأي محاولة ولو "كلامية" لإدانة الجرائم الاسرائيلية في مجلس الامن الدولي ، وان كانت اغلب هذه الجرائم تمت بأسلحة محرمة دولياً كالفوسفوري ، والعنقودي...وغيرها

بعد كل هذا ، يطل علينا المسؤولون الاميركيون وبعض "المغامرين" في بلاد العرب والغرب ، بمعزوفة استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيمياوي في ريف دمشق (رغم غياب التأكيد الاممي)، لتبرير عدوان عسكري على بلد أُدخل عن قصد في أتون حرب لا تبقي ولا تذر...واللافت ان واشنطن "المتخوفة" من النتائج على مصالحها طبعاً ، تختلق الذرائع لا الادلة لتبرير عدوان لا يُقنع الداني قبل القاصي.

فعلاً ....انها "الحرية والدفاع عن الشعوب".... على الطريقة الاميركية