24-11-2024 10:29 AM بتوقيت القدس المحتلة

السعودية VS سورية وحزب الله: فُتحت المواجهة! -2-

السعودية VS سورية وحزب الله: فُتحت المواجهة! -2-

كل من في ضاحية بيروت الجنوبية إما ردد أو سمع عبارة: "فعلها بندر!" عقب التفجيرين الذين وقعا فيها. وخرجت صحف لبنانية لتحمل السعودية صراحة، ورئيس جهازها الاستخباري بندر بن سلطان مسؤولية ما جرى

كل من في ضاحية بيروت الجنوبية إما ردد أو سمع عبارة: "فعلها بندر!" عقب التفجيرين الذين وقعا فيها. وخرجت صحف لبنانية لتحمل السعودية صراحة، ورئيس جهازها الاستخباري بندر بن سلطان بالإسم، مسؤولية ما جرى. اتهامات لم تزعج المملكة التي قررت أن تلوذ بالصمت.

يقول الكاتب في صحيفة الأخبار ناصر شرارة – في حديث خاص لموقع المنار -  إن تفجيري الضاحية "شبه موقعين من بندر"، فعقب التفجير الأول سارعت دول العالم إلى الإدانة، وتبرأ كيان العدو الاسرائيلي، فيما لم يُسمع من بلاد الحرمين استنكار أو إدانة. وبعد شهر تقريباً، سقط حوالي 30 شهيداً لم يصدر موقف عن المملكة، بل أتت الإدانة عبر موقف مجلس التعاون الخليجي، الذي سُرعان ما مسحته السعودية بعد إنتقادات وجهتها لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في اليوم التالي.

في هذا الوقت، انشغلت التحليلات بقراءة الغاية السعودية، قيل إن قرار تفجير الوضع الأمني في لبنان هو لإلهاء حزب الله في الداخل عن معركته الكبرى التي تدور رحاها في الميدان السوري. وذكر البعض أن آل سعود يريدون معاقبة حزب الله على "تخطيه الخط الأحمر" بانخراطه كطرف في الأزمة السورية.. كُتب الكثير، ولكن الأفكار صبت في خندق واحد، أكده التعاطي الإعلامي للفريق المحسوب على المملكة في داخل لبنان وخارجه، ومفاده: مطلوب إبعاد حزب الله بعد إنجاز القصير.

"التفجير السعودي".. كيف تلقاه حزب الله؟

عقب تفجير بئر العبد كتب رئيس تحرير جريدة الأخبار ابراهيم الأمين: "أمس وقعت جريمة جديدة لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن تلك التي نُفّذت قبل 28 عاماً. وحزب الله عوّد الأعداء على انه يعمل لمنعهم من القيام بالجريمة او منعهم عن تكرارها. وفي العلم العسكري والامني، يسمى هذا النوع من العمل بالردع. وعلى من قرروا وخططوا وشاركوا في جريمة امس، أن يتحسسوا رقابهم، اينما ذهبوا في ارض الله الواسعة!".. فجاء بعدها تفجير الرويس موقعاً شهداء من المدنيين.

السيد حسن نصر اللهووسط المعلومات والتحليلات، صمت السعودية وترقبها قابلته رسائل تضمنها خطاب السيد نصر الله في الذكرى السنوية السابعة لانتصار المقاومة على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006، وربما أخرى مُررت خلف الكواليس!

كانت الآذان بانتظار موقف سيُعلن من بلدة عيتا الحدودية مع فلسطين المحتلة ، فأكد الأمين العام لحزب الله أن ما جرى يحمل قراراً بتدمير لبنان، جازماً أن رد المقاومة سيكون " أنه إذا كان لدينا الف مقاتل في سورية، سيصبحون ألفين، واذا كان لدينا 5 آلاف مقاتل في سورية سيصبحون 10 آلاف، واذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الارهابيين ان اذهب انا وكل حزب الله الى سورية  سنذهب الى سورية".

"نحن من نحسم المعركة ونوقت نهاية كل معركة"، قالها بثقة المؤكد أن لا تراجع!

الكلام تبعته رواية تناقلتها الصالونات الإعلامية والسياسية، قالت إنه عقب تفجير الضاحية الجنوبية الأول، بُلغ السعوديون رسالة من حزب الله أكدت – في مضمونها- أن ما وقع في بئر العبد  قُرِأ على أنه رسالة لن تغير شيئاً من المعادلة أو الحسابات، ولكن أي تفجير آخر سيُفهم بأن المواجهة فُتحت، وبالتالي سيكون حزب الله مستعداً لها.

الرواية التي استبعدتها مصادر في حزب الله، تلقفها إعلاميون وسياسيون.. ليبنوا عليها عدداً من التساؤلات أهمها: " كيف سيردّ حزب الله على تفجير الضاحية الثاني؟"، وهل سيتخطى الرد الحدود اللبنانية كون الصراع أكبر من حدود لبنان؟

ويلفت ناصر شرارة أن السعودي انخرط في "حرب تستهدف مصالح قوى قادرة، وإذا اتخذت هذه القوى قراراً بالمواجهة فلن يستطيع عندها مجاراتها، بل سيكون الخاسر". شرارة وإذ يعتقد أنه لازال هناك رهان على أن يراجع السعودي حساباته، يؤكد أن القوى في المحور المقابل لازالت عاقلة حتى الآن، ومترفعة عن إرسال الرسائل الحادة، سواء في الداخل أو على الحدود السعودية التي تزعجها، وهنا يُذكر شرارة بأزمة المملكة مع جارها الجنوبي، والذي أثبتت تجارب السنوات الماضية عجزها عن احتوائها سياسياً وعسكرياً.

أما المحلل السياسي الأردني ناهض حتر فيفسر تعقل محور المقاومة والممانعة، مشيراً إلى أن "هناك مَن لا يزال يعتقد ــــ في سورية ومحور المقاومة معا ــــ أن الحرب، تؤذن بنهاية قريبة، وأن التسوية تلوح في الأفق، ويرى، بالتالي، أن الحكمة تقتضي ابتلاع الاعتداءات، وتوخّي النجاة من توسيع دائرة الحرب، وحصرها داخل الأراضي السورية".

وليست التفجيرات وحدها رسائل الجبهة المفتوحة، فقد سبقتها ضغوط أميركية-سعودية مورست على الاتحاد الأوروبي لإدراج حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية، لم يكن أمام السعوديين حينها إلا تهديد الفرنسيين بملف العلاقات الاقتصادية، وفقاً لما نُقل عن مصادر أوروبية .  كما أن تعليق تشكيل الحكومة اللبنانية، من خلال وضع فيتو على مشاركة حزب الله، كان ورقة أخرى استخدمت من قبل السعودية.

السعوديون لأميركا: لا نتوقع انتصاراً

الرسائل المفتوحة فجّرتها انتصارات الجيش السوري في القصير وما بعدها. وفي المملكة من يعتقد أن تطهير القصير من المجموعات التكفيرية لم يكن ليتم لولا تدخل حزب الله، ولذلك ذهب بعضهم ليقول إن الحزب تخطى "الخط الأحمر"، خصوصاً أن ما جرى دفع بكبار محللي الاستخبارات الأميركية للقول إن المسلحين السوريين ميؤوس منهم ويتفوق عليهم حلفاء سورية، بحسب ما نقل مسؤولون في الكونغرس ودبلوماسيون لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

القناعة نفسها يتشاركها السعوديون، ولو أن التصريح بها مر! ولكن يُستدل من ذلك على ما أبلغه بندر بن سلطان وسفير المملكة في واشنطن عادل الجبير للمسؤولين هناك: لا نتوقع انتصاراً للمسلحين.. ولكن نريد تعديل موازين القوى، وفقاً للصحيفة الأميركية نفسها. وتنقل وكالة "رويترز" عن روبرت غوردان سفير الولايات المتحدة لدى الرياض، بين عامي 2001 2003، أن المسؤوليْن السعودييْن "اتسما "بالصراحة الشديدة" في اعتقادهما بانه يمكن الوثوق في مقاتلي المعارضة وضرورة تقديم الدعم العسكري لهم".

وبناءً عليه، ينظر المسؤول في حزب الوحدة الشعبية الأردني ضرغام هلسة – بحسب كلامه مع موقع المنار-  إلى أن المواجهة في المنطقة فُتحت نحو الصراع التناحري، في إعلان الحرب على محور المقاومة. وأنا ما يجري من ضغط على حزب الله يهدف إلى إرباكه في الداخل للحدّ من تدخّله في مسار الأزمة السورية. وذلك بالتوازي مع تسليح المقاتلين في سورية بأسلحة حديثة ومتطوّرة لتحقيق إنجازات .

وفيما ينصب الاهتمام الإعلامي على أم المعرك في حلب، يُحكى عن تسليح سُعودي وتحشيد وتعزيزات عسكرية من الطرفين، وتعتمد الخطة السعودية على تعزيز قدرات مجموعات مختارة بعناية من المقاتلين وفق صحيفة "وول ستريت جورنال". وفي السياق، تكشف "ذي اندبندنت" البريطانية أن رئيس الاستخبارات السعودي كان على مدى شهور يعمل بصورة حصرية لحشد التأييد الدولي للمسلحين في سورية، بما في ذلك تسليحهم وتدريبهم.

اليوم، تترقب وسائل الاعلام ما هو قادم في حلب، فيما تحذر رسائل إفريقية من معركة يُحضر لها في منطقة درعا – القنيطرة - السويداء، لفرض منطقة عازلة على الحدود مع الأردن... فالمعركتان القادمتان من شأنهما أن تحددا معالم المنطقة مستقبلاً، ورسم سياساتها.

الضربة العسكرية: صُنع في السعودية

يُنظر اليوم إلى بندر بن سلطان على أنه رأس حربة المشروع السعودي، يقود مشروع المملكة بشراسة، بعد أن كان من أشد المطالبين بغزو العراق عام 2003، تقول "ذي اندبندنت" إن الأمير السعودي الوثيق الصلة بواشنطن هو من أشد الداعين اليوم إلى عدوان عسكري على سورية من شأنه أن يُضعف النظام السوري أو اسقاطه، وذلك على خلفية مزاعم استخدام الجيش السوري لأسلحة كيميائية في منطقة الغوطية في ريف دمشق بتاريخ 21 آب/ أغسطس الماضي.

وقبل نشر تقرير أعدته مراسلة وكالة "أسوشييتد برس" ديل غافلاك كشفت فيه أن السلاح الكيميائي الذي استخدم في ريف دمشق، سُلم من الأمير السعودي بندر بن سلطان إلى المسلحين، لكنهم فشلوا في استخدامه ما أدى إلى وقوع مجزرة في صفوف المدنيين والمسلحين. كانت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية قد كتبت: " في فصل الشتاء الماضي، بدأ السعوديون أيضا في محاولة إقناع الحكومات الغربية أن الأسد قد تخطى ما وصفه الرئيس باراك أوباما قبل عام بـ"الخط الأحمر": استخدام الأسلحة الكيميائية. ويقول دبلوماسيون عرب إن عملاء الاستخبارات السعودية تعقبوا مصابا سوريا سافر إلى بريطانيا للعلاج، وأظهرت التحليلات تعرضه لغاز السارين. جواسيس مخابرات الأمير بندر خلصوا في شباط /فبرايرالماضي إلى أن الرئيس الأسد استخدم أسلحة كيماوية، ونقلوا الأدلة إلى الولايات المتحدة، والتي وصلت إلى استنتاج مماثل بعد أربعة أشهر".

كلام أتى ليدعمه موقف رسمي من وزارة الدفاع الليبية في مقابلة لصالح إذاعة صوت روسيا، قال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن معلومات سُمعت في أروقة وزارة الدفاع الليبية فحواها أن الأسلحة الكيميائية التي سُلمت من السعودية للمسلحين مصدرها "إسرائيل".

وكتبت وكالة "رويترز"  في مقال تحليلي نشرته الثلاثاء 3/9/2013، إن موقف أوباما المتردد برجوعه إلى الكونغرس قبل أي تدخل عسكري في سورية أزعج حليفيه الرئيسيين في المنطقة: السعودية و"إسرائيل".

"إسرائيل والسعودية... تضغطان على صديقهما المشترك في البيت الأبيض لضرب الرئيس السوري بشار الأسد بقوة. ويمارس الجانبان هذا الضغط وعينهما ليست على سوريا وحدها بل تنظر أيضا إلى عدوهما المشترك إيران"، قالت الوكالة الأجنبية.

وأضافت أن الرياض التي تعتبر داعماً رئيسياً للمسلحين في سورية، تعتبر أن سقوط سورية من شأنه تقويض النفوذ الايراني في المنطقة. وذكّرت في إحدى برقيات الدبلوماسية الأميركية المسربة التي قال فيها مبعوث سعودي إن الملك عبد الله بن عبد العزيز "يريد من واشنطن "قطع رأس الأفعى" لإنهاء التهديد النووي الذي تشكله طهران"، وفقاً لرويترز.

ما تريده السعودية وفقاً لرئيس اللجنة الخارجية في مجلس الشورى عبد الله العسكر، أن يقود العدوان الأميركي على سورية لإسقاط الحكم فيها، وهي ما تنفك تلوح للولايات المتحدة بأن بقاء الرئيس الأسد على سدة الحكم في سورية يعني تعزيزاً لقوة التكفيرين، لأن "يأس مقاتلي المعارضة من تقاعس أمريكا تجاه الوضع في سورية سيدفع المزيد من المقاتلين لتحويل ولائهم إلى المتشددين"، وفقاً للمنطق السعودي.

اليوم يترقب الأميركيون موقف الكونغرس.. ويضغط السعوديون كما الصهاينة لناحية القبول بتوجيه عدوان عسكري على سورية، يتوعد السوريون وحلفاؤهم المعتدين، بينما تنخرط السعودية أكثر فأكثر في وحول المنطقة، علها تحقق ما فشلت فيه دوماً.

بنـدر السعـودية: فليكن التفجير! (1)