وأشار إلى تحدّي الواقع المعاصر ودور الحوزة تجاهه، وتحدي الحريات في ظلّ تزايد الضّغوط على أصحاب الرّأي التّجديدي ما يؤدّي إلى تراجع الإبداع
عقدت مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر بالإشتراك مع المعهد الشّرعي الإسلامي حلقة حوارية علمية تحت عنوان :"الحوزة العلميّة وتحدّيات العصر"، حضرها عدد كبير من علماء الدّين والمثقفون والمفكرون والباحثون. وألقى سماحة السيّد جعفر فضل الله كلمة الإفتتاح طارحاً بعض الإشكاليّات الّتي تواجه الحوزة العلميّة في العصر الرّاهن متسائلاً:" هل ستبقى الحوزة بمنأى عن التّحدّيات الكبرى الّتي تعصف بالعالم، وهل سنظلّ بعيدين عن طرق البحث في الموروثات المذهبية لمواجهة الفتن المذهبية؟.
وكانت كلمة لمدير ملتقى الحوار والأديان العلّامة الشّيخ حسين شحادة الّذي اعتبر أنّ الحوزة هي صانعة حياتنا كونها تردّ الإعتبار لمرجعيّة العقل، إلّا أنّه تحدّث عن تراجع دورها في العصر الرّاهن، مشيراً إلى أنّنا بتنا نحتاج "لا إلى تجديد نظام الحوزة التّعليمي فحسب، بل إلى اجتراح رؤية متكاملة لبنية هذه العمارة المعرفيّة"، متسائلاً : "لماذا استعصى التّجديد على فقهائنا طوال تلك العقود، وأين هم من عمليّة نقد العقل الدّيني، علماً أنَّ القرآن هو كتاب نقد ديني بدليل النّقد الواضح فيه للفكر الديني اليهودي والمسيحي وحتّى الإسلامي". وأضاف: "كيف نواجه انتحارنا الحضاري العلميّ الّذي تعتبر القطيعة بين المراكز الشيعية العلمية والمركز السّنيّة العلميّة من أهم أسبابه"، مشيراً إلى حاجتنا إلى علم إجتماع ديني معاصر.
بعد ذلك ألقى الدكتور خنجر حميّة كلمةً تحدّث فيها عن واقع الحوزة العلميّة على ما هي عليه اليوم، معتبراً أنّها لم تعد قادرة على القيام بدورها المرسوم لها فيما يتعلّق بإنتاج عالِمٍ قادرٍ على التّعاطي مع العالَم كونها لا تقوم بأي جهد لمعرفة العلوم الحديثة، متسائلاً: كيف يتسنّى لمدرسة علميّة أو أكاديميّة لا تشارك في التّعرّف على علوم العالم أن تشارك في صناعة العلوم وتطورها.
وتحدّث الدّكتور حسن جابر الّذي اعتبر أنَّ القصور المنهجي في الحوزات العلميّة لا يمثّل طفرةً ما، كون كلّ تقدُّم أو ارتكاس يسير وفق سيرورة التّطوّر الطّبيعي للإجتماع الإنساني، مشيراً إلى أنّه من غير المطلوب أن تتصدّى الحوزة لكافّة العلوم والميادين على اعتبار أنَّ اختصاص الحوزة هو اختصاص محدّد، وأنَّ ذاك التّحديد لا ينتقص من قيمتها العلميّة. لكنّه دعا إلى القيام باختبار للنوعيات أو ما أسماه "فحص الأهلية" للمنستبين إليها. وقد اعتبر أنَّ إدخال مادّة المنهجيّة إلى المناهج الحوزويّة من شأنه المساهمة في تطوير الحوزويين لأنها تعلّم على كيفيّة التفكير والكتابة واستنباط الأحكام بالشّكل العملي المنهجي.
الكلمة الأخيرة كانت للشّيخ حيدر حبّ الله الّذي تحدّث عن واقع الحوزة والتّحدّيات التي تواجهها، فأشار إلى تحدّي الواقع المعاصر ودور الحوزة تجاهه، وتحدي الحريات في ظلّ تزايد الضّغوط على أصحاب الرّأي التّجديدي ما يؤدّي إلى تراجع الإبداع، بالإضافة إلى سيطرة التّيّار الماضوي لدى بعض شباب الحوزة. وأضاف أنَّ الدّين في العصر الحاليّ قد تحوّل إلى رسالة قلق، وأنَّ بعض الحوزات باتت تخرِّج تديّناً عدوانياً، في حين أنّنا بحاجة إلى تديّن عقلاني إنساني بعيد عن التعصّب والعصبية، وهنا يبرز تحدّي إعادة الدّين إلى دوره كعامل رحمة واطمئنان. كما أشار إلى أزمة الخلافات بين العلماء والّتي تظهر جليّاً على الفضائيّات، وما لذلك من انعكاساتٍ سلبيّة على أرض الواقع.