تتسارع الأحداث و تتزاحم التهديدات بين الشرق و الغرب لتقرع طبول عرس الشرق الاوسط الجديد و تهول النعاج و تراهن بصفقات مالية و بترولية و غازية .
موراد غريبي
تتسارع الأحداث و تتزاحم التهديدات بين الشرق و الغرب لتقرع طبول عرس الشرق الاوسط الجديد و تهول النعاج و تراهن بصفقات مالية و بترولية و غازية ، و في ظل هذا الواقع الشرق أوسطي الساخن يطرح سؤال حساس: أين العرب في وسط هذا المهرجان الحربي الصهيو أمريكي الغربي بتمويل عربي سخي؟
لا يمكننا أن نستوعب ما يحدث من حولنا إلا من خلال استحضار و مقاربة المشروع القديم الجديد لتفتيت المفتت و تدمير أي قوة ممانعة بمنطقة الشرق الاوسط ، و التي قد تشكل تهديدا لربيبة واشنطن و مزرعتها بالعالم العربي "الكيان الصهيوني". دون أن نغفل عن الأحداث و المواقف و المشاريع التاريخية التي انطلقت منذ نشأة دولة أمريكا كما كشف عنها الكاتب الفرنسي ميشال بونيو موردون في كتابه: (أمريكا المستبدة: الولايات المتحدة و سياسة السيطرة على العالم).
ثم مع خروج الولايات المتحدة الامريكية من قارتها نحو العالم لترث المشروع الاستعماري مع الحرب العالمية الثانية و بداية مشروع الامبراطورية الامريكية على حساب الارث الديمقراطي للأمة الأمريكية الهجينة، بالاضافة للانتقالات المستمرة للتفكير السياسي الامريكي وفق الاستراتيجيات العسكرية و الاقتصادية في العالم، و بلوغ ذروة العجب الصهيوأمريكي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي و اتجاه العقل السياسي الامريكي نحو رسم وهم الرمز الأمريكي السيادي على العالم، و افتعال الأزمات بالعالم ككل والعالم العربي و الاسلامي خاصة لاستعراض عضلاتها على العالم و التأكيد أنها اللاعب الوحيد عبر اختلاق العدو البديل للاتحاد السوفياتي و الذي تمثل في الاسلام الأصولي الذي يعلم الجميع أنه اسلام انتجته المخابرات الاميريكية و الغربية بتزكية من النعاج العربية المتوجسة على عروشها البطريقية، و جاء سيناريو 11 أيلول 2001 ليفتح المجال أمام الآلة الصهيونية الأمريكية للنزول بقلب الشرق الاوسط و ترتيبه حسب البرنامج العولمي الصهيوني التاريخي الذي يطابق النسخة التلمودية لدولة الصهاينة الممتدة من طنجة إلى مسقط...
بعد هذه المقاربة و بحسب كل القراءات التي تتابع مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي اعلنت عنه وزيرة الخارجية السابقة كندليزا رايس بالاضافة لكل تلك الكتابات المستند اليها هذا المشروع ابتداءا بالصهيوني بارنار لويس و المنظر الأمريكي هانتغتون و المتأمرك الياباني فوكوياما و كتابات بريجنسكي، التي هندست معالم سياسة القوة الناعمة ، حيث أنها في العمق تمويهية و استدمارية بواجهة تدعي الدفاع عن حقوق الانسان و التبشير بالديمقراطية و الحريات و ما هنالك من كذب و دجل غربي وصولا إلى مذكرات عميد الديبلوماسية الصهيونية هنري كيسنجر، و ما تم فضحه بالحرب على افغانستان ثم العراق و مؤخرا ليبيا...إلى اليوم لا يزال العقل الصهيوني المتغطرس يسعى جاهدا لخداع الرأي العام العالمي حتى يتمكن من ضرب سورية و إتمام الخطوات الباقية لمشروعه الإجرامي بحق الشرق الاوسط و احتلاله تحت مسمى الديمقراطية و الحرية...
عودا إلى بدء، لا يزال الشأن العربي حبيس قرارات القوى العظمى و خارج ثقافة الشراكات الحقيقية طبعا عدا القوى العربية المقاومة و التي فهمت اللعبة منذ سبعينيات القرن الماضي، و استوعبت الدرس جيدا و التي تأتي في صدارتها الجمهورية العربية السورية، حيث رسمت علاقات استراتيجية اقليمية و عالمية لدرء امنها القومي من التحدي الأمريكي المتغطرس خصوصا بعد النكسة ثم سقوط الاتحاد السوفياتي و لاحقا الحرب على العراق و محاولات اغرائها عبر عرابي السياسة الأمريكية الصهيونية بالعالم العربي، لتتنازل سورية عن دعم المقاومة العربية و الاسلامية ضد السرطان الصهيوني الذي زرعه الغرب و يدعمه ليستمر استدمار الهوية العربية و الاسلامية بالشرق الاوسط...و دليل ذلك ما عرضته بعض الجهات الخليجية على الأسد من أموال و دعم و بقائه في الحكم بشرط فك العلاقة و الشراكة بإيران و حزب الله....ولعل خير مقاربة لما يجري اليوم بالعالم أن هناك تفكيك استراتيجي لأكبر كذبة تاريخية اسمها أمريكا ، و نلاحظ تعرية كبرى للاسطورة الامريكية و ديمقراطيتها المزيفة، لكن ماذا عن الرأي العام العربي ؟ هل سيبقى يتفرج عما يجري بمنطقته و يتأسف و يمتعض كعادته أم ماذا؟
لعل انفضاح تيار الاعتدال العربي بالكامل، يجعل الشعوب العربية على المحك، فسورية تعتبر قلعة استراتيجية في جغرافيا الكرامة العربية و الاسلامية، سقوطها- لا قدر الله- يمثل كارثة كبيرة بالنسبة لمستقبل الأمة و وجودها الحضاري... هل سيبقى العرب حالة صوتية أم الوضع سيتغير الى الفعل الامثل؟ اول المعنيين بهذا السؤال هم جيران سورية، الاحرار بالاردن و الاحرار بلبنان و الاحرار بالعراق و تركيا ومصر رغم جراح كل هؤولاء لكن يجب أن ننظر كعرب و مسلمين للازمة السورية و بوادر الحرب عليها بعقلية الوفرة و ليس عقلية الرضوخ و الانتكاسة التي جعلتنا أمة فاشلة تابعة لعقود من الزمن...
شعوب الدول العربية و الاسلامية و خاصة جيران سورية، يمكنها ان تقلب الموازين و تكفي سورية شرور رعاة البقر و برابرة اوروبا و انذال العرب و المسلمين من ملوك و خوارج، الذين عتوا فسادا في العراق و افغانستان و كل بلاد العرب و المسلمين... أما بعد: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} (فاطر:10)... و الله من وراء القصد.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.