إذا كان تحريك قطعة حربية من منطقة الى اخرى يكلف مبالغ مالية كبيرة، فان تحريك حاملات طائرات وبوارج بكامل عتادها وعديدها قاطعة المحيطات والبحار يرتب تكاليف تعد بمئات الملايين من الدولارات
داود رمال
إذا كان تحريك قطعة حربية من منطقة الى اخرى يكلف مبالغ مالية كبيرة، فان تحريك حاملات طائرات وبوارج بكامل عتادها وعديدها قاطعة المحيطات والبحار يرتب تكاليف تعد بمئات الملايين من الدولارات، وبالتالي يجدر التساؤل عن مسارعة الدول الى «التشمير»عن سواعدها الحربية باتجاه الشرق الاوسط والان نحو سوريا ما دام ذلك يرتب اعباء مالية ضخمة على موازناتها الحربية؟
«اذا عرف السبب بطل العجب» يقول مرجع سابق عايش عن قرب ما شهده لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان وصولا الى العاصمة بيروت في العام 1982، ويسرد تفاصيل تتصل بتلك الفترة التي شهدت انقساما لبنانيا خطيرا وتدخلا اجنبيا هو الثاني بعد انزال الاسطول السادس قبالة السواحل اللبنانية ابان ثورة العام 1958 من القرن الماضي.
ويوضح المرجع «انه اوائل العام 1983 وصلت القوات المتعددة الجنسيات الى لبنان وحطت رحالها في بيروت وتحديدا في مواقع اساسية ومهمة ابرزها محيط مطار بيروت الدولي، ولم تمض اشهر وتحديدا في العام 1984 تعرضت هذه القوات بركيزتيها الاميركية والفرنسية لضربة موجعة جدا، ادت الى مقتل العشرات من افراد المارينز، وذروة التدخل في الحرب اللبنانية تجسّدت بالحشد البحري وبالمدمرة نيوجرسي التي صبت حممها على مناطق ومواقع القوى الوطنية».
ويكشف المرجع «انه في ذات العام اي 1984 جرى اتصال ليلي مصدره القصر الجمهوري مع حاكم مصرف لبنان في حينه ميشال الخوري ومدير عام وزارة المالية شبلي الملاط ورئيس دائرة ضريبة الدخل جوزيف طربية، وطلب منهم التوجه فورا الى القصر الجمهوري لان الرئيس امين الجميل بانتظارهم، وبالفعل حصل الاجتماع الذي سلمهم فاتورة مصدرها وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ومرفوعة من السفارة الاميركية في بيروت، تطلب دفع مبلغ ملياري دولار اميركي متوجبة على الدولة اللبنانية بدل رسو الاسطول الاميركي وكلفة القذائف التي اطلقتها المدمرة نيوجرسي والطلعات الجوية وغيرها من مهام عسكرية ولوجستية».
ويتابع المرجع «انه عند مناقشة المسؤولين الماليين للرئيس الجميل بحجم المبلغ وضخامته، ارسل بطلب الدبلوماسي الاميركي الذي حمل الفاتورة والذي كان موجودا في صالون الانتظار، وعند استيضاحه عن المبلغ زعم انه تم استخدام الذخيرة من المخزون الاستراتيجي للاسطول السادس ولتعويض النقص في هذا المخزون استقدمنا ذخيرة على وجه السرعة من الولايات المتحدة الاميركية وبكلفة عالية».
ويضيف المرجع «انه بعد استيضاح الدبلوماسي الاميركي طلب الرئيس الجميل من المسؤولين الماليين التوقيع على الفاتورة فتم ذلك وسلمت نسخة عنها الى الدبلوماسي الاميركي وجرى تحويل المبلغ (2 مليار دولار) على وجه السرعة في اليوم التالي».
ويشير المرجع الى انه «حضر لاحقا صحافي اميركي يعمل في كبريات الصحف الاميركية الى لبنان، بعدما اخذ موضوع سرعة لبنان تسديد المبلغ نقاشا واسعا في الاعلام الاميركي، والتقى احد المسؤولين الماليين الذين كانوا في الاجتماع الليلي في القصر الجمهوري، واستوضحه عن حقيقة الامر وان كان لبنان سدد فعلا كامل المبلغ، فأكد له المسؤول ذلك، فرد الصحافي بالقول «اما انتم دولة غبية لأن هكذا مبلغ يقسّط عادة على دفعات ولسنوات طويلة او انتم دولة غنية جدا ولديها فائض مالي كبير، وعقب دفع الملياري دولار بدأت عملية انهيار النقد الوطني وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية بشكل دراماتيكي».
ويقول المرجع «انه سرد هذه الوقائع ليؤكد ان كل هذا الحشد الذي بدأ يتدفق الى مياه البحر المتوسط مدفوع ثمنه، وكل يوم رسو لحاملة طائرات او بارجة او مدمرة او استنفار قاعدة عسكرية برية له ثمن خيالي، والسعودية ومعها دول خليجية التي مولت ما يسمى الربيع العربي واضطرت الى سحب 800 مليار دولار دفعة واحدة من المصارف الاميركية نهاية شهر اذار من مجموع تراكم ثروة بلغ 3500 مليار دولار لحسابها في الولايات المتحدة الاميركية مما اثر حينها ولفترة وجيزة سلبا على سعر الاسهم الاميركية، ستكون جاهزة لتمويل هذا الحشد بعشرات المليارات».
ويخلص المصدر الى التأكيد انه «حتى لو لم تنفذ واشنطن ومن معها عدوانا عسكريا على سوريا، فالاميركيون كاسبون من مليارات العرب، في حين ان ملايين من الشعب العربي يتضورون جوعا وتتصاعد ارقام الامية والمرض حتى داخل الدول التي تكدّس المليارات في البنوك الاميركية، في حين فلسطين متروكة لربها».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه