وستشهد هذه الأزمة زيادة خلال اليومين المقبلين مع افتتاح الجامعات الفلسطينية الفصل الدراسي الجديد، حيث سيتوافد من مناطق جنوب القطاع وشماله آلاف الطلبة يوميا
ألقت أزمة انقطاع الوقود التي تفاقمت بشكل كبير في قطاع غزة بظلالها على معظم مناحي الحياة، فتوقفت غالبية المركبات عن العمل، في الوقت الذي يستعد فيه آلاف الطلبة للالتحاق بجامعاتهم، وذلك بعد تحذيرات بوقوع أزمات وكوارث ‘بيئية وصحية’ جراء النقص الكبير في الوقود الذي منع تهريبه من مصر.
وأوقفت غالبية السيارات سواء العمومية أو الخاصة مواتيرها عن الدوران، واصطفت في كراجات خاصة أو على ارصفة الطرقات، بانتظار عودة تدفق الوقود من جديد، ما خلق أزمة كبيرة في المواصلات. ويحتاج من يريد أن يستقل مركبة عمومية في قطاع غزة في هذه الأوقات أن ينتظر طويلا في الشارع، أو أن يمشي على قدميه للوصول لمكان عمله إن كان قريبا نوعا ما.
وباتت ترى في هذه الأوقات طوابير من السكان يصطفون على جانبي الطرق بانتظار مركبات تقلهم إلى أماكن توجههم، ويقول بعض منهم ان مكاتب السيارات الخاصة تحتاج لوقت أطول مما مضى لتأمين سيارات للتوصيل بسبب أزمة الوقود.
ولم يعد هناك وقود خاصة البنزين في محطات التعبئة، بسبب الإجراءات الأمنية المصرية المتبعة على طول الحدود الرابطة مع قطاع غزة، حيث دمرت قوات الأمن المصرية غالبية أنفاق تهريب البضائع مع غزة، خاصة تلك التي كانت تستخدم في تهريب الوقود، قبل شهرين، مع بداية إجراءات عزل الرئيس محمد مرسي.
ويعتمد سكان القطاع الساحلي على ذلك الوقود المهرب من مصر، لانخفاض ثمنه عن الوقود المستورد من إسرائيل، إذ يبلغ ثمنه أقل من النصف، ولم يتمكن أصحاب المركبات طوال الأيام الأربعة الماضية من تعبئة خزانات وقود المركبات بـ ‘الوقود الإسرائيلي’ لإغلاق المعبر التجاري بسبب الأعياد اليهودية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير. وتقول منى خضر التي تقطن مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، وتعمل في مؤسسة إعلامية بمدينة غزة، ان أزمة المواصلات تدفعها نحو التقدم بإجازة لحين إيجاد حل بعودة دخول الوقود مجددا، وتذكر أنها تمضي خلال عودتها للمنزل من العمل أكثر من ساعة ونصف الساعة وهي تبحث عن وسيلة مواصلات.
وستشهد هذه الأزمة زيادة خلال اليومين المقبلين مع افتتاح الجامعات الفلسطينية الفصل الدراسي الجديد، حيث سيتوافد من مناطق جنوب القطاع وشماله آلاف الطلبة يوميا على مدينة غزة مركز مؤسسات التعليم العالي. وتدفع أزمة الوقود الطاحنة بملاك المركبات العمومية إلى الاصطفاف في طوابير يمتد بعضها لنحو الكيلومتر أمام محطات التعبئة التي تتوفر فيها بين الحين والآخر كميات ضئيلة من الوقود.
ويؤكد محمود صبحي ويعمل على مركبة عمومية أنه ينتظر في بعض الأيام لأكثر من خمس ساعات لملء خزان عربته، ويقول ان هذه الكمية تكفيه فقط ليوم عمل واحد، ويشير إلى أن الأزمة تجبره على العمل فقط ليومين أو ثلاثة أيام على أحسن تقدير أسبوعيا.
وإلى جانب أزمة المواصلات ألقت أزمة شح الوقود ونفاده في غزة بظلالها على الورش الصناعية والمصانع، التي قلبت مواعيد عملها لتلائم ساعات وصل التيار الكهربائي، وهو أمر يلحق بأصحابها خسائر كبيرة.
وبالأصل يقطع التيار الكهربائي عن القطاع لأكثر من ثماني ساعات يوميا، بسبب أزمة نقص الوقود المستخدم في تشغيل محطة التوليد، وأنذرت سلطة الطاقة بوقف المحطة بشكل كامل حال استمرت أزمة شح الوقود، وهو ما من شأنه أن يزيد من ساعات فصل التيار لتصل إلى 18 ساعة يوميا بحسب خطة نفذت في وقت سابق على غرار أزمة مشابهة.
وحذرت عدة مؤسسات عاملة في غزة من حدوث ‘كارثة بيئية’ في القطاع جراء نقص الوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.
وكانت أيضا وزارة الصحة قد حذرت من نقص الوقود الذي يغذي المشافي، وأكدت أن النقص ستكون له ‘انعكاسات خطيرة’.
وأنذرت كذلك من التداعيات الخطيرة والمتفاقمة جراء حالة الشلل التي تصيب العمل في معبر رفح الفاصل عن مصر، وقالت ان انعكاسات هذه الحالة تؤثر على تقديم الخدمات الصحية في القطاع. وبسبب عمليات الجيش المصري على طول الحدود وما رافقها من تدمير للأنفاق ومصادرة المواد قبل تهريبها، بما فيها مواد البناء، توقفت ورش البناء عن العمل في غزة، ما زاد من أعداد البطالة.