تؤكد المعطيات حتى الآن أن الإدارة الأميركية تلقت صفعة قوية باضطرارها الى التراجع عن تهديداتها بشنّ العدوان على سورية وأن ما جرى بين الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف قد كرّس إلى حدّ كبير التسوية
محمد ابراهيم - البناء
تؤكد المعطيات حتى الآن أن الإدارة الأميركية تلقت صفعة قوية باضطرارها الى التراجع عن تهديداتها بشنّ العدوان على سورية وأن ما جرى بين الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف قد كرّس إلى حدّ كبير التسوية الروسية لأزمة السلاح الكيماوي كحل بديل عن سياسة قرع طبول الحرب التي مارستها وتمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
ووفق المعلومات والمواقف التي سجلت أخيراً فإن موسكو نجحت في فرض إيقاعها بالتعاطي مع الأزمة ما جعل واشنطن تستدرك خطأها وتسير في التسوية التي تعتبرها أفضل بكثير من تلك الورطة التي أوقعت نفسها بها منذ إعلانها النيّة في شنّ الحرب على سورية.
وإذا كان ما جرى يعتبر نجاحاً للدبلوماسية الروسية فإنه في الوقت نفسه يصب في مصلحة القيادة السورية التي تتعامل مع الأزمة بثقة وبصلابة واستطاعت بمؤازرة حلفائها أن تثبت نفسها كطرف أساس في معادلة أي حلّ أو تسوية.
أما المعارضة السورية فيمكن القول إنها أصيبت بنكسة كبيرة لأنها كانت تراهن على العدوان على سورية وعلى التدخل العسكري الخارجي لاستعادة دورها الذي كانت قد بدأت تفقده تدرّجاً في الأشهر الأخيرة سياسياً وميدانياً.
ويقول مصدر سياسي بارز «اللافت أن هناك أطرافاً في لبنان باتت تربط نفسها بهذه المعارضة وها هو رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري يعرب صراحة عن خيبته الشديدة جراء نجاح الحل الروسي في وقف العدوان على سورية وقبله فؤاد السنيورة الذي سارع إلى استخدام كل عبارات التمني والرجاء لحثّ الرئيس الأميركي على رفض الاقتراح الروسي والمضي في اتجاه العدوان على سورية».
ويضيف المصدر أن على هذه الأطراف اللبنانية أولاً أن تتعظ من التجارب السابقة وتقلع عن الرهانات على الخارج. وثانياً أن تعيد حساباتها وتنصرف جدياً إلى المساهمة إيجابياً في إيجاد الحلول لأزماتنا الداخلية بدءاً من الأزمة الحكومية بدلاً من الاستمرار في البكاء على الأطلال».
هل سيتغير أداء «المستقبل» وحلفائه بعد هذه الصفعة الكبيرة لمشروع العدوان على سورية أم أننا سنبقى نراوح مكاننا؟
في رأي المصدر السياسي أن علينا أن ننتظر ونراقب مسار الأيام القليلة المقبلة لافتاً إلى أن ما حفز الرئيس بري على تنشيط مبادرته للسير في خريطة الطريق الحوارية التي طرحها أكثر من عامل ولعلّ التطورات الخارجية التي اتجهت إلى طيّ صفحة العدوان الأميركي على سورية من أبرز هذه العوامل التي تشجع على ما قام به لجهة قرار التواصل مع الرؤساء والكتل النيابية.
وليس هذا هو السبب الوحيد الذي جعل رئيس المجلس يتجاوز المشككين ويمضي في تزخيم مبادرته بل إن هناك سبباً داخلياً مهماً، تمثل برد الفعل الشعبي المؤيد لها وللاتصالات الكثيرة التي تلقاها من فاعليات اقتصادية واجتماعية وسياسية تحثّه على المضي في جهوده تمهيداً لانعقاد طاولة الحوار في بعبدا بأقرب وقت ممكن.
وبرأي المصدر السياسي أنه رغم التشكيك من بعض أعضائه فإن فريق «14 آذار» لم يأخذ موقفاً إيجابياً كاملاً أو سلبياً كاملاً من المبادرة وبمعنى آخر فإنه لم يقل حتى الآن نعم أو لا للمبادرة ربما لأنه ينتظر القرار الخارجي الذي جعله يؤخر تشكيل الحكومة حتى الآن.
ويضيف المصدر: علينا أن ننتظر الأيام المقبلة إلى أن تخرج السعودية من صدمتها وتحسم أمرها تجاه الأزمة اللبنانية فإما تواصل سياسة إبقاء لبنان في الفراغ والجمود وإما تتعامل مع الأمر الواقع الجديد وتزيل «الفيتو» على تشكيل الحكومة الجديدة.