أحداث الجولان في ذكرى النكسة حملت رسالة مزدوجة: رسالة فلسطينية تعبّر عن يأس الفلسطينيين من المفاوضات وسورية مفادها أنّ أيّ مسّ باستقرار سورية يعني تهديداً لاستقرار المنطقة
حسين عاصي
أحداث الجولان حملت رسالة سورية فلسطينية مزدوجة
أي مس باستقرار سورية يعني دخول المنطقة بمرحلة الحروب
هناك من يراهن على إفشال ميقاتي والاتيان بالحريري من جديد
عون ليس العقدة.. والأزمة الحكومية مستمرة إلا إذا "جدّ الجدّ"
خطوة بري مسؤولة.. و"بتحرز" أن نحمي اقتصادنا وليرتنا!
أكد رئيس حزب الكتائب السابق الوزير السابق كريم بقرادوني أنّ أحداث الجولان في ذكرى النكسة حملت رسالة مزدوجة: رسالة فلسطينية تعبّر عن يأس الفلسطينيين من المفاوضات وسورية مفادها أنّ أيّ مسّ باستقرار سورية يعني تهديداً لاستقرار المنطقة وبالتالي أنّ الضغط الذي يواجه سورية يمكن أن يتحوّل إلى حرب إقليمية.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، أكد بقرادوني أنه لا يخشى على النظام في سورية، لكنّه أعرب عن اعتقاده بأنّ ما يحدث منظّم ومهيّأ ومحضّر وبالتالي سيأخذ وقتاً، موضحاً أنّ النظام باقٍ ولكنّ حسم المشاكل سيأخذ وقتاً.
وفي الموضوع الداخلي، شدّد بقرادوني على وجوب حصول لقاء على مستوى قيادة "8 آذار" بكاملها مع رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، مشيراً إلى أنّ المستقبل القريب سيكشف أنّ العقدة لا تكمن عند رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، لافتاً إلى أنّ وجود ضغوط خارجية وحتى رهانات على إفشال نجيب ميقاتي والاتيان برئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مجدداً.
وفيما رحّب بخطوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة لعقد جلسة تشريعية باعتبارها خطوة رجل دولة، معتبراً أنّ أهمّ ما فيها هو عدم ترك حاكمية مصرف لبنان ونواب الحاكمية في مهبّ الريح، لفت إلى أنّه شخصياً ربما يؤيد تعديل اتفاق الطائف ولكنه اعتبر أنّ الوقت غير مناسب الآن للخوض بغماره خصوصاً أنه ليس الأولوية المطلقة.
الضغط على سورية يمكن أن يتحوّل لحرب إقليمية
بقرادوني استهلّ حديثه لموقع المنار بقراءة أحداث ذكرى النكسة في الجولان السوري المحتل، حيث اعتبر أنّ هذه الأحداث حملت بين طيّاتها رسالة مزدوجة فهي شكّلت رسالة فلسطينية تعبّر عن يأس الفلسطينيين من المفاوضات السلمية مع العدو الاسرائيلي، وفي الوقت نفسه رسالة سورية أن الضغط الذي يواجه سورية يمكن أن يتحوّل إلى حرب إقليمية.
وأكد بقرادوني أنّ الدعم الاميركي للكيان الصهيوني لم يفاجئه، موضحاً أنّ هذا الدعم قائم منذ قيام "إسرائيل"، معتبراً أنّ كل رهان على أنّ الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تبتعد عن "إسرائيل" هو من باب التنظير السياسي والوهم. ورأى أنّ الالتزام الأميركي بأمن "إسرائيل" هو من الثوابت، معرباً عن اعتقاده بأنّ ما يهمّ أميركا في المنطقة هو أمن إسرائيل ومن ثمّ النفط.
ورداً على سؤال عن اعتبار البعض أحداث الجولان محاولة لصرف النظر عمّا يحصل في سورية، اعتبر بقرادوني أنّ العملية ليست عملية صرف نظر بقدر ما هي رسالة، موضحاً أنّ المسألة ليست مسألة تكتية لصرف النظر عمّا يحصل في الداخل السوري ولكنّ سورية هنا توجّه رسالة استراتيجية إلى "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية مفادها أنّ أيّ مسّ باستقرار سورية يعني تهديداً لاستقرار المنطقة. ولفت إلى أنّ سورية عامل استقرار للمنطقة، وبالتالي فإنّ سقوط النظام في سورية يعني دخول المنطقة بمرحلة اللااستقرار والفوضى والحروب.
ورداً على سؤال عن مصير سورية، أعرب بقرادوني عن اعتقاده بأنّ النظام لا يزال يملك أوراقا كثيراً وثوابت كثيرة، مؤكداً أنه لا يخشى على سقوطه ولكنّه يعتقد أنّ ما يحدث منظّم ومهيّأ ومحضّر وبالتالي سيأخذ وقتاً. وخلص إلى أنّ النظام باق ولكنّ حسم المشاكل سيتطلب وقتاً.
لا حلّ بالتقسيط.. وعقد متعددة تتغطى بعقدة عون
بالانتقال إلى الداخل اللبناني، اعتبر بقرادوني أنّ كل ما يصيب الاستقرار في سوريا ينعكس على لبنان، مشيراً إلى أنّ ما يحدث في سورية يضع لبنان أمام تهديد حقيقي يتعلق باستقراره، بمعزل عمّا إذا كان هناك حكومة أو لم يكن.
وأعرب عن اعتقاده بأنّ الحكومة اليوم هي ترجمة للمأزق القائم سواء في المنطقة وفي الداخل، مشيراً إلى أنّه لا يتوقع أن يتمّ تخطّي هذا المأزق إلا إذا "جدّ الجدّ"، على حدّ تعبيره. وشدّد في هذا السياق على وجوب حصول لقاء على مستوى قيادة "8 آذار" بكاملها مع رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي يتمّ فيه بحث الملف الحكومي بالعمق. وانتقد على هذا الصعيد ما يحصل اليوم من اجتماعات "بالواسطة"، موضحاً أنّ هذا الأسلوب جيّد في بداية الأزمة ولكنّه لم يعد أسلوباً يناسب أزمة تعدّت المئة يوم.
وفيما لفت إلى أنّ رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون سهّل ما عليه، أشار إلى أنّ السؤال الذي يحتاج لاجابة هو "هل كانت فقط عقدة الجنرال عون هي التي تؤخر تأليف الحكومة أم أنّ هناك عقداً أخرى كانت تتغطى بعقدة عون؟". واعتبر أنّ المستقبل القريب سيكشف أنّ عون لم يكن العقدة الوحيدة التي كانت تؤخر تشكيل الحكومة.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت العقد برأيه داخلية، أكد بقرادوني أنه مقتنع أنّ هناك عقداً خارجية وضغوطاً خارجية على صعيد الملف الحكومي. واعتبر في هذا السياق أنه ما زال هناك رهان على إفشال نجيب ميقاتي والاتيان من جديد برئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري. وإذ اعتبر أنّ ميقاتي يواجه هذا الوضع الخارجي الشديد التعقيد، اعتبر أنّ من يراهنون على ذلك هم فريق 14 آذار بأكمله وكل من لم يؤيدوا عملية إسقاط حكومة سعد الحريري بدءاً بالسعودية وانتهاء بالأميركيين.
ورداً على سؤال، اعتبر بقرادوني أنّ الأكثرية تحتاج لخطة في ما بينها يتمّ التوافق عليها مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، مشدداً على أن "لا حلّ بالتقسيط". ودعا قوى 8 آذار إلى أن تضع الخطة وتجتمع مع ميقاتي للاتفاق معه على إخراج الحكومة بأسرع وقت.
أهم ما في دعوة بري عدم ترك حاكمية مصرف لبنان بمهب الريح
وفيما حذر من أنّ بقاء لبنان بلا حكومة أو بحكومة تصريف أعمال يشكّل خطراً على لبنان ويجعله خاصرة ضعيفة، رحّب بقرادوني بدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقد جلسة تشريعية يوم الأربعاء المقبل لبحث عدد من مشاريع واقتراحات القوانين، واصفاً إياها بأنها خطوة رجل دولة بامتياز.
وحول قانونية هذه الخطوة، لفت بقرادوني إلى أنّ المادة 69 من القانون تسمح بعقد جلسات لمجلس النواب في ظلّ حكومة تصريف أعمال، علماً أنّ هذه المادة تنصّ على أنّه "عند استقالة حكومة أو اعتبارها مستقيلة كما في حالة اليوم، يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائيّة، حتى تأليف الحكومة ونيلها الثقة، وفي هذه الحالة يكون التشريع دستوريّاً وقانونيّاً"، ما يعني أنّ مجلس النواب منعقد حالياً بحكم القانون.
وأشار بقرادوني إلى أنّ دعوة مجلس النواب حق من حقوق رئيس المجلس النيابي كما تحديد جدول الأعمال أيضاً، لافتاً إلى أنّ أهمّ ما في دعوة بري هو عدم ترك حاكمية مصرف لبنان ونواب الحاكمية في مهبّ الريح بانتظار تشكيل حكومة. واعتبر أنّ بري يقوم هنا بعملية رجل مسؤول يصرّ على حماية لبنان من إمكانية وجود فراغ على مستوى حاكمية مصرف لبنان بموازاة الفراغ الحكومي. وقال: "أياً كانت النفوس "بتحرز" أن نحمي اقتصادنا وليرتنا من خلال تلبية الدعوة لتأمين استمرارية حاكم مصرف لبنان ونوابه".
تعديل الطائف... "مش وقتها"!
وتطرق بقرادوني في ختام حديثه لموقع المنار إلى موضوع اتفاق الطائف وإمكانية تعديله في ضوء السجال الذي شهدته الساحة الداخلية الأسبوع الماضي، فلفت إلى أنّ كلّ شيء في المبدأ قابل للتعديل "وكل شيء يتطوّر وكلّ النفوس بحاجة لتطوير".
لكنّه أعرب عن اعتقاده بأنّ الموضوع يتعلّق بالأولويات، فلفت إلى أنّ السؤال المطروح هو عمّا إذا كانت الأولوية اليوم تعديل اتفاق الطائف أم أن هناك أولوية في تشكيل الحكومة ومواجهة المحكمة والحفاظ على الأمن في منطقة تحتاجها الثورات.
وشدد بقرادوني على أنّ الطائف ليس مقدّساً فهو ليس قرآناً ولا إنجيلاً، ولكنه سأل هل تعديله هو الأولوية أم للحفاظ على الاستقرار في لبنان في ظلّ منطقة تعصف بها الرياح. وقال: "ليس الآن وقت تعديل الطائف مع أنني مع تعديله".
وتعليقاً على القول أنّ الأزمة الحكومية الراهنة هي التي أضاءت على الثغرات في اتفاق الطائف، أشار إلى أنّ ذلك صحيح لكنّ الوقت ليس مناسباً لتعديل الاتفاق. وقال: "لا يجب أن نفتح بمناسبة تشكيل هذه الحكومة مشكلة أكبر". وختم قائلاً: "فلنتدبر الأمور بالتي هي أحسن".