27-04-2024 06:54 PM بتوقيت القدس المحتلة

بعد كشفه عن المعادلة الجديدة .. هل تخطط أميركا لإغتيال السيد حسن نصرالله؟

بعد كشفه عن المعادلة الجديدة .. هل تخطط أميركا لإغتيال السيد حسن نصرالله؟

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 19 آب 1991 راجت فكرة النظام العالمي الجديد القائم على الأحادية القطبية أي السيطرة الأميركية الكاملة على العالم...

 

 

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 19 آب 1991 راجت فكرة النظام العالمي الجديد القائم على الأحادية القطبية أي السيطرة الأميركية الكاملة على العالم، ولتنفيذ هذا الحلم بشكل سريع رأت الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى اللجوء للقوّة العسكرية التي تمتلكها والتي لا يمكن أن تضاهيها قوّة أو يواجهها أحد. وترجمة لهذه الإستراتيجية، أي إستراتيجية القوّة الصلبة، خاضت أميركا العديد من الحروب الدموية، فافتعلت حرب تحرير الكويت والكل يعلم الدور الأميركي في استدراج صدام حسين لغزو الكويت في إطار خطة محكمة تبدأ بنشر قواتها في الخليج العربي وتنتهي بالسيطرة على كل شبر فيه. وبعد ذلك حاولت الولايات المتحدة إرساء مبدأ حق أميركا في الهجوم عبر تحالفات دولية، فخاضت حرباً ضروسة في أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول التي يلفها الغموض حتى اليوم. بعدها ادعت امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، فاحتلته وقتلت مئات آلاف المدنيين ليتبين بعد فترة زيف ادعاءاتها، ومن العراق قفزت إلى لبنان عبر أداة إسرائيلية لتشن عدواناً في تموز 2006 انتهى بخيبة كبيرة.

وبعد هذه الحروب الأربعة التي خاضتها أميركا تطبيقاً لإستراتيجية القوة الصلبة، كانت واشنطن تنتظر أن تستكين المنطقة وتسلّم القيادة لها بالحكم العسكري المباشر، إنما في الواقع المتشكّل فإنّ هذه الاستكانة لم تحصل. فالمقاومة في أفغانستان منعت الاستقرار، والمقاومة في العراق منعت أن يسقط البلد كلياً باليد الأميركية، أما في لبنان فتلقى مشروعها ضربتان هما الأقسى في 6 سنوات، أولهما دحر العدو الصهيوني عام 2000 وثانيهما القضاء على ما تبقى من هيبة لجيش العدو بعد هزيمة تاريخية في جنوب لبنان عام 2006. وفي المحصّلة أدرك الأميركيون أنّ حلمهم في نظام الأحادية القطبية تعرقل بسبب المقاومة أولاً وقيام جبهة المقاومة والممانعة ثانياً.

طوال هذه الفترة كان الأميركي يتكل على القاعدة بشكل أساسي لتخلق له الذرائع وتنتج له الفرص من أجل تحقيق انتشاره العسكري، ولكن بعد أن وصل إلى أعلى سقف في عملية الحروب ووجد أنها لن تفيده استغنى عن خدماتها كونها لم تعد صالحة للاستخدام. ومن جملة ما أدى إليه هذا الاستغناء هو تمثيلية الإعلان عن مقتل أسامة بن لادن، وبغض النظر إن كان الرجل مقتولاً أم لا، فإن لحظة الإعلان وضعت العملية بأكملها في خانة القتل السياسي والتصفية الإعلامية. ليحوّل الأميركي نظر العالم من القاعدة نحو ما يعتبره الخطر الرئيسي الذي يهدد مشروعه والقائم حصراً بجبهة المقاومة والممانعة.

في ظل هذا الواقع قامت الولايات المتحدة الأميركية بإعداد ملفات مختلفة لكل عنصر من عناصر هذه الجبهة بهدف إشغالها وتهديدها وجعلها تنكفئ وتتوقف عن مواجهة المشروع. فاختلقت للركن الأوّل "إيران" ملفين، ملف المطالب الشعبية والملف النووي، إلا أنّ الجمهورية الإسلامية تمكنت بذكاء وحكمة أدارت فيها معاركها في السنوات الثلاث الأخيرة، من أن تجهض الهجوم الأميركي، سواء هدد الأميركيون باستخدام القوة الخشنة أو الصلبة من حروب عسكرية وغيرها، أو استخدموا القوة الناعمة من خلال وسائل الإعلام والمنظمات الدولية من مجلس الأمن ووكالة الطاقة الذرية ومنظمة العفو الدولي ومنظمة حقوق الإنسان، فكل هذه الأساليب لم تخترق الدرع الإيراني.

أما في سورية، الركن الثاني من أركان جبهة المقاومة والممانعة، تستغل أميركا اليوم الحركة المطلبية الشعبية التي استوعبها النظام، لا بل فاجأ النظام السوري جميع المراقبين بالإصلاحات التي وضعها على سكة التنفيذ بالإضافة إلى خطوة العفو العام الغير متوقعة. فدفعت الخطوات الإيجابية للرئيس بشار الأسد بالأميركيين إلى التصعيد وتضخيم الأمور وإثارة منظمة حقوق الإنسان ومجلس الأمن وغيرهما لمحاصرة سورية، واخطر ما في هذه المحاصرة والعمل ضد دمشق هو التحوّل الدراماتيكي للموقف التركي ضد سورية، فعادت تركيا كما كانت منذ سنوات حاضنة لما يسمّى بالمعارضة السورية. ورغم ذلك صمدت سورية واستطاعت الخروج من دائرة الخطر، وفي فترة زمنية قصيرة قد لا تتجاوز الستة إلى ثمانية أسابيع يتوقع المراقبون أن تنتقل سورية إلى موقع محصن تستطيع منه أن تباشر الهجوم المعاكس.

بالنسبة للركن الثالث في هذه الجبهة، وهو حركة حماس، فبطريقة أو بأخرى وبحسابات أميركية دقيقة أو غير دقيقة، نستطيع القول إن البيت الأبيض لا يرى اليوم في "حماس" تهديداً رئيسياً ومباشراً خصوصاً بعد المصالحة الفلسطينية، ويعتبر أن هناك نوع من الاستيعاب لواقع حركة حماس في مرحلة انتقالية تريدها أميركا. أما ما هي الخطوات التي ستقوم بها "حماس" وأي قرار ستتخذه في هذا الإطار فهو أمر متروك لها وللمستقبل.
ويبقى الركن الرابع، حزب الله.

أميركا عاجزة عن ضرب حزب الله
في هذا الإطار يرى العميد الركن المتقاعد أمين حطيط، في حديث لموقع المنار الإلكتروني، أن حزب الله حقق انتصاراً سياسياً كبيراً عبر تغيير الأكثرية السياسية في لبنان. "عسكرياً راكم حزب الله قوته إلى أن وصل بها إلى الحد الذي بات فيه يهدد بعمليات دفاعية ضمن الأساليب الهجومية، ويذكر الجميع تلميح الأمين العام لحزب الله في شباط الماضي بأن الحزب قد يصدر أمراً إلى مقاوميه لإجتياح منطقة الجليل أي القيام بعمليات هجومية". ويتابع العميد حطيط، "رغم كل الاستفزازات والأفخاخ التي نصبت لحزب الله في الداخل وفي المنطقة والإتهامات التي سيقت له في الإعلام عن إرساله لمقاتلين إلى ليبيا والعراق وسورية، استطاع الحزب وببساطة كلّية أن يبرئ نفسه من هذه الإدعاءات".
نستنتج إذاً وبحسب العميد حطيط أن حزب الله في موقع ذاتي وإقليمي ودولي سليم، لا تستطيع أميركا أن تتناوله بأي سهم من هذه السهام، أما بالنسبة للحرب على الحزب باليد الأميركية والإسرائيلية فهي غير ممكنة الآن.

أوباما استبدل "القاعدة" بـ"حزب الله"
"لكن تبقى أميركا ممسكة بالحرب السياسية والحرب الإعلامية وحرب الإرهاب الفكري، وهذه الحروب تقود اوباما لتركيز الأضواء على حزب الله على أساس أنه الخطر الرئيسي الكامن حالياً في المنطقة، وهو يبتغي من ذلك
إبقاء عصب الحلف الأطلسي مشدوداً خصوصاً أن هذا الحلف ركّز في مفهومه الإستراتيجي الذي أطلقه في تشرين 2010 على الإرهاب ولكنه جهّلَ العدو، أي أنه لم يسمّي الجهة الإرهابية، وعندما يركّز أوباما هنا على حزب الله يستكمل ما غاب عن الوثيقة الأطلسية ويقدّم اسم الجهة التي يعتبرها إرهابية والتي يريد أن يبقي العصب الأطلسي مشدوداً ضدها"، هكذا يفسّر العميد حطيط خطاب أوباما المستجد.

ويضيف حطيط، "هكذا يكون أوباما قد استبدل العدو الذي كان يصفه في وقت سابق بـ"الإرهابي السني المتطرف" الذي يمثله تنظيم القاعدة بحزب الله الذي يريد أوباما أن يلصق فيه صفة "الإرهاب الشيعي". فالآن تحتاج الولايات المتحدة إلى تحالف مع المسلمين  السنة في أكثر من مكان وخاصة مع الاخوان المسلمين، ولا يمكن أن تقاتل الفئة وتصادقها في الآن نفسه كما لا يمكنها أن تستغني عن عدو "إرهابي"، وما تبني أوباما للثورات سوى فتح لصفحة جديدة مع السنة تمهيداً لضرب الشيعة. لأجل كل ذلك كان لا بد من انتقال التركيز من القاعدة السنية إلى حزب الله الشيعي حتى لا تتناقض فكرة المصالحة والمناكفة والعداء في لحظة واحدة وتجاه جهة واحدة".

هل تخطط الولايات المتحدة لإغتيال السيد حسن نصرالله؟
وبعد تقديمه حزب الله كبديل عن القاعدة لا بد من خطوات ميدانية يقوم بها الأميركي في المرحلة المقبلة وهناك ثلاثة سيناريوهات ممكنة في هذا المجال:

1- اكتفاء الولايات المتحدة بممارسة الضغط الإعلامي حتى تشغل حزب الله وتدخل في قلبه الرعب، وهذا السيناريو الأكثر احتمالاً بحسب حطيط.
2-  أن يتشدد الأميركي ويركّز أكثر على العمليات الأمنية الإستخباراتية من أجل النيل من قادة حزب الله وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصرالله، فيكون الأميركي من خلال تشويهه لصورة الحزب وأمينه العام قد هيأ الأرضية العالمية لتنفيذ عملية تنال من رأس المقاومة. فكما جاء قتل أسامة بن لادن بالطريقة التي تمّ فيها واحتفلت أميركا بما اعتبرته انتصاراً، هي تهيء اليوم البيئة الملائمة حتى تحقق نصراً جديداً إذا استطاعت النيل من قائد حزب الله.
3- الإستمرار في عملية التضخيم والحرب النفسية لفترة زمنية طويلة قد تتجاوز الخمس سنوات، يرافقها تحضيرات نفسية متواصلة حتى إذا اختلفت الموازين واستطاع الأميركي أن يقوم بعمل عسكري ما، فسيكون قد هيّأ العالم لما سيقوم به.

حزب الله..عنواناً يومياً للإرهاب
ونتيجة لكل ما تقدّم يتوقع العميد حطيط "ازدياد الضغط الدولي وأن يصبح موضوع حزب الله من الآن وصاعداً عنواناً يومياً خاصة في موضوع الإرهاب، وفي هذا الإطار أتى كلام وزير الحرب الأميركي روبرت غيتس الذي ادعى منذ أيام أنه قد يكون بحوزة حزب الله أسلحة كيميائية وجرثومية، وغيتس نفسه اعترف أن لا أدلة على كلامه بل أنّ ما أدلى به لا يتعدى التوقعات، وهذا ما يذكرنا بأكذوبة سلاح الدمار الشامل العراقي، فسياستهم دائماً إطلاق الكذبة ثم تطويرها والتعامل معها بعد ذلك على أنها حقيقة، وعندما تنكشف كذبتهم لا يكلفون أنفسهم حتى عناء الاعتذار".

المعادلة الجديدة: جبهة مقابل جبهة
كان لسماحة السيد حسن نصرالله رد على خطاب أوباما فاجأ فيه الكثيرين ممن لم يكونوا يتوقعون أن يرفع السيد نصرالله السقف إلى هذا المستوى، ولم يقتصر كلام سماحته على الرد على أوباما، بل كشف عن استراتيجية عسكرية جديدة.

"استوقفتني الجمل التالية: أولاً، أنّ الصواريخ أصبحت داخلة في المعادلة الإقليمية. ثانياً، أنه ليس لدينا أي عنصر من حزب الله يعمل في أي ميدان عسكري خارج لبنان وإذا كنا سنعمل فإننا سنختار هذا الميدان وسيكون شريفاً وسنعلن ذلك وثالثاً قول سماحة السيّد ان حزب الله بنى موقفه من الأحداث التي تجري في سوريا وغيرها من البلدان العربية استناداً إلى مسألتين: موقفها من العدو واستعدادها للإصلاح. فإذا دمجت كل هذه المعطيات وحللتها تستطيع أن تخرج بالموقف المبسط التالي:
إن حزب الله يفهم حقيقة ما يجري في المنطقة بشكل عام وفي سورية بشكل خاص، وإن السلاح الذي يملكه حزب الله في لبنان لم يعد سلاحاً محلياً إنما دخل في معادلة إقليمية ضمن مشروع سيادي يمنع ذهنية الاستعمار ويمنع ذهنية التحكم الآتي من الخارج. وهذا السلاح حتى يؤتي مفاعيله ويؤثر كما ينبغي، لا يمكن أن يستخدم بشكل معزول، وهذا هو المنطق العسكري السليم لأنّ أسوأ القتال هو أن تقاتل معزولاً، وحزب الله لن يسمح بتشكل المناطق المغلقة والمعزولة التي يسهل على الغرب اجتثاثها أو العمل ضدها والتأثير عليها. فإذا استخلصنا من هذه المواقف رفض فكرة الوقوع في العزلة أو القتال في المناطق المعزولة وجمعناها مع الصورة التي برزت العام الماضي في دمشق والتي ضمت الرئيسين نجاد والأسد والسيد نصرالله، حين أطلقت إستراتيجية الحرب الشاملة والجبهات المتعددة  المتزامنة، لاستنتجنا ببساطة كليّة أن حزب الله سيستمر بالمقاومة ويخوض معاركه الدفاعية بالتنسيق والتعاون مع عناصر جبهة المقاومة والممانعة وسيعمل حيث يقتضي العمل من أجل الدفاع عن الذات كعنصر، وعن جبهة المقاومة والممانعة بشكل عام، وأن المجال مفتوح لاستعمال هذه الصواريخ لإنقاذ أي عنصر من عناصر المقاومة والممانعة إذا تعرض للخطر. وبالتالي فالإستراتيجية الجديدة هي جبهة مقابل جبهة وليس فرد مقابل إسرائيل. ومن أجل ذلك أرى أن هذا الخطاب شكّل ارتقاء في المسيرة الإستراتيجية للسيد حسن نصرالله الذي عوّد الآخرين دائماً على المفاجآت بالفكر الإستراتيجي، وأنا أعتقد أنه فاجأهم وكان جريئاً لأنهم كانوا يعتقدون أنه سيتردد بالوصول إلى هذا السقف، فإذ به بجرأته المعهودة يعلن إستراتيجية جديدة". يختم العميد حطيط.