“أنا لا أتعامل مع هذا الكشكول، لأني معارض لجماعة الإخوان المسلمين (التي ينتمي إليه مرسي)، لكنه موجود في السوق (الفجالة) لدى عدة مكتبات”. و”لا تعرض المكتبات تلك السلعة، بشكل علني
كمن يذهب إلى صيدلية مشبوهة تبيع أدوية مخدرة سرا.. يباع هذه الأيام في سوق الأدوات المدرسية بمصر “كشكول (دفتر أوراق) رابعة”، والذي يحظى بنفس الدرجة من السرية. “الكشكول” يحمل علامة “رابعة العدوية” ذات الخلفية الصفراء، والمرسوم عليها أربعة أصابع منتصبة متجاورة، والتي صارت سمة مميزة للفعاليات المناهضة لما يعتبره قطاع من المصريين “انقلابا عسكريا” يوم 3 يوليو/ تموز الماضي، على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ومنذ سقوط قتلى وجرحى في فض قوات من الجيش والشرطة اعتصام مؤيدين لمرسي في ميداني رابعة العدوية (شرقي القاهرة) ونهضة مصر (غرب العاصمة) يوم 14 أغسطس/آب الماضي، انتشر شعار “رابعة العدوية” بين مؤيديه للتعبير عن دعمهم لضحايا فض الاعتصام. محمد جمال، وهو أحد الباعة في سوق الأدوات المدرسية الأشهر في مصر بمنطقة “الفجالة ” (وسط القاهرة) ، قال لوكالة الأناضول: “أنا لا أتعامل مع هذا الكشكول، لأني معارض لجماعة الإخوان المسلمين (التي ينتمي إليه مرسي)، لكنه موجود في السوق (الفجالة) لدى عدة مكتبات”. و”لا تعرض المكتبات تلك السلعة، بشكل علني، إذ يباع سرا، ولنوعية معينة من المستهلكين”، بحسب جمال.
المكتبات الكبيرة بدورها لا تنكر هي الأخرى وجوده، لكن كل مكتبة تتبرأ منه، وكأنه من “الممنوعات”. وهو ما عبر عنه أحد العاملين في إحدى مكتبات منطقة الفجالة بقوله: “نعيش في أجواء أمنية يلاحق فيها كل من له علاقة بالإخوان المسلمين، فكيف يمكن أن يباع هذا الكشكول بشكل علني ؟!”.
ويتابع الرجل الذي طلب عدم نشر اسمه: “ما أستطيع أن أقوله لك أن لهذه السلعة زبونها، ولذلك هناك من يعمل على بيعها، ولكن لا تباع لكل شخص”. المعنى نفسه يؤكد عليه مصطفى رزق، وهو اسم مستعار طلب أحد العاملين بإحدى المكتبات نشره، بقوله: “هذا الكشكول يباع في المكتبات الكبيرة، ولا يخرجه أصحاب المكتبات إلا لمن يعرفونه جيدا”.
وقبل بدء العام الدراسي، السبت المقبل، يشهد سوق الأدوات المدرسية رواجا، يأمل أصحاب المكتبات أن يساعدهم في تعويض بعض خسائرهم التي تكبدوها جراء الأحداث السياسية الأخيرة. ويقول وائل جمال، وهو أحد العاملين في منطقة الفجالة قرب ميدان رمسيس وسط القاهرة: “بسبب الأحداث السياسية التي تشهدها منطقة وسط القاهرة يوم الجمعة من كل أسبوع، لم يعد هذا اليوم الهام بالنسبة لنا يشهد رواجا، وأصبح المستهلك يأتينا بقية أيام الأسبوع فقط”. ويتابع جمال: “بخلاف تأثرنا بيوم الجمعة، فإن مدى تأثر السوق بالأحداث يبقى محدودا، لأن السلعة التي نبيعها لا غني عنها لأي أسرة مصرية “.
ويتفق رجب محمد شعبان، وهو والد لطفلين، مع ما ذهب إليه جمال، ويقول الأب، الذي كان يشتري لأبنائه أدواتا مدرسية: “رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، لابد أن نشتري الأدوات المدرسية لأبنائنا، فهذا أمر لا غنى عنه”.
و”تشهد الأدوات المدرسية هذا العام زيادة في الأسعار يقدرها البائعون بـ 40 %، إلا أن قرار وزارة التربية والتعليم بإعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية هذا العام ساعد على تجاوز تلك الأزمة”، على حد قول شعبان. ويضيف الأب، بينما يتحرك في سوق الأدوات المدرسية بمنطقة الفجالة: “ما كنا سننفقه كمصروفات مدرسية، تم توجيهه لتعويض هذه الزيادة”.
وأعلن محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، الأسبوع الماضي، إعفاء جميع الطلاب في التعليم العام (الحكومي) من المصروفات الدراسية لهذا العام؛ بناء على قرار مجلس الوزراء، كما قرر شيخ الأزهر، أحمد الطيب، إعفاء جميع الطلاب في مراحل التعليم الأزهري المختلفة من المصاريف الدراسية لهذا العام. وبينما برر المسؤولون هذا القرار بمحاولة تخفيف الأعباء عن المواطنين، يراه مراقبون محاولة حكومية لنيل رضا قطاع من المصريين في ظل أوضاع اقتصادية متردية، زادت سوءا مع تصاعد الاضطرابات السياسية منذ الإطاحة بمرسي.