يؤكد أحد قادة «جند الشام» هيثم الشعبي أن لتنظيمه مساهمة فاعلة في الأحداث في سوريا إلى جانب «جبهة النصرة». ويكشف ان التنظيم ساعد الشيخ احمد الأسير في معركته ضد الجيش
ناصر شرارة
يؤكد أحد قادة «جند الشام» هيثم الشعبي أن لتنظيمه مساهمة فاعلة في الأحداث في سوريا إلى جانب «جبهة النصرة». ويكشف ان التنظيم ساعد الشيخ احمد الأسير في معركته ضد الجيش.
لا تزال السيارة التي فكّك تنظيم «جند الشام» المدفع الرشاش عنها، وخبّأه داخل سخان للمياه لتهريبه الى طرابلس قبل اكثر من شهر، مركونة أمام منزل هيثم الشعبي. على الأغلب، كانت عملية التهريب تهدف إلى إيصال الرشاش الى الداخل السوري حيث يشارك التنظيم في القتال الى جانب «جبهة النصرة». لا ينكر الشعبي هذه المشاركة، ويكشف انه زار سوريا مرتين منذ بدء الأحداث فيها قبل حوالى سنتين ونصف السنة، وقاتل في منطقتي القلمون والقصير، وظل في الأخيرة ستة أشهر تقريباً. كما قاتل شهرين في بلدة ربلة (المسيحية) في ريف القصير. يقسم باليمين المعظمة ثلاث مرات ان جماعته لم تعتد على المسيحيين هناك؛ ومن فعل ذلك هم «عصابات الجيش السوري الحر». يقول: «نعم كنا ندخل الى الدير في ربلة، للأكل والشرب وتأمين بعض حاجاتنا. ولكننا لم نعتد» على أحد. ويشير الى أن «عدد شهدائنا في سوريا بلغ عشرين عنصراً»، لكنه يؤكد ان عناصر التنظيم «لا يذهبون الى هناك كمجموعات، بل كأشخاص، ونحن نؤمّن لهم التواصل مع جبهة النصرة التي لنا علاقات وثيقة معها». ويوضح الشعبي ان أكبر وجود عسكري لـ «جند الشام»، في سوريا، هو في «القلمون حيث ينسق مقاتلونا مع جبهة النصرة، وفي قلعة الحصن التي نعمل فيها بشكل مستقل».
لا ينكر الشعبي مشاركة جماعته في أحداث عسكرية داخل لبنان. «ساندنا الشيخ الأحمد الأسير من خلال فتح اشتباك من مواقعنا مع الجيش اللبناني بهدف تخفيف الضغط العسكري عنه». لكنه ينهي الحوار سريعاً حول أحداث عبرا بالقول: «لقد تسرع الشيخ الأسير. مع ذلك لم يكن ممكناً ان نقبل بإهانته من دون إبداء ولو شيئاً من الدعم الرمزي له».
يدرك الشعبي ان صورة التيار الذي ينتمي اليه قبيحة في الاعلام العالمي. يسأل: «ما الذي يجب فعله لتحسين صورتنا؟». ينصت باهتمام إلى فكرة إحضار الاعلام لالتقاط صورة لجهاديين متشددين يحرسون مصلين في كنيسة في اي مكان في سوريا. ولكن هل هذه فكرة قابلة للتطبيق، أو بكلام أدق، هل يمكن، فقهياً، لـ«جبهة النصرة» أو «دولة الإسلام في العراق والشام» أو المجموعات الاسلامية المتشددة الموافقة عليها؟ يتجنّب الشعبي الاجابة، ويحاول ــــ في المقابل ــــ تظهير خلاصة موقفه كسلفي أصولي متشدد من قضية الأقليات: «نحن، أهل السنة، بحر، ومصير الأقليات ان تعيش ضمن حكم اسلامي. لسنا على خلاف مع الشيعة بل مع حزب الله. قليلون يعلمون ان داخل المنطقة التي تسيطر عليها جند الشام في مخيم عين الحلوة عشرين عائلة شيعية. أتحدى أحداً ان يدّعي اننا نسيء معاملتهم. نحن نريد اقامة حكم الاسلام وتثبيت مبادئ الشريعة الاسلامية. هذه أهدافنا وهذا ما نريده».
هموم المخيم
يجمع أكثر من مصدر في عين الحلوة على تضخّم عدد عناصر «جند الشام» في الآونة الاخيرة. ويعزو ذلك الى قناعة المطلوبين داخل المخيم بأن التنظيم لن يسلمهم الى الدولة اللبنانية، على نحو ما تفعله حركة فتح. ولذلك، تشير مصادر الى أن نسبة عالية من المطلوبين الأساسيين انضمت الى صفوف التنظيم.
وواقع الحال في المخيم يشير الى وجود ثلاث ظواهر اجتماعية تطغى حاليا على حديث ناسه، هي: النازحون الفلسطينيون من سوريا الذين يقدّرون بأربعين ألفا؛ والمطلوبون للدولة الذين يتضخم عددهم يوميا وكثيرون منهم تدوّن اسماؤهم على لائحة «الفارين من العدالة» من دون سبب جوهري. والمخبرون من أبناء المخيم الذين يعملون لمصلحة الاستخبارات اللبنانية، وهؤلاء يرى الشعبي «ان سفك دمهم حلال».
أمراء عين الحلوة
يستخدم الشعبي لقب «الأمير» للإشارة إلى الشيخ أسامة الشهابي، أمير تنظيم «فتح الإسلام». وتعزز هذه الاشارة معلومات شاعت اخيراً، عن ان قادة المجموعات الخمس في التعمير، المحسوبة على مناخ «القاعدة»، توحدت في ما بينها، وهي تنتظر فتوى من «أبو محمد الجولاني» للإعلان عن نفسها كفرع لـ «جبهة النصرة» في لبنان، تحت «إمرة» الشهابي المقيم في المخيم، بحسب مصادر امنية.
اما بلال بدر، المصنف كأحد قادة المجموعات الخمس، فلا أثر له داخل المخيم، فيما يكرر عارفوه قصته الشائعة: بدأ حياته التنظيمية مع حركة فتح، وبعد مقتل صديقه على أيدي أحد عناصرها أقسم بالانتقام له، وذهب الى حضن «جند الشام». والانطباع السائد عنه أنه «آدمي» وذو سلوك حسن.
توفيق طه، المصنف على انه الأخطر بين زملائه الخمسة، امكن مصادفته امام «مسجد النور» وهو يستقل، برفقة سائقه، سيارة مرسيدس «مفيّمة».
وجميع هؤلاء، تؤكّد تقارير الاستخبارات المحلية والعالمية ارتباطهم الوثيق بتنظيم «القاعدة» في عين الحلوة. فيما ينفون هذا التصنيف مع تأكيدهم انهم يعتنقون أفكار التنظيم العقائدية.
وبعيداً عن صورتهم في الاعلام وسجلات الامن، يعيش قادة «جند الاسلام»، وشقيقاته من التنظيمات، حياتهم داخل المخيم كأناس عاديين من دون اغفال «هيبة» ترافق تنقلاتهم، وهي نشأت من انطباع نشأ بين أهالي المخيم بأنهم ارهابيون خطرون. وتشارك في رسم صورتهم هذه وسائل الاعلام ووقائع ارتكبوها بأنفسهم.
يؤكد الشعبي «أننا لسنا جسماً من خارج بيئة المخيم، ولا نريد الاحتراب الداخلي فيه، لأن ذلك سيلحق بنا الخسارة بغض النظر عن نتيجته العسكرية». ويضيف:«نحن مع التواصل مع باقي أطياف الفصائل الفلسطينية»، لكنه يوضح «أننا لسنا مشاركين في القوة الفلسطينية المشتركة المشكّلة قبل ايام لحفظ الامن في المخيم».
وهنا قصة أخرى تتردد تفاصيل عن كواليسها داخل المخيم، خلاصتها ــــ بحسب أكثر من مصدر من فصائل مختلفة ــــ أنه كان مقررا لهذه القوة ان تتشكل من 150 عنصرا. وعندما تعذر ذلك، شكلت من خمسين فردا يداومون مناصفة على فترتين طوال النهار. وهناك شكوك حول استمرارهم في العمل خلال الليل. ويتقاضى كل عنصر من افراد القوة 200 دولار يقال ان حركة «حماس» تسددها، ولذلك تم اسناد مهمة نائب قائد القوة لأحد قيادييها. والانطباع السائد عن هذه القوة، بحسب احد قادة «فتح»، بأنها قوة تنظيم سير وفي أحسن احوالها «رسالة طمأنة» ليس اكثر.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه