استطاع «بمبي» بجرأة غير معهودة منافسة عشرات البرامج الكوميدية السعودية بسقف عال من الانفتاح. سمح له تصنيفه ضمن البرامج الكوميدية بالذهاب نحو المبالغة الساخرة لإيصال أفكاره وتخطي الكثير من الخطوط الحمر
بأسلوبه الخيالي والجريء في مقاربة الحياة في المملكة، حقق برنامج «بمبي» الكوميدي نسبة مشاهدة عالية على يوتيوب، وسط بروز أصوات متشددة تُطالب باعتقال القائمين عليه.
مريم عبد الله / جريدة الأخبار
الرجال ممنوعون من قيادة السيارات في السعودية. النساء فقط من يحق لهنّ ذلك في هذا البلد المحافظ. مشهد قد تستحيل رؤيته على أرض الواقع، لكن ذلك لم يمنع تجسيده في البرنامج السعودي «بمبي» الذي تعرضه قناة خاصة على يوتيوب. على صفحته الرسمية على فايسبوك، يعرّف البرنامج الجديد عن نفسه بأنّه «كوميدي وخيالي وجريء جداً، يناقش القضايا الاجتماعية وبعض الأفكار الدخيلة على المجتمع بطريقة خاصة».
فكرته تعود إلى يوسف الأحمد الذي يتولّى تقديمه أيضاً، وهو من بطولة مجموعة من شبان وشابات مدينة جدة (غرب)، أما الإعداد والتأليف فهما مهمّة فاروق الشعيبي، فيما أوكل الإخراج إلى هيما، والإنتاج إلى ماجد الريفي.
الحلقة الثالثة بعنوان «الحريم ساقوها» حُمّلت منذ أسبوع تقريباً، وحصدت أكثر من مليوني مشاهدة. هنا، مجموعة من النساء الجميلات يفاخرن بقيادة سيّاراتهن الفارهة. وبحكم قانون «بمبي» القاسي، على الرجل أنّ يتوسّل أخته لتأخذه معها، بينما هي تسخر منه بجملة لطالما سمعتها المرأة السعودية: «أنت ملك، عمرك شفت ملك يسوق سيارة؟!».
في مشهد آخر، تسخر الأخت الصغرى من أخيها وتعده بأنّه سيكون جالساً في البيت لمتابعة المسلسلات التركية يوم تحصل هي على رخصة القيادة بعد عامين. سيّارات النساء قد تتعطل في منتصف الشارع، لكن المساعد لن يكون رجلاً هذه المرّة بل «فوزية»، أقوى امرأة في عالم «بمبي» الخيالي.
انطلاقاً من مبدأ السخرية المضخّمة، تطرّقت الحلقة إلى قصص أخرى كالتحرش، لكنّها عكست الأدوار. أوقفت الفتيات سيّاراتهن إلى جانب الطريق لمضايقة الشباب. مواقف تظهر في العديد من المشاهد الواقعية التي تجسّد معاناة نساء المملكة. توقيت عرض حلقة «الحريم ساقوها» لم يكن عبثياً على ما يبدو، إذ جاء قبل حوالى شهر من بدء حملة جديدة لدعم قيادة المرأة السعودية للسيّارة الذي يصادف في 26 تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل.
قبل ذلك، قدّم «بمبي» حلقة بعنوان «ما في بطالة» (7 آب/ أغسطس) تجسّد تعيين «وزارة العمل» لجنة لمكافحة البطالة تداهم البيوت للبحث عن العاطلين وتشغيلهم بالقوّة، عارضة عليهم رواتب خيالية، ومهددةً إيّاهم بالسجن في حال الرفض.
أما الحلقة الأولى «الانفتاح في التعليم» (17 حزيران/ يونيو)، فافترضت ما سيحدث داخل الصفوف في حال صدور قرار يسمح بالتعلّم في مدارس مختلطة. وعالجت الحلقة المشاكل الناتجة من الفصل بين الجنسين، طارحة فكرة وجود دروس موسيقى. حالما انتشرت الحلقة الأولى، أحدثت ضجة واسعة في أوساط السعوديين بسبب «كثرة الجرأة والإيحاءات .... »، كما أنّ استخدام لهجة أهل جدة كانت كفيلة بمهاجمة غالبية الحجازيين لها، فضلاً عن تخطي عدد متابعيها على يوتيوب الثلاثة ملايين.
إذاً، استطاع «بمبي» بجرأة غير معهودة منافسة عشرات البرامج الكوميدية السعودية بسقف عال من الانفتاح. سمح له تصنيفه ضمن البرامج الكوميدية بالذهاب نحو المبالغة الساخرة لإيصال أفكاره وتخطي الكثير من الخطوط الحمر. تمنّي بعض المغرّدات بالعيش في هذا العالم الوردي، لا يخفي الجانب الأخطر الذي تجسّد في بعض الأصوات المتشددة التي طالبت عبر تويتر بـ«اعتقال» طاقم البرنامج بتهمة «المساعدة على إفساد المجتمع وخروجه على القيم والمبادئ المحافظة»!..