ومرّ المتحدث على الفترة التي تولى فيها الإمام الرضا(ع) لولاية العهد في حكومة المأمون التي استمرت لعامين في الفترة 201-203م، والخطوات التي اتبعها المأمون العباسي لطمأنة الطالبيين من قبيل ضرب النقود باسم الإ
في إطار برامجها الدورية استضافت دار الحكمة في العاصمة البريطانية لندن الباحث العراقي الدكتور نضير الخزرجي متحدثاً عن الظروف السياسية في نهاية القرن الثاني الهجري ومطلع الثالث الهجري التي رافقت حياة الإمام علي بن موسى الرضا(ع) والدروس والعبر التي يمكن أن تستفيد منها المجتمعات العربية والإسلامية في ظروفها الحالية حيث تحاول قوى خارجية تعينها قوى داخلية على تمزيق وصلتها ولحمتها، متعرضاً للخطوط العريضة لحركة التاريخ وإسقاطاتها المتجددة على الواقع اليومي لحياة الأمة.
جاء الحدث الثقافي في أمسية الجمعة 20/9/2013م في الذكرى السنوية (11/11/148هـ) لميلاد الإمام الثامن من أئمة أهل البيت(ع)، وبحضور متنوع من أعلام الأمة من العراق والبحرين ولبنان واليمن وغيرهم، قدّم فيها مدير الندوة الأستاذ علي مشيمع نبذة عن حياة الإمام الرضا، وعن الواقع الإسلامي في الماضي والحاضر.
في بداية الندوة استعرض الدكتور نضير الخزرجي الواقع السياسي الذي سبق قيام الدولة العباسية وعلاقة جد بني العباس حبر الأمة عبد الله بن عباس بجد العلويين الإمام علي بن أبي طالب(ع)، منوِّهاً وخلاف الشائع أن العلاقة كانت علاقة ولاء المأموم للإمام وأن الصحابي عبد الله بن عباس مات على الولاء لأهل البيت(ع) وكان في لحظات الممات وهو في هجرته القسرية في الطائف يردد الشهادات الثلاث حتى فاضت روحه إلى بارئها.
كما قدّم نبذة مختصرة عن الشخصيات التي قادت حركة التغيير في العام 132هـ تاريخ سقوط العهد الأموي، والقائم على ثلاثية أحفاد الإمام علي وجعفر الطيار وعبد الله بن عباس، لكن الكفة السياسية مالت الى بني العباس، مما أوجد عداءً مستحكماً بين السلطة الجديدة الحاكمة والبيت الطالبي -نسبة إلى أحفاد الأخوة: علي بن أبي طالب(ع) وجعفر بن أبي طالب وعقيل بن أبي طالب، وعموم الطالبيين الذين يرجعون بالنسب إلى حامي الرسول والرسالة، أبو طالب بن عبد المطلب- مؤكداً أن معرفة بني العباس بأحقية أبناء علي(ع) بالحكم هو الذي جعلهم يضيقون حلقة الخناق على بيوت الطالبيين، ولذلك شهدت الفترة منذ قيام الحكم العباسي حتى مطلع القرن الثالث الهجري أكثر من ثلاثين حركة مسلحة تنسب الى الطالبيين، منها حركة ابن طباطبا محمد بن إبراهيم (طباطبا) بن إسماعيل بن علي الغمر بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (173-199م)، فضلاً عن حركات أخرى لمجموعات من خارج البيت الطالبي.
وتناول المحاضر بالتفصيل الظرف السياسي والإجتماعي والعلمي الذي رافق حياة الإمام علي بن موسى الرضا(ع) في فترة إمامته التي بدأت عام 183هـ باستشهاد أبيه الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) في سجن هارون العباسي ببغداد وانتهت باستشهاده هو في طوس بخراسان عام 203هـ، ووجد الخزرجي من خلال القراءة التاريخية أن عهد الإمام الرضا شهد فسحة في نشر تعاليم الإسلام وفقه آل خلال وجوده في المدينة المنورة، وربما أحد أسباب الإنفراج تمثل في شبه الفراغ السياسي وضعف القبضة العباسية على مقاليد الأمور في الأقاليم البعيدة عن بغداد نتيجة للصراع العباسي العباسي وبخاصة صراع الأمين والمأمون الذى أفضى الى حروب طاحنة بين بغداد ومرو انتهت الى مقتل الأمين واستعادة المأمون للعاصمة التقليدية لبني العباس وعودته إليها بعد سنوات.
ومرّ المتحدث على الفترة التي تولى فيها الإمام الرضا(ع) لولاية العهد في حكومة المأمون التي استمرت لعامين في الفترة 201-203م، والخطوات التي اتبعها المأمون العباسي لطمأنة الطالبيين من قبيل ضرب النقود باسم الإمام الرضا(ع) وتزويجه لابنته أم حبيبة ورد فدك، وغيرها، مؤكداً أن الإمام الرضا(ع) استفاد من موقعه الذي اشترط على المأمون أن يكون مع وقف التنفيذ، في الدفاع عن الإسلام وشرحه للآخر غير المسلم من خلال توليه مجلس الأديان والمعتقدات والمناظرات التي كانت تعقد مع رؤساء الأديان والمذاهب، بخاصة مع انتشار رقعة الدولة الإسلامية، منتهيا الى القول أن أئمة أهل البيت(ع) هم سلسلة واحدة من منبع واحد، ولكن لكل إمام دوره في الحياة يعيش مع المجتمع ويعايش ظرفه السياسي والإجتماعي معايشة عالم الشهود، وينبغي لكل باحث وهو يتابع التاريخ أن يأخذ الأمور على طبيعتها دون مغالات أو مقالات، وهم أسوة وقدوة إن قام منهم إمام أو قعد، وفي قيامهم وقعودهم دروس للأمة في اختيار الظرف المناسب والوسيلة المناسبة في التغيير والإصلاح.
في ختام الندوة أجاب الدكتور نضير الخزرجي على أسئلة الحاضرين وأنار الضوء على بعض الزوايا من سيرة الإمام علي بن موسى الرضا(ع) الخاصة بالجانب العلمي والسياسي، مؤكداً على أهمية قراءة التاريخ الإسلامي قراءة واقعية دون تعصب طائفي مذهبي من غير أن يقلل ذلك من أهمية ايمان المرء بما يعتقده، مع ملاحظة كل مرحلة تاريخية وظرفها وعدم إلباس الماضي لبوس الحاضر، وأعقب الندوة موشحات ومدائح بالمناسبة.