27-11-2024 09:36 PM بتوقيت القدس المحتلة

هل تفي انغيلا ميركل بوعودها للناخبين الالمان بشأن الضرائب؟

هل تفي انغيلا ميركل بوعودها للناخبين الالمان بشأن الضرائب؟

لم يخطر ببال التحالف المسيحي أنه سيواجه مثل هذا الموقف بعد تشديده مرارا أثناء الحملة الانتخابية أنه لن يلجأ لزيادة الضرائب.

أنجير ميركللم تكد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تحصل على أكبر نسبة من أصوات الناخبين يوم الأحد الماضي حتى وجدت نفسها مضطرة لمناقشة قضية جوهرية طالما أكدت عليها أثناء برنامجها الانتخابي هي وقيادات التحالف المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه.

وبعد أن أعلن رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي الديمقراطي، فولكر كاودر، رفضه الدخول في نقاش بشأن زيادة الضرائب على الأغنياء وأصحاب الدخل المرتفع نقلت عنه صحيفة (بيلد) الألمانية واسعة الانتشار امس الخميس قوله إنه لا يستبعد هذه الزيادة.

لم يخطر ببال التحالف المسيحي أنه سيواجه مثل هذا الموقف بعد تشديده مرارا أثناء الحملة الانتخابية أنه لن يلجأ لزيادة الضرائب. ولكن القدر كان يخبئ لتحالف ميركل مفاجأة غير سارة ألا وهي خروج حليفه التقليدي، الحزب الديمقراطي الحر، من البرلمان الألماني، مما يعني خروجه من اللعبة السياسية وفقدان ميركل شريكها في الائتلاف الحكومي.

لم يمض وقت طويل حتى أثير نقاش داخل صفوف التحالف المسيحي الديمقراطي لا يضر سوى بجهة واحدة فقط، ألا وهي التحالف نفسه، لأن استجابته لزيادة الضرائب على الأغنياء وأصحاب الدخل المرتفع سيعتبر بمثابة مخالفة صريحة لوعوده الانتخابية وخيانة للناخب. كان من بين الشعارات التي رفعها التحالف المسيحي أثناء معركته الانتخابية شعار ‘لهذه الأسباب نرفض الزيادات الضريبية’.

وطالما كرر كاودر نفسه عبارة ‘سنقول بوضوح إننا لن نرفع الضرائب أثناء الفترة التشريعية المقبلة’. وفعلت ميركل الشيء ذاته حيث قالت ‘لن نخاطر بالتطور الإيجابي الآن (في الاقتصاد الألماني) من خلال فرض زيادات ضريبية’.

 وكذلك فعل الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي هيرمان جروهه عندما قال ‘سنستبعد الزيادات الضريبية بالتأكيد’. وفعل مثله الكثيرون من أعضاء التحالف المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل.

ثم، وقبل أن يعلن أي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو حزب الخضر موافقته على الدخول في ائتلاف حكومي مع ميركل التي حصلت على نسبة تأييد شعبي أعلى من آخر انتخابات اتحادية لها عام 2009، بدأ التحالف المسيحي من نفسه نقاشا بشأن إمكانية زيادة الضرائب على الثروات وأصحاب الدخل المرتفع.

فها هو ذا نوربرت بارتله، الخبير في شؤون الموازنة الذي يحظى باحترام واسع داخل التحالف المسيحي، يكرر اقتراحه بفرض ضرائب متوسطة على أصحاب الدخل المرتفع. ثم أعلن وزير المالية فولفغانغ شويبله، العضو في حزب ميركل المسيحي الديمقراطي، خلال أحد اللقاءات أن الحديث داخل التحالف المسيحي عن فرض زيادات ضريبية ليس من المحرمات، وأكد أنه ينتظر فقط مسار المفاوضات بشأن الائتلاف الحكومي.

كما تحدث غروهه حسب صحيفة (بيلد) مع ممثلين عن الدائرة الاقتصادية داخل الحزب المسيحي الديمقراطي بشأن هذه الزيادات قائلا إن التحالف المسيحي مستعد لاتخاذ مثل هذه الخطوة إذا وافق أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي في مجلس الولايات الألمانية على إلغاء الضريبة التصاعدية التي تتسبب تلقائيا في التهام الزيادة في أجور أصحاب الدخل المحدودوالمتوسط.

ولكن غروهه نفى بشدة ما أوردته الصحيفة بهذا الشأن. ورغم ذلك فإن الكل يعلم أن على التحالف المسيحي أن يتحرك باتجاه الأحزاب المعارضة التي رفعت شعار زيادة ضرائب الأغنياء أثناء معركتها الانتخابية. كما أن التحالف المسيحي الديمقراطي سيستفيد بالتأكيد من الموارد الإضافية التي ستعود على خزانة الدولة جراء فرض مثل هذه الضريبة خاصة وأن التحالف طالما وعد باستثمار مليارات إضافية في التعليم والأبحاث والطرق و وعد بزيادة معاشات الأمهات ولكنه لم يقدم تصورا لكيفية تمويل كل ذلك.

لذلك فإنه لن يكون من المفاجئ أن تناقش قيادة التحالف المسيحي مسألة الإقدام على مثل هذه الخطوة ولكن التحالف كان يفضل بالطبع أن يبدو الأمر وكأن التحالف أجبر عليها بعد مفاوضات عسيرة للغاية، وأنه لم يتعجل في اتخاذ هذا الإجراء طواعية وبدون ضغط من الاشتراكيين أو الخضر اللذين يمثلان الشريك المحتمل فى الحكومة الإئتلافية المقبلة مع التحالف المسيحى.

لذلك أصبح التحالف المسيحي يعاني الآن من المشكلة التالية:

فبدلا من أن يستمتع التحالف في هدوء بفوزه الانتخابي ويحافظ على هدوئه واتزانه كما فعل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يبدو الآن وكأنه هو المنتصر رغم حصوله فقط على 7ر25′ من أصوات الناخبين، أصبح عليه أن يجدد وعوده الانتخابية ليحافظ على مصداقيته ولا يتخلى عن مواقفه قبل بدء المفاوضات الائتلافية أصلا، ثم يقدم تنازلات بشأن مسألة الضرائب حسبما تعتقد قيادة التحالف المسيحي الديمقراطي الذي يضم الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا.

ولو أن ميركل وتحالفها فعلا ذلك لكان الضرر الذي سيقع عليهما فيما بعد أقل من الضرر الآن. ولذلك أكد كاودر أنه ‘ليس هناك الآن سبب للتخلي عن مواقفنا قبل بدء المفاوضات’ وأن باستطاعة التحالف المسيحي الذهاب للمفاوضات بهدوء واطمئنان.

غير أنه لم يعد هناك الآن مكان لهذا الهدوء والاطمئنان حيث أصبح أعضاء التحالف المسيحي الديمقراطي في جميع أنحاء ألمانيا يؤكدون رفضهم لزيادة الضرائب وذلك في الوقت الذي أكد معهد الاقتصاد الألماني أن التحالف المسيحي الديمقراطي بدأ بالفعل يخالف وعوده الانتخابية.

وكالات