على الرغم، من محاولة «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية»، التخفيف من حدة النفور الحاصل في الاونة الاخيرة بين مناصريهما، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى على الأرض
الطموح الرئاسي يُدغدغ مشاعر جعجع.. والجميّل يريد استعادة مجد الرئاسة إلى بكفيا
محمد مزهر
على الرغم، من محاولة «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية»، التخفيف من حدة النفور الحاصل في الاونة الاخيرة بين مناصريهما، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى على الأرض، من خلال التأكيد على متانة تلك العلاقة، ولا سيما من خلال التشديد على التواصل القائم والمستمر، بين الدكتور سمير جعجع والرئيس أمين الجميل، لكنّ ذلك لا يخفي وجود تنافس قديم ومستمر بين الحزبين، اللذين يسعى كل منهما إلى مقارعة العماد ميشال عون في تسيّد الشارع الماروني.
ومع أن استقبال الرئيس الجميل، لرئيس الحركة التصحيحية في «القوات اللبنانية» حنا العتيق الملقب بـ «الحنون»، والمقرّب مؤخراً من قوى الثامن من آذار، قد حرّك المياه الراكدة وأيقظ مشاعر التنافر بين القواتيين والكتائبيين، إلا أن هذه «الزكزكة» الكتائبية، والتي كان سبقها «زكزكات» أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر، تكريم الجميل لعدد من قدامى «القوات اللبنانية» قبل حوالى الشهرين، تتخطى على ما يبدو توجيه الرسائل الناعمة إلى «القوات اللبنانية»، التي وفق ما يقول مصدر قواتي، لا تريد في هذه الفترة التي نخوض فيها معركة شرسة مع «حزب الله» تسعير الخلاف داخل أبناء الصف الواحد، لافتاً إلى ان هذه الثغرات يمكن معالجتها بحكمة وروية بعيداً عن أي ردود غاضبة.
ولكن ما يعتبره المصدر القواتي ثغرات بسيطة يمكن معالجتها بهدوء، يبدو أنها ثغرات استراتيجية تحتاج إلى مصالحة ومصارحة لتجاوزها وتخطيها، كونها تمس صميم الخيارات السياسية الاستراتيجية، فمثلا، في خلال الخلوة التي عقدها المكتب السياسي لحزب الكتائب السبت الماضي، أي قبل الأسبوع تحديدا، برئاسة الرئيس الجميل في بكفيا، وذلك قبل انعقاد المؤتمر العام الاستثنائي الشهر المقبل، والذي تشعبت النقاشات فيه، بين السياسة الداخلية وترتيب البيت الحزبي، كان بارزا استحواذ ملف الاستحقاق الرئاسي المزمع في الربيع المقبل، في مداولات الكتائبيين، ولا سيما في الكلمة التي ألقاها الجميل في مستهل الخلوة، حيث قال حرفياً في هذا المجال «إن هذا البيت السياسي، الذي أنجب رئيسين للجمهورية، وعلى رأسهم الشيخ الشهيد بشير الجميل، وكان صانعاً للرؤساء خصوصاً في عهد الرئيس المؤسس الراحل الشيخ بيار الجميل، لن يكون في الاستحقاق الرئاسي المقبل على الهامش، بل ينبغي أن يكون لنا دور مؤثر وبارز في تسمية المرشح الرئاسي، خصوصا في حال لم يتم التمديد للرئيس ميشال سليمان».
وقد فُهِم من هذا الكلام، عدم موافقة الرئيس الجميل على ما تضمنه خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية، في خلال القداس الذي أقيم في معراب، على نية شهداء المقاومة اللبنانية، والذي غاب عنه الجميل شخصيا بداعي تواجده خارج البلاد، وخصوصا الفقرة المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، حيث قال جعجع بوضوح: «سنعيد رئاسة الجمهورية لنا»، وهنا لا يتوانى مصدر كتائبي عن التعبير عن امتعاض «الكتائب» من كلام جعجع، حيث يلمح إلى أن «الحكيم» لم يكن حكيما في تعابيره، حيث اختزل موقف قوى الرابع عشر من آذار، ولا سيما مسيحييها بشخصه، وهذا أمر لا نؤيده على اعتبار أن تسمية المرشح يجب أن يتم من قبل كل المكونات الآذارية وهذا ما لم يحصل.
وفي ظل حرص الجانبين على أفضل العلاقات في ما بينهما، والتشديد على عدم اعطاء ما يحصل بين المناصرين أكثر من حجمه، لكن تبقى القضية اكبر من رمانة بين «الكتائب» و«القوات»، بل قلوب مليانة، على ما توضحه تصرفات الجانبين، أو أقله التصرفات الكتائبية، ولا داعي للتذكير هنا بـ «الفيتو» الذي وضعه الكتائبيون لفترة طويلة على منسق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار الدكتور فارس سعيد، والذي تعتبره القيادة الكتائبية رجل جعجع في الأمانة، ولا داعي للتذكير أيضاً بالحملة التي شنها منسق اللجنة المركزية النائب سامي الجميل على الدكتور جعجع، على خلفية تبني الاخير للمشروع الانتخابي الذي جرى التوصل اليه بين «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» والذي كاد أن ينسف تحالف الرابع عشر من آذار، لولا التدخل السريع للرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.
وعلى ما يبدو، فإن الموقف الكتائبي الصدامي تجاه «القوات»، لن يتوقف عند هذا الحد خصوصا في ظل المعلومات غير المؤكدة التي تتحدث عن امكانية الاعلان في خلال المؤتمر العام عن عودة ما يسمى بالحركة التصحيحية القواتية إلى الحضن الكتائبي، مع ما يعنيه ذلك من استفزاز لرئيس «القوات»، وذلك في إطار ما تسميه الكتائب بإعادة ترتيب البيت الحزبي، خصوصا في ظل الاهتزازات التي شهدها الحزب، إبان فترة الوصاية السورية، هذا مع الإشارة إلى أن النائب الجميّل يتواصل بشكل شبه دائم مع كوادر وقيادات قواتية سابقة، وينسق معها لدفعها إلى الالتحاق بركب الكتائب تحت عنوان لمّ الشمل الكتائبي.
ولا تقتصر الحرب غير المعلنة، بين «القوات» و«الكتائب» عند هذا الحد، بل تتعداها إلى محاولات بدأ يتذمر منها مسؤولو المناطق في القوات، هادفة إلى استمالة المناصرين القواتيين، ولا سيما المعترضين على بعض سياسات جعجع، وقد نجحت الكتائب بالفعل, جراء هذه السياسة, في ضم مناصرين قواتيين إلى قاعدتها الشعبية، الامر الذي بدأت تنظر اليه القيادة العليا في القوات على أنه تجاوز للخطوط الحمراء وللعهود التي كان اتفق عليها لجهة العلاقة التي تحكمهما.
فهل تتدارك قيادتا «الكتائب» و«القوات» خطورة اللعبة التي قررا لعبها مع بعضهما البعض أم يستمران فيها؟
حتى الآن لا شيء يوحي بذلك، خصوصا وأن الهدف الأساسي للكتائب في هذه المرحلة، وفق ما تمخض عن خلوة السبت الماضي، هو استعادة الزعامة الحزبية على الساحة المسيحية، ولا شك أن أحد الطرق لتحقيق ذلك إزاحة «القوات» من الدرب باعتباره الخطر الحقيقي على طموحات «الكتائب» وليس «الوطني الحر»، الذي لا يمر أسبوع من دون لقاء يجمع النائب سامي الجميل وأمين السر في تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان بهدف استمرار التنسيق بين القيادتين.
الموضوعات المدرجة تعرض أبرز ما جاء في الصحف، وموقع المنار لا يتبنى مضمونها