حالة الرعب التي تسود العديد من الدول العربية والخليجية من جراء التقارب الامريكي الايراني المتسارع لا تعالج بالهرولة نحو اسرائيل وانما من خلال مراجعة للسياسات الخاطئة التي ادت الى قتل اي مشروع نهضوي
عبد الباري عطوان - رأي اليوم
حالة الرعب التي تسود العديد من الدول العربية والخليجية من جراء التقارب الامريكي الايراني المتسارع لا تعالج بالهرولة نحو اسرائيل وانما من خلال مراجعة للسياسات الخاطئة التي ادت الى قتل اي مشروع نهضوي عربي، ووضع البيض كله في سلة الولايات المتحدة الامريكية، وتصعيد العداء لايران.
نقول هذا الكلام بمناسبة ما ذكرته صحيفة “هآرتس″ الاسرائيلية الاحد انه في الوقت الذي كان يلتقي فيه جون كيري وزير الخارجية الامريكي نظيره الايراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات الامم المتحدة، جرت مباحثات مشابهة بين دبلوماسيين اسرائيليين ونظرائهم في دولة الامارات والمملكة العربية السعودية والاردن ودول "سنية" اخرى في الخليج.
نفهم ان دولا خليجية تشعر بالقلق من تحسن العلاقات بشكل مضطرد بين الولايات المتحدة وايران، وان هذا القلق بلغ ذروته بعد المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيس باراك اوباما، ونظيره الايراني حسن روحاني، ولكن هذا لا يعني التحالف مع اسرائيل التي تشعر بالقلق نفسه اذا صحت هذه الانباء، فان حالهم هو حال الذي يستجير من الرمضاء بالنار.
الصحيفة الاسرائيلية نفسها تحدثت عن حفل عشاء مغلق اقامه المعهد الدولي للسلام في نيويورك وجلس حول الطاولة حوالي 40 مسؤولا كبيرا من مختلف انحاء العالم من بينهم تسبي ليفني الى جانب وزراء خارجية تركيا، قطر، المغرب، الكويت، الاردن، مصر، العراق وامين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، وبعد المحاضرتين اللتين القاهما بيل وميلندا غيتس جاء دور استعراض المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية من قبل السيد ياسر عبد ربه وتسبي ليفني ومارتن انديك، وبعدها جرت مناقشة الموضوع الايراني ولم ينسحب احد، ولم يهاجم اي من المسؤولين العرب اسرائيل.
انتظرنا اكثر من 12 ساعة لعلنا نسمع تصريحا رسميا ينفي ما ذكرته الصحيفة حول هذه اللقاءات، ولكن دون جدوى، ولن نستبعد ان نرى في الايام المقبلة لقاءات مكثفة، اسرائيلية عربية خليجية لوضع صيغ لبلورة تحالف جديد ضد ايران.
دول الخليج العربي اهينت بهذا الموقف الامريكي وشعرت انها استخدمت وتعرضت لابتراز بشع من قبل ادارة الرئيس اوباما واملاءاته وهذا صحيح ولكن الخطأ ان تتسرع في ردود فعلها وتضع يدها في يد عدو ما زال يحتل ارضا ومقدسات عربية لان النتائج التي يمكن ان تترتب على ذلك وخيمة في ظل حالة الثورات التي تسود المنطقة.
ودول الخليج العربي ستخرج بخسارة اكبر من خسارتها الحالية من جراء التفاهم الامريكي الايراني اذا ما وضعت يدها في يد الاسرائيليين لان هناك احتماليين اساسيين يمكن ان يترتب على ذلك لابد من اخذهما في عين الاعتبار:
الاول: ان تمضي اسرائيل قدما في مخططاتها لضرب ايران وبدعم خليجي عربي (نحن نتحدث هنا عن الاردن والمغرب) وفي هذه الحالة ستكون الدول الخليجية هدفا لانتقام ايراني.
الثاني: ان تتراجع اسرائيل عن تهديداتها هذه، لانها لا تستطيع الاقدام على هذا العدوان لوحدها، وتحمل تبعاته الكارثية وبالتالي تتبع النهج الامريكي في هذا الصدد، وفي هذه الحالة ستجد هذه الحكومات نفسها في مواجهة مع قطاع عريض من شعوبها ما زال يعتبر ان اسرائيل عدوا وليست حليفا، ومن الاسلاميين الجهاديين على وجه الخصوص الذين يشتد عودهم في الوقت الحالي في اكثر من دولة عربية.
اذا كانت امريكا لجأت الى لغة الحوار وليس المواجهة مع ايران بعد ثلاثين عاما من القطيعة والتهديدات بالحرب، فمن الاجدى ان تلجأ دول الخليج الى المنهج نفسه خاصة انها على بعد مرمى حجر من طهران.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه