إحدى المشاركات في التقرير، تقولها بوضوح: «أميركا ليست رئيسة العالم». من ناحية أخرى، بدا التقرير كأنّه يحاول فرض نوع من «الفصل التعسّفي»، بين الشعبين من جهة، وسياسة إدارتيهما المنتخبتين من جهة أخرى
نور ابو فراج / جريدة السفير
في وقت كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يردّ على الاتصال الهاتفي الأول مع رئيس أميركي، منذ الثورة الإسلامية العام 1979.. أخذت «سي أن أن» على عاتقها منح الإيرانيين فرصةً للبوح بمشاعرهم، تجاه الـ«شيطان الأكبر».
في تقرير مدّته ثلاث دقائق فقط، ونشر عبر قناة «سي أن أن» على «يوتيوب» في 25 الحالي، يبث مراسل القناة رضا سياح، عن آراء الإيرانيين في الأزمة بين البلدين. ليس الشريط تقريراً إخبارياً تقليدياً، إذ اعتمد أسلوب «الميكروفون المفتوح»، ليسأل نساء ورجالاً من أعمار مختلفة، عن رأيهم ومشاعرهم تجاه أميركا.
يبدأ الشريط بلقطات لشوارع طهران على أنغام موسيقى فارسية، قبل أن يلخّص سياح بعض ملامح الأفكار المسبقة المترسّخة بين الشعبين، على امتداد 34 عاماً. يقول: «الشعب الإيراني وهو أكثر شعوب المنطقة طيبةً وثقافةً، كان ضحية ذلك الصراع، وبقي بعيداً عن اهتمام الإعلام. لكنّ ذلك يتغير اليوم للمرة الأولى، حين يجوب ميكروفون «سي أن أن» المفتوح شوارع طهران». اختار معدّ التقرير الشخصيات التي سيقابلها بعنايةٍ، ليبدو التقرير على قصر مدّته، أشبه بقصّة قصيرة تروى على لسان جدّة حنونة مُعاتبة، وشابات لطيفات، ورجال يتحدّثون الإنكليزيّة بطلاقة.
تأتي الرسالة الأولى على لسان امرأة خمسينية «نحن نحب أميركا»، ويكمل شاب «الأميركيّون أناسٌ طيبون»، ويؤكّد عابر ثالث قائلاً أنّ «الإيرانيين يريدون ما يريده الأميركيّون نفسه». تترك هنا الإجابة مفتوحة للمشاهد كي يخمن ذلك القاسم المشترك.
تخفت النبرة اللطيفة، مع تعاقب المتحدثين. توضح شابة أنّ مشكلتها «ليست مع الشعب الأميركي، بل مع الساسة الأميركيين الذين يسعون للمزيد من الحرب وسفك الدماء». ويقول شاب بحزم: «لأميركا خطط إمبريالية، وتسعى دائماً للسيطرة على غيرها من البلدان»، ويؤكد آخر أنّه يحترم الحقوق المدنيّة للإيرانيين والأميركيين على حدٍ سواء.
وتطل سيّدة خمسينيّة، بوشاح أخضر، وتوجّه بنبرة اللوم، سؤالاً للشعب الأميركي: «أنحن خطيرون؟ كم حرباً خضنا؟!»، ثمّ تقول: «نحن أناسٌ مسالمون، نحب بعضنا البعض، عيشوا ودعوا غيركم يعش». في الختام، يلخّص سياح مقولة التقرير قائلاً: «الإيرانيون يحبون الشعب الأميركي، لكن لديهم مشكلة مع السياسة الخارجية الأميركية».
يمكن إرجاع صحوة «سي أن أن» المفاجئة تجاه الشعب الإيراني، إلى الاهتمام بزيارة الرئيس روحاني إلى نيويورك. جاء التقرير من مكان بعيد عن السياسة، لكنّه محمّل بمضمون سياسي ثمين. في نبرة بعض العابرين، ما يشبه التأنيب للولايات المتحدة، وسياساتها القائمة على الحروب. إحدى المشاركات في التقرير، تقولها بوضوح: «أميركا ليست رئيسة العالم». من ناحية أخرى، بدا التقرير كأنّه يحاول فرض نوع من «الفصل التعسّفي»، بين الشعبين من جهة، وسياسة إدارتيهما المنتخبتين من جهة أخرى. كأنّه يحاول تقليص الصراع بين إيران وأميركا إلى «بضعة تحفّظات على السياسة الخارجية الأميركيّة». تريد «سي أن أن» القول أنّ صورة «الشيطان»، تتلاشى في عيون «الشعب الطيّب».
رابط الشريط
http://www.youtube.com/watch?v=y0i0aNf-YUs