22-11-2024 06:19 PM بتوقيت القدس المحتلة

اقتتال المعارضة السورية.. الأسباب وأفق المستقبل 3/3

اقتتال المعارضة السورية.. الأسباب وأفق المستقبل 3/3

لماذا قررت "دولة الاسلام في العراق والشام" شن الحرب على "الجيش الحر"؟

لماذا قررت "دولة الاسلام في العراق والشام" شن الحرب على "الجيش الحر"؟

(هم كانوا متفقين أن يتقاتلوا بعدين). هذا تعليق قاله لي معارض سوري على تواصل مع جماعة داعش والجيش الحر على حد سواء، وهذه الجملة تلخص الوضع القائم بين الطرفين منذ وقت طويل ولم يمنع حصول القتال الذي تأخر  بينهم كثيرا سوى التطمينات الغربية والعربية لكلا الطرفين ان سقوط النظام بات وشيكا، ويجب قبل  الاقتتال على النفوذ والسلطة إسقاط النظام.

 منذ دخول المال القطري والسعودي في  اوساط المعارضين السوريين تشكلت كتل نفوذ على الأرض تتبع كل منها للجهات الممولة، ولا يخفى أن المال الخليجي هو الأكثر دفقا وسخاء، وكانت الاموال السعودية تدفع للجماعات المتطرفة من التكفيريين والسلفيين ، بينما كانت الاموال القطرية تدفع لجماعة الاخوان المسلمين التي أدارت  هي الكثير من الجماعات على الأرض على طريقة تلزيم المناطق وإنشاء الجماعات المسلحة، فكانت جماعة الاخوان تدفع لمناصريها المباشرين وللكثير من الجماعات السلفية وجماعات محسوبة تحت قبعة الجيش الحر لكن ولاءها وتمويلها اخواني وقطري، وهذا الوضع طبقته السعودية بعد قطر عبر تمويل جماعات محسوبة على الجيش الحر.

بدأ الصراع مبكرا بين الطرفين لكن حدة المواجهات مع الجيش السوري حتمت عليهم جميعا ارجاء المعركة بينهم التي لا مفر منها. وكل الوضع على الأرض مهيأ  لوقوعها ويبشر بتوسعها شاملة في كل المناطق الخارجة عن سلطة الدولة والتي تقع تحت سلطة أحد المجموعات المعارضة.

 كانت حمص بداية الصراع بين المجموعات المسلحة حيث حاولت جبهة النصرة اغتيال احد قادة الجيش الحر في حمص  العقيد المنشق (قاس سعد الدين) بتاريخ 26 أيلول عام 2012 الذي نجا بأعجوبة، وانتقل الى تركيا.

غير أن المنعطف الكبير الذي كان سببا مباشرا في تسريع وتيرة الصدام بين الطرفين كان في سيطرة جبهة النصرة على مدينة الرقة يوم 5 آذار الماضي التي تعتبر اول مدينة سورية تخرج عن سيطرة الدولة عسكريا وبشكل كامل، حيث سعت جبهة النصرة الى انشاء امارة خاصة بها في المدينة وحاولت اغتيال رياض الأسعد عندما زار المدينة في في 23 من الشهر نفسه، وكانت محاولة الاغتيال هذه بداية تحول نوعي في العلاقة بين الطرفين.

تغيرت الوصاية الدولية على المعارضة السورية بعدما  سحبت الولايات المتحدة  الالتزام من قطر ولزمت امر المعارضة السورية وإدارة الصراع السوري للمملكة العربية السعودية التي عملت منذ استلام هذا الملف على تحقيق عدة اهداف هي:

1 – إخراج القطري  نهائيا من المعادلة السياسية عبر إضعاف جماعة الإخوان المسلمين داخل الائتلاف وإجبار الجماعة على القبول (بأحمد العاصي الجربا) مرشح بندر بن سلطان رئيسا للإئتلاف.

2- العمل على الضغط على الجانب التركي الذي لا يمكن إخراجه من اللعبة بسبب العامل الجغرافي وذلك عبر إقناع الأكراد بشن حملة عسكرية ضد جبهة النصرة في  البلدات والقرى التي  يتواجد فيها الأكراد السوريين. وكنا ذكرنا تفاصيل  الحرب الكردية مع النصرة   في "ثلاثية" (3 اجزاء) ، ومن المعروف ان الخلاف السعودي التركي كبر بعد انهيار سلطة الاخوان المسلمين في مصر وتأييد السعودية الكامل للسلطة الجديدة ودعمها لها بمليارات الدولارات..

3 - الإعلان عن تعيين أحمد طعمة الموالي للسعودية رئيسا لحكومة الإئتلاف السوري المعارض بدلا عن غسان هيتو الموالي لقطر والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

غير أنَّ التوجه الأمريكي الجديد بالاتفاق مع روسيا غيَّر الحسابات السعودية، خصوصا أنَّ سفراء كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا في سوريا والموكلين الملف السوري لدى بلدانهم توجهوا بداية شهر أيلول/سبتمبر الى اسطنبول ، ومكثوا فيها قرابة أسبوع كامل في محاولة لإقناع الائتلاف السوري المعارض والأطياف المعارضة العاملة ضمنه بتشكيل وفد موحد للذهاب الى مؤتمر جنيف، غير ان ضغوط الثلاثي الغربي لم تثمر الا بعد ان هددت الولايات المتحدة بوقف دعمها للمعارضة السورية ما جعل أحمد الجربا يعلن أن الإئتلاف سوف يذهب ولكن بشروط. الحقيقة وعلى خلاف الإرادة الغربية ، بدأت الأطراف الإقليمية (السعودية ، قطر وتركيا ) المعترضة على وجود أية تسوية روسية امريكية تمنع الهجوم العسكري عن سوريا ، بدأت هذه الاطراف تعمل على الأرض السورية لفرض أمر واقع يجبر الإدارة الأمريكية على التدخل العسكري بعيدا عن أية تسويات مع موسكو.

ويقول معارض سوري كان مقربا من جلسات اسطنبول بين الثلاثي الغربي وأعضاء الإئتلاف السوري ، ان جماعة الإخوان المسلمين والعناصر السلفية في الإئتلاف السوري المعارض ترفض رفضا قاطعا الذهاب الى مؤتمر جنيف 2 ، بتحريض سعودي تركي وقطري، ويضيف المعارض ان هذه المجموعات يضاف اليها حزب الشعب الديمقراطي بزعامة رياض الترك الذي يعتبر ان أية تسوية سوف تعيده الى حجمه الطبيعي بعد أن نال الحصة الذهبية في المجلس ومن ثم في الإئتلاف المعارضين.

هذه الضغوط الغربية انعكست على أرض الميدان، وأعادت نوعا من التوافق الميداني بين القوى الإقليمية الثلاث عبر تحريك الثلاثي الإقليمي جماعاته المسلحة التي رباها منذ سنتين للسيطرة على مناطق  تقع على الحدود التركية السورية، حيث سيطرت جماعات من "داعش" على مدينة إعزاز السورية القريبة من تركيا والتي تعتبر مركزا مهما للمخابرات التركية وللعمليات التي تقودها الأجهزة التركية في سوريا، وكانت مجموعات من جبهة النصرة قد سيطرت في وقت سابق على مدينة الباب الاستراتيجية القريبة من حلب، وهذه المدينة تعتبر ممرا استراتيجيا لإمداد المعارضين المتواجدين في حلب .

وتشير مراجع في المعارضة السورية الى أن ظهور داعش وهجومها العسكري ليس سوى لعبة اقليمية لتعطيل مفاعيل اي توافق روسي أمريكي في سوريا.

 كان الضغط الأمريكي الذي أدى الى تعيين رئيس حكومة حديد عبر إعلان تعيين الطعمة رئيسا لحكومة  إضافة الى الاتفاق الروسي الأمريكي حول الكيماوي السوري الذي أبعد شبح الحرب عن النظام في دمشق وأصاب المعارضة بأزمة كبرى بانت بوادرها بتخوف جماعة الاخوان والسلفيين مع من صفقة تتم على رأسهم، فقرر الجمع أن يتغدوا بالإئتلاف المعارض والكتائب التابعة للجيش الحر التابعة له قبل ان يتعشى بهم. ويقول معارض سوري أن الذي حرك  جماعة الإخوان المسلمين والتكفيريين معا ضد الجيش الحر هو تخوف  الجماعة من  خطة نقل مقر حكومة الطعمة من اسطنبول الى داخل سوريا وتحديدا في مدينة إعزاز وهذا ما جعلهم يقررون مهاجمة المدينة. ويروي مصدر من كبار اهالي المنطقة أن غالبية من هاجموا مدينة اعزاز من قرى عندان وحريتان ومارع وهي قرى في الريف الشمالي لحلب تعتبر معقلا تاريخيا لجماعة الإخوان المسلمين وبعض المهاجمين من مدينة إعزاز.

من صاغ البيان رقم 1:

وتروي المصادر السورية المعارضة أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي تقف وراء البيان رقم 1 الذي رفض الاعتراف بسلطة الإئتلاف ورفض اي تفاوض مع الحكومة السورية. وقالت المصادر ان الذي صاغ البيان  يدعى عبد العزيز سلامة وهو أقوى رجل في جماعة الإخوان المسلمين في حلب وريفها حاليا  وهو يرأس 20 كتيبة  وجماعة مسلحة ، وكان في السابق وحدهم تحت إسم لواء التوحيد قبل ان ينشئ جبهة النصرة ويغذيها من عناصر التوحيد ، وعين سلامة على رأس لواء التوحيد عبد القادر صالح الذي توسط لوقف القتال في إعزاز . وعبد العزيز سلامة إخواني قديم من مدينة عندان وكان متعهد بناء وبنى تحتية لذلك استلم جميع الأموال التي كانت تأتي من قطر وهو يقوم بتوزيعها على الكتائب المقاتلة من إخوان وسلفيين.

ويمكن تعداد الأسباب التي دفعت "داعش" ومن ورائها جماعة الإخوان المسلمين لشن الحرب على جماعة الجيش الحر:

1 – الضغوط الأمريكية للذهاب الى جنيف 2

2- التخوف من انتقال حكومة طعمة الى الداخل السوري

3- التخوف الإقليمي  من نجاح الاتفاق الأمريكي الروسي حول الكيماوي السوري والذي سوف يكون ورقة المقايضة مع أمريكا لتوقف هجومها على النظام في سوريا.

4 – تخوف السعودية من ان يؤدي اي اتفاق دولي حول سوريا الى تخلي امريكا عن العائلة السعودية المالكة وبالتالي وصول نار الاحداث العربية الى دار آل سعود.


موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه