قولي لهم يا روح ... إذا ما تحققت العودة إالى إنسانيتهم ... العودة إلى ربهم ... العودة إلى حبهم ... إلى أُخُوتهم ... إلى برائتهم ... إلى ذاتهم ... إلى عقلهم ... إلى عدلهم ... فإذا تحقق كل ذلك قولي لهم
إذا ضاقت الصدور لا بد من زيارة القبور إحتارت روحي فاختارت زيارة أحد الشهداء الأحبة...
أخذت الروح حنينها و طارت إلى البعيد لا حدود لكونها...سماء فوقها أخرى غفوت قليلا انتظر عودتها و إذ بروح اخذت روحي و أسرت بها لتودع الارض من بلد إلى اّخر من مصر إلى اليمن فسوريا والبحرين من العراق إلى موطن الجرح فلسطين..
و في فلسطين أبت الروح إلا أن تسلم على أحباء المسيرة
هناك عرجت ارواحنا معاً" بإتجاه السماء الأخيرة
شدنا الشوق وأوصلنا الحنين إلى مواطنهم الأصيلة
هنا نحن في حضرة الشهداء فتبتل إلى ربك تبتيلاً
مشهادات تتلوها أخرى...
فهذي مريم تُطعم خبزها المقدس إلى حواري هنا و مسلم هناك
قلت ولمن تطعمين خبزَك يا مريم؟!
قالت هذا خبزُ الله و هنا الأرض المقدسة و خبزنا و خبزهم كفاف دهرنا الواحد و كلنا اسلمنا لله الوجه و القبلة و المصير و هذا ليس بعشاء أخير
سمعتها تقرأ لغة الإنجيل والقراّن سألتها ما السبب
قالت : انتم نقيض عالمنا ففي لغتنا لا فرق بين تلاوة وترتيل فأين العجب؟؟؟
تركتها وذهبت فما وجدت رسولا ينتظر بملاعق وشوك على مائدته كما يزعمون في إنتظار المزيف من الذقون
تابعت الروح مسراها وجدت شيخاً في البعيد يصلي ويتلو الكتاب
قالوا : هذا الذي قتل في المحراب بدل ان يؤجر ويثاب
سألني الرجل : ماذا فعلوا بحظوظهم هل هم عبيدٌ اغبياء باقون ؟
هل هم نادمون ...ام ما زالوا بالأسود العالم يلونون ؟
حار صمتي وإذا بروح صغيرة تحلق فوقنا وتسمعُ حكايات السماء
قلت ومن انت ؟ أجابت : أنا طفلُ طحلة ذُبحت بلا قوت ولا ماء
اشتقت الى اهلي بلغهم سلامي وانا اشاهد كيف اقاموا في موتي العزاء
وصلت إلى جمع من نور...أُناس صدقوا ما عاهدوا الله عليه هم الشهداء
نحن الشهداء الأحياء فلا تنظر إلينا بعين الحزن نحن الأحرار وأنتم الاشقياء
قلت لهم : إشتقنا ... متى تعودون ؟
قالوا : إلى أين نعود ؟ هل تعرفين كيف مر عمرنا على الأرض!!
كنا نصحو لتنامون ... ندافع لتبقون ... نموت للقضية لكي تكون ...
أن نكون معكم اليوم ضرب جنون لأنكم عن دين ربكم ساهون...
فلا حق ولا ضمير ولا كرامة ولهذا قررنا أن لا نكون
سليهم كيف يأكلون ؟ والأمهات وأبنائهم جائعون
كيف تطئ أرجلُهم الأرض وتحتها أبرياء يدفنون
كيف تعطش الجبالُ عزا وهم لا يلبون
كيف لدمشق أن تُهان وللقدس الإرتهان
كيف لكم أن تبحثوا عن العظام من تحت الركام
كيف لكم أن تنبشوا القبور وتغيروا ما بين السطور
كيف للشيطان الأكبر أن يصبح الإله
كيف للرجال أن تُذم ويُرجل أصحاب الجاه
كيف لطفل أن يُذبح ولبيوت أن تُفلح
كيف يُقتل أهل الكتاب وضميرهم حر بلا عذاب
كيف لقلب طفل أن يجوع ولقلب كبير أن يُؤكل
كيف تُهدم المساجد وتُنتهك الكنائس
كيف لمطران أن يؤسر من قبل جاهل يُؤجر
كيف لقدسنا أن تُنسى وكيف لزيتوننا أن يفنى
كيف لمحبتنا ان تزول كيف لنا أن تُغسل العقول
كيف تُدفن الكرامة والعين لا تدمع
كيف تزهق الارواح وتقتل بالسكين وبالمدفع
كيف يُقتل الطفل وتُغتصب الفتاة ويضحك اّخرون
كيف أصبح رأس الحربة تحت بعض الذقون
كيف تتنفسون الكذب وبلسان الله تلفقون
قلت : روحي تأخرت وتريد العودة فمتى أنتم عائدون ؟
إذهبي وأخبريهم حزننا على عالمكم سليهم لماذا نريد حياتهم ويريدون قتلنا بعد موتنا اّلاف المرات
قولي لهم : إذا عدنا فماذا سنأكل ؟ وشجرة دركم العربية أوراقها تتساقط
أين نسكن ؟ وقصور امجادكم العربية خالية من كرامة الحياة !!
ماذا نلبس ؟ والفصول على أرضكم تناقضت فربيعكم الوردي أصبح شتاءً بارداً ومخيفاً لا مكان فيه إلا للموت!!
كيف نشعر ؟ والإنسانية تهشمت على أيديكم وأصبحتم ذئاب !!
قولي لهم يا روح ... إذا ما تحققت العودة إالى إنسانيتهم ... العودة إلى ربهم ...
العودة إلى حبهم ... إلى أُخُوتهم ... إلى برائتهم ... إلى ذاتهم ... إلى عقلهم ... إلى عدلهم ...
فإذا تحقق كل ذلك قولي لهم :"الشهداء يعودون هذ الأسبوع"..
بقلم الزميلة في تلفزيون المنار زينب عواضة