وكشف المخرج أنه واجه ضغوطاً واغراءات للتراجع عن تنفيذ «ملك الرمال»، بسبب طرحه الجريء لفكرته التي تدور حول مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبد العزيز آل سعود، وتحدّيه سطوة ونفوذ البترودولار
لا يُخفي المخرج السوري نجدت انزور (1954) هدفه الأساسي من إنتاج فيلم «ملك الرمال» الذي يتقاسم الممثلان الإيطاليان ماركو فوشي، وفابيو تستي دور الملك السعودي بين شبابه وكهولته، موضحاً في مقابلة لـ «الأخبار» أنّه «أحبّ البحث عن جذور فكر الارهاب والتطرف الذي يضرب بعض دول العالم العربي». وإتهم صاحب «نهاية رجل شجاع» المملكة السعودية، وتحديداً «الفكر الوهابي السلفي، بأنه منشأ التطرّف والتعصب، وخصوصاً التعصّب الطائفي والمذهبي».
وقال إن «السعودية تلعب في جينات هذه المنطقة، وتحاول تخريبها لخلق مخلوقات جديدة مشوّهة، ليس لها أيّ إنتماء فكري أو إنساني». وكشف المخرج أنه واجه ضغوطاً واغراءات للتراجع عن تنفيذ «ملك الرمال»، بسبب طرحه الجريء لفكرته التي تدور حول مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبد العزيز آل سعود، وتحدّيه سطوة ونفوذ البترو- دولار الخليجي المسيطر على الفن، والفكر، والاعلام في العالم العربي.
وأوضح أنزور ان «الاغراءات ركّزت على شراء حقوق الفيلم، أو منع عرضه من جهات تحاول أن تخفي هويتها الحقيقية، لكنها معروفة بأنها سعودية، أو شراء الشركة المنتجة، وبالتالي التحكّم بعرض الفيلم أو عدم عرضه». وعزا تلك الضغوط إلى أن «الفيلم يفضح الفكر المتطرّف الذي يحكم السعودية، ويتعاطى مع البشر بمنطق العصور الوسطى، بما يمنع أي إمكانية للتحضّر، خصوصاً في ما يتعلّق بحقوق المرأة». وقال إن «المنطقة تخضع لمزاج وضغوط السعودية وحلفائها. والفيلم محاولة للدفاع عن النفس ودرء هذا الخطر وإبعاده. فهذا الفكر الوهابي المتطرّف يَشلّ كل المنطقة. ما يحدث في العراق أفضل مثال، حيث يعاني يومياً من الضربات الارهابية، التي تهدف إلى جرّ العراق إلى أتون حرب مذهبية يغذّيها الفكر السلفي المتطرّف. وهذا ما نخشاه على الشعب السوري والمصري والليبي وغيرهم من الشعوب التي تقع تحت تأثير هذا الفكر المتطرف».
ورداً على الانتقادات التي وجّهت إلى فيلم «ملك الرمال» بإعتباره يجسّد فكرة غلبة السياسة على الفن، قال صاحب «آخر الفرسان» إنّ «السياسة جزء من حياتنا اليومية، ولا يمكن أن نعزل تأثيرنا بها في عن تفاصيل حياتنا»، موضحاً أن الفيلم «مستوحى من أحداث حقيقية. لكن انتاجه لم يتم بدافع سياسي بل بدافع انساني أخلاقي». ونفى انزور تأويل الأحداث التاريخية في شبه الجزيرة العربية التي جاءت في الفيلم لتتلاءم مع تصوّره الشخصي عن المملكة السعودية، موضحاً «كتبنا في بداية الفيلم Inspired by true events أيّ «مستوحى من أحداث حقيقية». بل اعتمدنا مصادر ومراجع أجنبية وعربية». كما نفى صاحب «إخوة التراب» أن تكون للعلاقة المتوترة بين سوريا والمملكة، أيّ دور في الفيلم، موضحاً أنه «تمت كتابة السيناريو وتصوير الفيلم قبل بدء الأزمة السورية، حين كانت العلاقات بين سوريا والمملكة ممتازة بل تمر في شهر عسل».
وأكد أنزور أنه لم يتلقّ أي دعم لانتاج هذا الفيلم من النظام السوري «ولم تتبنّ أيّ جهة سياسية إنتاج هذا الفيلم، لا سوريا أو غيرها. الفيلم من انتاجي الخاص. لقد حاولت من خلاله تكريس وتتويج فكرة عملت عليها طويلاً، وهي موضوع الارهاب، كما في مسلسلاتي التي عرضت، حاربنا هذا الفكر الظلامي المتطرّف المعادي للتطوّر والتقدم».
وعن إختيار يوم 11 أيلول (سبتمبر) الماضي للعرض الخاص للفيلم، أوضح أنزور أن «هذا اليوم أثّر في العالم (أحداث برجي «مركز التجارة العالمي» في اميركا)، وغيّر وجه الأرض، وأعطى للغرب الحجة والدافع كي يتدخل في كل تفاصيل الحياة اليومية لكل بلد». وإعتبر أن «ذلك التاريخ مرتبط بـ «الفكر الوهابي المتطرف، وتنظيم القاعدة نتاجه الأساسي. والمملكة مهد هذا الفكر، بينما نحن معنيون بمحاربة هذا الفكر المتشدد، والدعوة الى التسامح والتعايش».
برغم الضغوط السعودية الكبيرة، بدا انزور متفائلاً بتوزيع فيلم «ملك الرمال» عالمياً، مشيراً إلى «فرص كبيرة، سواء في عرضه على الشاشات الكبرى أو التلفزيون، وكذلك المشاركة في مهرجانات عالمية، وعروض للجاليات العربية في الخارج والجامعات، بالاضافة إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي».