السلطة الفلسطينية لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها المالية الشهرية، ودفع جزء من الديون في ذات الوقت، ‘بسبب عدم كفاية المنح والإيرادات التي يحصل عليها الفلسطينيون’
كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي مؤخرا ارتفاع حجم الدين العام للسلطة الفلسطينية خلال العامين الماضيين بنسبة اقتربت من الضعف، بسبب تراجع حجم الدعم الخارجي من جهة، والزيادة الكبيرة في نفقات السلطة خلال العامين الماضيين من جهة أخرى.
‘وبلغ حجم الدين العام الفلسطيني حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري نحو 4.3 مليار دولار، مقابل نحو 2.3 مليار دولار منتصف العام 2011، حيث تعود هذه الديون إلى مؤسسات مالية دولية، وبعض المؤسسات المحلية مثل المصارف وشركات التوريد لمؤسسات السلطة الفلسطينية، وبعض الدول العربية والأوروبية. ‘وبحسب بيانات الميزانية المجمعة، ونفقات السلطة الصادرة عن وزارة المالية خلال نهاية الربع الثالث من العام الجاري، فإن البنك الدولي وصندوق الأقصى هما أكبر الدائنين للسلطة الفلسطينية، يليهما صندوق المتقاعدين الفلسطينيين.
‘وقال باسم مكحول، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، في تعقيبه على حجم الدين إن السلطة الفلسطينية لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها المالية الشهرية، ودفع جزء من الديون في ذات الوقت، ‘بسبب عدم كفاية المنح والإيرادات التي يحصل عليها الفلسطينيون’. ‘وأضاف خلال حديث مع الأناضول إن عدم قدرة الاقتصاد الفلسطيني على النهوض بنفسه، وتحقيق استدامة مالية، سيزيد من حجم الدين العام للعام المقبل، ‘لأن العالم كما يبدو مقبل على أزمة مالية شبيهة بتلك التي كانت عام 2008، وبالتالي فإن حجم الدعم سيتقلص’.
‘وكان المسؤولون الفلسطينيون قد ألمحوا في أكثر من مناسبة خلال العام الجاري الى أن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية حقيقية، مطالبين المانحين بتقديم مزيد من المساعدات، حتى تكون الحكومة قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين وموظفي القطاع العام.
‘من جهة أخرى قال مسؤول في القطاع المصرفي الفلسطيني، رفض الكشف عن اسمه، إن اجتماعاً جرى نهاية الأسبوع الماضي بين مسؤولين من صندوق النقد الدولي وسلطة النقد الفلسطينية وبعض الاقتصاديين، تحدثوا خلاله عن مستقبل المالية الفلسطينية في ظل الوضع الراهن. وطالب الصندوق سلطة النقد في الاجتماع، بضرورة التقليل من منح القروض الاستهلاكية، والتوجه إلى القروض الصناعية والزراعية، (ذات البعد الإنتاجي)، لما من شأنه خلق سيولة في أيدي المقترضين، بالتالي يعود بالفائدة على البنوك والخزينة الفلسطينية والمقترض في آن واحد.
وبحسب المسؤول المصرفي، فإن رد سلطة النقد الفلسطينية والبنوك على مقترح صندوق النقد الدولي كان إيجابياً، واشار إلى وجود حالة من الإشباع في سوق القروض الاستهلاكية، مع ضرورة الانتقال إلى إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
‘يذكر أن حجم القروض الاستهلاكية بلغ حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري نحو 795 مليون دولار أمريكي، دون احتساب قروض السيارات البالغة 120 مليون دولار أمريكي، من أصل مجمل القروض التي بلغت قرابة 3 مليار دولار.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني د. رامي الحمد الله قد شارك مؤخراً في اجتماع المانحين في مدينة نيويورك الأمريكية، للبحث عن 500 مليون دولار، الذي يمثل قيمة العجز في موازنة السلطة حتى نهاية العام الجاري، ولم يتم الإعلان حتى اليوم عن منح مالية دولية لسد هذا العجز.
‘واعتبر مكحول أن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة ما زالت تمارس نفس النهج المالي في الاقتصاد الفلسطيني، والاعتماد على أموال المانحين، مؤكداً أن الاستدامة المالية لن يكون لها وجود طالما يتم تحويل الدعم المالي لفاتورة الرواتب وللخدمات العامة.
‘يذكلا ان تقارير نشرت مؤخر قد اظهلات أن حجم الدعم المالي المقدم للسلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاقية أوسلو وحتى نهاية العام 2011 بلغ 23 مليار دولار أمريكي، في الوقت الذي أشار فيه محللون أن المبلغ يتجاوز 25 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي.