ووسط زغاريد النسوة من المهاجرين والأنصار وبني هاشم وُلدت أطهر وأمثل أسرة في التاريخ ، لتكون نواة لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .
نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للإمام الحجة(عج) والمراجع العظام ، ولأية الله الإمام السيد علي الخامنئي، ولكم أيها القراء الكرام، بمناسبة ذكرى زواج سيدة نساء العالمين البتول الزهراء ابنة خاتم الرسل والأنبياء محمد (ص) من أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب، عليها وعليه السلام.
هـي الـــزهـــــراء :
وذاك بـــعلـــهـــــا خير الــــورى طُــــرا بعد أبيها
لمّــا رأتهــا الكعبـــة العـصمـاءُ
تفـيــض مـن جبـيـنهـا الأضــواءُ
تسـاءلــت مَـن هــذه الحـسنــاء
فـقيـل بشـــرى هـذه الـزهـــراء
تـفـاحــة مـن ســـدرة المنتهـى
تـكـوّنــت مـن السنـــا والبهـــا ء
ذابت بصلب المصطـفــى فـازدهـى
والتـقـــت الأنــــوار والاشــذاءُ
مـن تـربـة الأرض ومـــاء الجنانْ
تــورّدت فـي وجـهـهـا جنـتـــانْ
لـو كــان انـســان لــه معـنيان
فإنّهـــا الإنـسيـــة الحــــوراءُ
منـابــر الوحــي لاجــدادهـــا
خـــلافـــة الأرض لأولادهـــــا
كــل المعـالـي بعــض أمجـادهـا
ومـن علاهــا ترتـقـي العـليــــاءُ
الــــســـلام على الـــحـــوراء الإنـسيـــة
الــســـلام علــيــك يا مولاتي يا فاطمة
زواج النور من النور :
روى السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلخَّصُه :
جاء الإمام علي (عليه السلام) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو في منزل أم سلمة، فَسَلَّم عليه وجلس بين يديه فقال له النبي صلى الله عليه وآله أتَيْتَ لِحاجَة ؟ ..فقال الإمام ( عليه السلام ) : نَعَمْ ، أتَيتُ خاطباً ابنتك فاطِمَة ، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني ؟..
قالت أم سلمة : فرأيت وجه النبي صلى الله عليه وآله يَتَهلَّلُ فرحاً وسروراً ، ثم ابتسم في وجه الإمام علي عليه السلام ، ودخل على فاطمة عليها السلام ، وقال (صلى الله عليه وآله) إنَّ عَليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً ، وإني سألتُ رَبِّي أن يزوِّجكِ خَير خَلقه ، فما تَرَيْن ؟ ..فَسكتَتْ ، فخرَجَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يقول : اللهُ أكبَرُ ، سُكوتُها إِقرارُهَا".
خرج رسول الله وقال لعلي(ع) وما تملك من مال؟..
وهو يعرف ما عنده وما يملكه، لأنه هو الذي رباه، وكان علي(ع) معه في حلّه وترحاله، في ليله ونهاره، في سلمه وحربه، فهو من يعرف ميزانيته المالية كما يعرف فضائله العلمية وخصاله الروحية، ومع ذلك سأله وكم من سائل عن أمره وهو عالم ما معك؟ قال معي درعي وسيفي وهذه الثياب التي ألبسها، قال(ص) : أما سيفك فلا تستغني عنه لأنه السيف الذي تذب به عن الإسلام وتجلو به الكرب عن وجه رسول الله(ص)، ولكن أعطني درعك وبيع الدرع ومن ماله كان مهر الزهراء عليها السلام.
فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة ، ليُعلِنَ عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي عليهما السلام . فلما اجتمعوا قال ( صلى الله عليه وآله ) لهم :" إنَّ الله تَعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب . ثم أبلغ النبي صلى الله عليه وآله الإمام عليّاً بأنَّ الله أمَرَه أن يزوِّجه فاطمة على أربعمِائة مِثقال فِضَّة وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجَّة، من السنة الثانية للهجرة .
ولقد تقدم إلى خطبة الزهراء (ع) الكثير من الصحابه لكن الرسول ردهم وعندما تقدم امير المؤمنين علي عليه السلام تهلل وجهه وفرح فرحا شديد لا كفؤ لفاطمة غير علي وأهم ما يلفتنا في هذا الزواج هو ما جاء في الحديث المروي في كشف الغمّة.
وعـن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) عن النبي(ص) قال(ع) :" لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين(ع) لفاطمة، ما كان لها كفؤ على وجه الأرض". ووسط زغاريد النسوة من المهاجرين والأنصار وبني هاشم وُلدت أطهر وأمثل أسرة في التاريخ ، لتكون نواة لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .
وقد تمّت مراسم العقد والزواج ببساطة تعكس سماحة الإسلام ، فقد كان علي لا يملك من دنياه شيئاً غير سيفه ودرعه ، فأراد أن يبيع سيفه ، فمنعه رسول الله لأن الإسلام في حاجة إلى سيف علي ، ولكنه وافق على بيع الدرع ، فباعه علي ( عليه السلام ) ودفع ثمنه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
أمر رسول الله أن يشتروا بثمنه طيباً وأثاثاً بسيطاً يسدّ حاجة الأسرة الجديدة . كان المنزل هو الآخر بسيطاً جداً يتألّف من حجرة واحدة إلى جانب مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ). الله وحده الذي يعلم مدى الحب الذي كان يربط بين القلبين الطاهرين ، قلب علي ( عليه السلام ) وقلب فاطمة ، كان حبهما لله وفي سبيل الله. كانت فاطمة تقدّر في نفسها جهاد علي ودفاعه عن رسالة الإسلام . . . رسالة أبيها العظيم ..كان زوجها يقاتل في الخطوط الأولى يحمل راية الإسلام في كل المعارك والحروب التي خاضها المسلمون ولا يكاد يفارق أباها رسول الله ..
فكانت تسعى إلى خدمة زوجها والتخفيف من معاناته و همومه ، وكانت نِعم الزوجة المطيعة. كانت تنهض بأعباء المنزل فإذا جاء زوجها وجَد في ظلالها الراحة والطمأنينة والسلام. كانت فاطمة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، نمَتْ في نور الوحي وترعرعت في فضاء القرآن الكريم.
الأسرة المثال :
الحياة الزوجيةُ اندماج لحياتين لتصبح حياةً مشتركة . . . حياة واحدة
حياة الأسرة تنهض على التعاون والمحبّة والاحترام
كانت حياة علي وفاطمة (عليهما السلام ) مثالاً للحياة الزوجية الكريمة
كان علي يساعد فاطمة في أعمال المنزل وكانت فاطمة تسعى إلى إرضائه وإدخال الفرحة في قلبه. كان حديثهما في منتهى الأدب والاحترام إذا نادى علي فاطمة قال : يا بنت رسول الله ، وإذا خاطبتْه قالت يا أمير المؤمنين .
وكانا مثال الأبوين العطوفين على أبنائهما.