أعلنت ناطقة باسم وزارة التجارة الفرنسية أن باريس وافقت على استخدام حسابات مصرفية سورية مجمدة لتمويل صادرات أغذية لسوريا.
قرّرت فرنسا إرسال مساعدات إنسانية لسوريا... ولكن من «كيس» السوريين أنفسهم! فقد أعلنت ناطقة باسم وزارة التجارة الفرنسية أن باريس وافقت على استخدام حسابات مصرفية سورية مجمدة لتمويل صادرات أغذية لسوريا.
وأوضحت أنّ بلادها أبلغت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالأمر. ولم توضح الناطقة حجم المعونة، ولا بأي طريقة سيتم اقتطاعها من المال المجمد، أو من سيشرف على هذه العملية ويضمن نزاهتها. ومنذ اندلاع الأحداث، أعلنت الحكومة الفرنسية ودول أخرى، في مناسبات عدة، تجميد أرصدة لرجال أعمال وشركات سورية.
ووصف المحامي المتخصص في القانون الدولي محمد نعيم آقبيق الإعلان الفرنسي بـ«غير القانوني» لأن «عملية التجميد نفسها لم تكن قانونية. إذ اعتمدت فرنسا على قرار سياسي لا على قرار قضائي، وبالتالي يمكن استعادة الأموال المجمدة عند رفع دعوى أمام القضاء الإداري، وهو ما حدث في حالات عدة.
وشدّد آقبيق، في حديث إلى «الأخبار»، على أنّه لا يحق لفرنسا التصرف بمال الغير، كما أن أعمال الإغاثة يجب أن تتم عن طريق هيئة حيادية كالصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، أو من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية السورية، ويجب أن يكون الأمر تحت إشراف الدولة السورية لتعرف طبيعة المواد القادمة والجهات التي ستحصل عليها.
ويقصد بالتجميد عادة عدم قدرة المالك على التصرف بماله، من خلال وضعه في حساب يدعى Escrow account، بحيث يبقى ورقياً موجوداً، ولكن، في الواقع، يستفيد منه المصرف الذي يضمّ الحساب في الإقراض والاستثمار، كما تستفيد منه الدولة التي تجمّد الأموال. ويوضح الخبير الاقتصادي رياض تقي الدين أن عبارة تجميد الأموال، قانوناً، تعني منع مالكها، سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً، من التصرف بها إلى حين انتهاء أسباب المنع ورفع التجميد من قبل الجهة القانونية التي أصدرت قرارها، وبالتالي لا يحق لأيّ كان التصرف بها إلى حين انتهاء المرافعة القانونية وصدور حكم بها، أما الأسباب السياسية فهي قاصرة في هذا المجال كون قرار التجميد وإعادة استخدام الأموال المجمدة صدرا عن طرف يعتبر جهة مستفيدة.
وفي حال رفع التجميد، يقول تقي الدين، «يتم استرداد الأموال المجمدة، أو بتعبير أدق المستولى عليها، من خلال المعالجة السياسية للأزمة. وهذا الأمر تسعى إليه الدولة السورية بشتى السبل بالتعاون مع الدول الصديقة في أنحاء العالم».
لكن ذلك لا يمنع من تكبّد هذه الأموال خسارة لن تعوض بسبب تراجع قيمة الأموال مع مرور الوقت وتعرض الممتلكات للتلف، وهذا ما حدث مع العراق، إذ جمدت أرصدة مالية لكثير من الشركات العراقية أو حتى التي كان العراق يساهم في ملكيتها في الولايات المتحدة، ولم يفكّ الحجز عنها إلا بعد أكثر من 20 سنة. كذلك عمدت الأمم المتحدة الى الحجز على ممتلكات العراق وتجميد أرصدته، ومن بين هذه الممتلكات طائرات مدنية أدى عدم تشغيلها طوال تلك المدة الى تقادمها وإتلافها.
ويبقى السؤال الذي لم توضح إجابته الناطقة الفرنسية: ما هي الآلية التي ستعتمدها الدول في استخدام الأموال المجمدة، ومن هي الجهة الرقابية التي ستتابع هذا الاستخدام؟.