عن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه و آله و سلم قال:(أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة،وصدق حديث، وعفةٌ في طُعمة، وحُسن خليقة)
موراد غريبي (*)
عن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه و آله و سلم قال:(أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة،وصدق حديث، وعفةٌ في طُعمة، وحُسن خليقة)، ليس هناك أدنى شك أن هذه الأمور الأربعة التي ذكرها النبي الأكرم (ص)، كل مسلم يتمنى أن يتحلى بها، لكن الفضائل لا تدرك بالأماني ، و لا ريب أن واقعنا يروج لعكس أبعاد هذا الحديث تماما، فحفظ الأمانة أصبح مزاجيا و تحريكه حسب الظروف، فقد تُستغل أمانتك لمصالح شخصية المؤتمن ثم يحاول قدر الإمكان إعادتها لك أو هضمها و إنكارها، أما بخصوص الصدق فذلك ما أصبح من نوادر الزمان لندرته، في حين العفة فأروقة القضاء و قصور العدالة و صفحات الصحف تغنيك في معرفة نسبتها بواقعنا العربي: الأعراض و التجارة و المال و الكلام و المسؤولية في الحكم و ما هنالك، بينما حسن الخليقة للأسف أصبح أصحابها يوسمون بالمغفلين كأن سوء الخلق و الجلافة و الخشونة هي الأصل...
في هذه السطور أود التطرق لأحد المطالب التي تتعلق بكل هذه الأبعاد الأربع، إنه القول أو الكلمة أو الخطاب في حياتنا، حيث الله عز وجل يقول في القرآن الكريم:{وقولوا للناس حسنا}(البقرة /83)، و النبي الأكرم (ص) يقول لنا عبر الزمن كله من خلال توجيهه لأحد أصحابه: ((قل خيرا أو اصمت)) وقرآننا المجيد قد وضح مدى التأثير الايجابي للكلمة الحسنة و الطيبة و العكس صحيح أيضا، مدى التأثير الكارثي للكلمة السيئة و الفاحشة في مصير الأفراد و الأمم و الحضارات ...
وما أحوجنا لكتاب و إعلاميين و خطباء و دعاة يقولون أقوالهم و يكتبون أفكارهم و يبثون مواعظهم للناس جميعا مفعمة بصفات الحسن و الإحسان و الطيب والخير كله، لا القبح و الفحش والتضليل والتكفير و ما هنالك، حتى تجتمع هذه الأمة و تأمن الأوطان من الفتن النائمة، و إلا فليصمتوا لترتاح الإنسانية من سموم الكلام و المقالات و البرامج و الخطب التحريضية، و بارك الله في أحد المفكرين الذي يقول:"إن الإسلام قالب علينا أن نقوم برياضات فكرية لننصح حتى نصبح من مقاسه و برياضات روحية لنذيب شحوم الغرور و الكبر و ملكية الحقيقة المطلقة حتى يتسنى لنا الانسجام مع أبعاده"...
ألا نتقي الله في مقالاتنا و كلامنا و خطاباتنا و وو كل وسائل الإعلام، ألم يئن لنا أن نكلم بعضنا البعض بالتي هي أحسن، ألم نستحي كم بيوتا أحرقناها بكلماتنا غير المسؤولة و كم أبرياء تسببنا في هلاكهم بالخطب و الفتاوى التكفيرية، إن أمة محمد (ص) العادلة لا تخلط الحق بالباطل، أمة محمد (ص) هي تلك الأمة التي لا تؤسس مجدها على شفا جرف هار اسمه الحقد و الكراهية و العصبية الجاهلية و النفاق و الكذب و ما هنالك، أمة محمد (ص) هي تلك الأمة التي تبعث الرحمة و الإحسان ابتداءا من الكلمة الطيبة وصولا للعمل الصالح...أين نحن اليوم بما يراد بأمتنا من المحيط إلى الخليج؟ حيث ثمة فتن تنسج خيوطها في الظلام لتحرق أوطاننا بكلمات لأناس يفترض فيهم أن يصونوا الواقع الإسلامي كله، هناك محاولات شق للوحدة الإسلامية و كذا التعايش الإسلامي المسيحي، هل نبقى نتفرج و كل كلامنا عن آخر الموبايلات و السيارات و السفريات ووو ...أم أن هذه الأمة لها رب يحميها..!!
لنعلم جميعنا أن هذه الأمة لن تنهض مادامت أمانة الكلمة الطيبة غير محفوظة و الحديث بها ليس صادقا، و مادامت هذه الكلمة فاقدة لعفتها بأكل السحت، ومظلومة بسوء الخليقة... فهل لنا أن نعتبر من الآية 25 من سورة الأنفال:{وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ} و الله من وراء القصد.
(*) كاتب و باحث من الجزائر