كتاب فيه قصص شعبويّة عن شاب مرّ بجانب أحد مراكز حزب الله يوماً ما. والكتاب ضدّ حزب الله، ما يجعله مصدر إلهام للكثيرين من الثوار اللبنانيين، الذين يعدّون أنفسهم مطلقي "الربيع العربي"
على وقع «الأناشيد الثوريّة»، وحول طاولة حوار بلا متحاورين، قرب خيمتين «ثوريتين»، اجتمع بضعة مناصرين (في الواقع كانوا ستة)، وطبعاً على «الفايسبوك»، بدأت التحضيرات لانطلاق «ثورة 10 أكتوبر»، بمعنويات مرتفعة، وأجواء مرحة للغاية ..
أحمد محسن / جريدة الأخبار
ربما تأثر بالفيلم «V for Vendetta» لا أكثر. وجاء «الربيع العربي» فازدادت حماسته. قد لا يتعدى الأمر كذلك. للمناسبة، ليس علينا أن ننتظر، أو أن نتحدث كثيراً عن الموضوع، أو نتابع. إنه مجرد رجل راقه هو الآخر أن يضع هذا القناع الدارج، الذي يظهر وجه رجل أبيض، تعلوه ابتسامة واسعة، فوق شاربين طويلين ورفيعين. في الصورة الرئيسيّة على موقع القائد رامي علّيق، يبدو نصف وجهه بالقناع والنصف الآخر هو وجه علّيق نفسه. ولديه مكتب إعلامي، على غرار «المكتب الإعلامي للدكتور فاروق يعقوب». والمكتب الأخير مزحة يتداولها أصدقاء يعقوب على «الفايسبوك» على سبيل المرح. لكن رامي لا يمزح.
واحزروا ماذا؟ لديه مناصرون. طبعاً، ما زالوا أقل عدداً من أصدقاء يعقوب، رغم أن الأخير يميل إلى المرح، بينما علّيق يملك مشروعاً واضحاً وجدياً لهذه البلاد. مثل الجميع، سائق التاكسي، أو الصحافي، أو السياسي الكريه على شاشة التلفزيون، لدى رامي علّيق الحق، في أن يكون لديه مشروع واضح. وقد بدأت التحضيرات فعلاً. وبما أننا في لبنان، نصبت الخيم قرب تمثال ساحة الشهداء، كالعادة. يبدو أن هذه العادة السمجة باقية إلى ما شاء الله. خيمتان، ستشهدان غداً، واحدة من أكثر الثورات مرحاً في العالم. في مقابلة له، قال قائد الثورة «إنه مفاجَأ بالأعداد». يا للهول، إنها ثورة شابة، واسمها «ثورة على الذات».على الأرجح غداً سيُفاجَأ أكثر.
يقول كثيرون إن الرجل لا يكترث بالانتقادات التي توجه إليه، والحال أنّ هذا ليس انتقاداً، بل عرض صحافي لحالة مرحة. رامي علّيق مرح هو الآخر، ولا يمكن نزع هذه الصفة عنه بأي شكل من الأشكال. ظهر الشاب ــ الدكتور، أول مرة، في «طريق النحل». الكتاب المصفوف على عجل بلغةٍ ركيكة للغاية، تجعل من متابعة القراءة عملاً نضالياً، لا يقل أهميّة عن الثورات الدارجة حالياً.
كتاب فيه قصص شعبويّة عن شاب مرّ بجانب أحد مراكز حزب الله يوماً ما. وإن كان للكتاب قيمة في الحياة العامة، فهو أنه ضدّ حزب الله، ما يجعله مصدر إلهام للكثيرين من الثوار اللبنانيين، الذين يعدّون أنفسهم مطلقي «الربيع العربي». وإذا صار الحديث الأخير يضمر خفة مبالغاً فيها، فإن الحنين اللبناني إلى الساحات يدغدغ علّيق الشاب، وهو زاحف إلى ثورته غداً. وهي للمناسبة ثورة مرخصة من وزارة الداخليّة والبلديّات، بعدما استحصل القائد على رخصة تحت عنوان «علم وخبر» من معالي وزير الداخليّة والبلديّات، السيد مروان شربل. وبمفعول هذه الثورة المرخصة، الجميع لديه «علم وخبر» بما سيحدث. حتى رئيس الجمهورية، سيكون قد سمع عنها، في مكان ما. فالرئيس أرسل منذ فترة برقيّة تهنئة إلى المغني رامي عياش، كما نقل أحد المواقع الإلكترونيّة، يبارك فيها له زواجه في برقيّة جاء فيها: «فيما تخطو مع عروستك داليدا سعيد صوب حياة مشتركة تنموان فيها بالحب والاحترام وتبنيان بالتضحية والوفاء لبنة جديدة في المجتمع، نتوجه إليكم بالتهنئة القلبية، سائلين الله أن يكلّل فرحكم برعايته ورضاه».
غريب فعلاً كيف أنّ الرئيس الذي لا تفوته شاردة أو واردة، لم يبارك ثورة علّيق، وخاصةً أن الأخير، في «مضافته»، التي تحوي مكتباً ضخماً وكمية لا يستهان بها من صور السياسيين، الذين سيثور علّيق عليهم غداً، صورة عملاقة لفخامة الرئيس ميشال سليمان نفسه. غريب فعلاً.
تحتاج الكتابة عن «ثورة» إلى تأنٍّ شديد لفرط ما تناول الناس الثورات، وصار يحلو لهم أن يطلقوا هذه التسميّة على كافة النزعات والنزاعات. وهو مصطلح، كما تبيّن لاحقاً، يصعب التراجع عنه. وعلّيق بدوره، لن يتراجع، كما توضح تعليقاته على «الفايسبوك». ولا نعرف هنا إن كان يعقوب سيتراجع هو الآخر عن السخرية من علّيق. ما نعرفه هو أن ما يقوم به رامي علّيق بمثابة إعلان واضح لما فعله الربيع العربي.
إرهاص صريح، تعريف جديد لمعنى «الثورة». ابتذال المفردات ابتذالاً يتجاوز اللغة و«يمعس» المعنى حتى يصير مضحكاً ومبكياً في آن واحد. فقائد «الثورة»، و«الحركة التصحيحيّة» في «ثورة الأرز»، هو «الدكتور» الذي يأكل البوظة، في صورة عفوية على صفحته الخاصة، بينما يخطط «الحرس الثوري الإيراني»، ربما بالتعاون مع الرئيس باراك أوباما، لاغتياله. الجميع متواطئ، وعلينا أن نعترف بأنّ نعطي للرجل ما لم يعطه إياه العالم. إنه «رامي الحلم»، على مقاس «بشير الحلم». إنه ليس مهرجاً يأكل البوظة، بل واحد من الذين يخرجون مع الزميل وليد عبود «بموضوعيّة» للحديث عن «الثورة».
الجميع صار ثائراً، والجميع يتحدث عن الثورات، وها نحن بعد ربيع طويل، نرى سيوفاً تُجرَّد من أغمادها ولحىً ترتفع ورؤوساً أينعت وحان قطافها. نرى براغ في «معرة النعمان»، ونرى في «الهيئة الشرعيّة» رجالاً سيهدمون الـ«باستيل» العربي، وفي لبنان، رامي علّيق، وارث القائد السابق في «ثورة الأرز»، الدكتور هو الآخر، فارس سعَيد. علّيق الذي خصص ساعتين من وقته الثمين للشعب، فيما جهد عبود، المختص بتراث حزب الله، للبحث عن الجاهزين للتنقيب في أحداث لا يبذل رواتها جهداً كافياً للبحث في تفاصيلها. إنه واحد من الذين يجيدون القذف، قذف المعلومات، ورغم ذلك، قد يجد جمهوراً وافراً (خلف الشاشات) سينتشي بهذا القذف. ووظيفة القذف هذه ليست ترفاً، كما قد يخيّل إلى البعض، إنها تحتاج إلى عمل دؤوب. وقائد الثورة بارع في هذا، القذف، قذف الحكايات، live، على الهواء مباشرة. هيا بنا إلى الثورة. إنه 10 «أكتوبر» 2013، هيا بنا نلعب!
ملاحظة: تبدأ «الثورة» غداً الخميس، صباحاً، في ساحة الشهداء، وسط بيروت
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه