كشفت مصادر رسمية واسعة الاطلاع لـ«السفير»، أن نحو ست شركات بترول عالمية أبلغت المعنيين في الدولة عن نيّتها الجدّية الانسحاب من سوق المنافـــسة في لبنان
جعفر العطاركشفت مصادر رسمية واسعة الاطلاع لـ«السفير»، أن نحو ست شركات بترول عالمية أبلغت المعنيين في الدولة عن نيّتها الجدّية الانسحاب من سوق المنافـــسة في لبنان، وذلك لأسباب متباينة، أبرزها أن الــشركات لم تعد تحتمل المماطــلة مــن جانــب الـــدولة اللبنـــانية.
وأكدت المصادر أن شركات عالمية متفاوتة الأحجام والجنسيات، أعربت عن استيائها من تأخر صدور مرسومين، أولهما في شأن «البلوكات» البحرية، والثاني يتعلّق بكل من دفتر الشروط ونموذج عقد الاستكشاف والإنتاج، اللذين من المفترض إقرارهما إذا انعقد مجلس الوزراء استثنائياً قريباً.
أضافت المصادر أن المعنيين «سمعوا من الشركات استياءها أيضاً من عدم الاهتمام بمرسوم أساسي، يجب عرضه على مجلس الوزراء، وهو قانون الضرائب المتوجّب على الشركات سدادها».
وفيما تتناقض المعلومات بين مصادر تؤكد أن 6 شركات أعلنت فعلاً انسحابها وأخرى تقول إن الشركات لوّحت بالانسحاب فقط، إلا أن الواضح هو أن «فرضية انسحاب الشركات (وأبرزها برازيلية ونروجية ودنماركية) تؤدي إلى انعكاسات سلبية لدى الشركات العملاقة العالمية، التي يُهدد احتمال انسحابها بتعطيل العملية برمتها، إذ تخلو الساحة للشركات الصغيرة التي لا تملك الخبرات اللازمة للاستفادة من خيرات البحر».
ويبدو أن سبب البطء في إطلاق عملية استدراج العروض، يعود إلى الخلاف على كيفية تلزيم البلوكات البحرية التي قُسمت إلى عشرة: ثمة من يريد تلزيمها دفعة واحدة، وهناك من يريد تلزيمها تباعاً.
وفيما تقتضي مصالح بعض السياسيين أن يكون عدد البلوكات البحرية كبيراً ليضمنوا إمكانية تلزيم بلوكات متاخمة لمناطق نفوذهم الجغرافية والطائفية، غير أن مصالح الشركات واللبنانيين، تكمن في خفض عدد البلوكات (بين 4 و6)، أولاً لأن الشركات لا يمكن أن تضمن حصولها على الغاز إذا كانت منطقة عملياتها صغيرة الحجم، فهي بذلك ستتكبد تكاليف عالية مقابل احتمالات ضئيلة. وثانياً لأن قانون الموارد البترولية في المياه البحريّة ينص على أن تتخلى الشركات عن نصف المساحة الملزّمة بها لمصلحة الدولة، بعد انتهاء عملية الاستكشاف.
وسط ذلك، تؤكد مصادر رسمية أن عدد البلوكات لم يُحسم بعد، موضحة أن «الرقم عشرة الذي يتم تداوله، لم يتم التصديق عليه في مجلس الوزراء، بل إنه نابع من رأي هيئة إدارة قطاع البترول ومن الوزير، وبالتالي فإن عدد البلوكات مفتوح إلى حين المصادقة عليه رسمياً».
وتوضح مصادر رسمية معنية، أن بعض السياسيين يصرّون على تلزيم البلوكات كلها دفعة واحدة، والاستعجال في ذلك، متذرعين بحجة الخلاف الحدودي المائي مع إسرائيل.
وتشرح المصادر أن «من يريد فعلاً منع إسرائيل من سرقتنا، عليه السعي إلى تلزيم البلوكات الأكثر عرضة للسرقة، وهي الرقم ثمانية، بالإضافة إلى البلوكين تسعة وعشرة، بينما بقية البلوكات ليست معرّضة للخطر من الجانب الإسرائيلي».
الاستعجال في تلزيم البلوكات الجنوبية، يضمن عدم سرقة الغاز من مياهنا إذا كان الإسرائيليون قد بدأوا فعلاً التنقيب في المياه الواقعة شمالي فلسطين المحتلة.
في المقابل، ثمّة من يفضل البدء بتلزيم البلوكات الشمالية وترك تلك الجنوبية إلى حين ترسيم الحدود المائية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك من يتذرع بضرورة الإسراع بالتلزيم دفعة واحدة للاستفادة من العائدات البترولية لسد الدين العام. إلا أن المصادر تؤكد أن قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، الذي أبصر النور في لبنان في العام 2010، ينص بوضوح على التالي: «توضع العائدات في صندوق سيادي تستفيد منه الأجيال الحالية والمقبلة، ويُمنع استخدامها في سداد الدين العام أو صرفها في الموازنات، بل يجب أن يستفيد منها الشعب مباشرة، وفق سبل عدة».
وتعتبر المصادر المطلعة، وهي غير محسوبة على 8 أو 14 آذار، أن تركيز «المعنيين في ملف البترول على المرسومين حصراً، يدل على أن تفكيرهم يتركز على كيفية الاستفادة الخاصة لكل منهم»، موضحة: «لو أنهم يريدون جذب الشركات فعلاً، والمصلحة الوطنية، فلماذا لم يفكروا في طرح قانون الضرائب حكومياً، الذي من خلاله تعرف الشركات نسبة الضرائب التي يتعين عليها سدادها للدولة. أما تجاهل القانون، فيثبت لبعض الشركات، أن السياسيين يفكرون بجيوبهم أولاً».
وبينما يستمر السياسيون في استغلال جهل اللبنانيين بتفاصيل التحضير لتقسيم «قطعة الجبنة»، يقول مصدر واسع الاطلاع لـ«السفير» إن «أحد الوزراء المعنيين، يردد في مجالسه الخاصة أن ضربة الحظ التي ترافقه حتى الآن، تكمن في جهل وسائل الإعلام بما تسمعه عن ملف البترول، إذ تنقل ما نقول للصحافيين من دون معرفتهم بتفاصيل ما يسمعون، وبالتالي فلا يسألون، بل يستمعون ويسجّلون فقط».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه