06-05-2025 08:55 AM بتوقيت القدس المحتلة

أي دور تلعبه تركيا في سورية اليوم؟

أي دور تلعبه تركيا في سورية اليوم؟

"في كل مرة أزور سوريا أشهد على العاطفة الشعبية الكبيرة تجاه بشار الأسد" هذا ما سبق وقاله رئيس الوزراء التركي، أما بعد تصاعد الأزمة السورية طاب للطيب أردوغان الحديث عن "فظاعات"

 "في كل مرة أزور سوريا أشهد على العاطفة الشعبية الكبيرة تجاه بشار الأسد" هذا ما سبق وقاله رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان).

وبعد تصاعد الأزمة السورية طاب للطيب أردوغان الحديث عن "فظاعات" وتصرفات "غير إنسانية" نسبها لشقيق الرئيس السوري، معلناً أن " تركيا لا يمكن أن تقبل بحماة أخرى"، بعد أن كان دعا النظام السوري لإجراء إصلاحات في بداية الاحتجاجات.

 هذا التدرج في الموقف التركي أثار علامات إستفهام وتساؤلات، حسبما أكده الخبير في الشؤون التركي (د. محمد نورالدين)، فاعتبر أن دعوة الأتراك النظام السوري لإجراء إصلاحات بقيادة الأسد، كان على أساس أن ذلك يحفظ إستقرار ووحدة البلد ويبعده عن أي فتنة مذهبية، مضيفاً أن هذه الدعوة ترافقت مع إنفتاح تركي على "المعارضة السورية لاسيما الاخوان المسلمين، كما أنها رعت إقامة مؤتمر للمعارضة على أراضيها، وسمحت بإقامة مؤتمر صحفي لعضو مجلس قيادة الإخوان المسلمين (ملهم الدروبي)."

وربط (نورالدين)، في حديث له مع موقع المنار الإلكتروني، هذا التدرج في الموقف مع التقارب التركي - الغربي الذي برز بشكل لافت في الفترة الأخيرة، بعدما أعلنت  وزارة الدفاع التركية "مدينة "إزمير" كقاعدة للعمليات العسكري البرية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في منطقة الشرق الأوشط وآسيا، وبعد مشاركة تركيا في عمليات الأطلسي ضد ليبيا، وانتقالها لدعم المعارضة هناك بشكل كامل وتخصيص أموال لها."

فاعتبر أن المواقف التركية هذه توضح أن هناك "نهجاً جديداً في السياسة التركية تجاه المنطقة وسورية" .

الأتراك لعبوا بأوراق حساسة
ونفى (د. نور الدين) أن يكون الموقف التركي الحالي نابع من الحسابات الإنتخابية، معتبراً أن "المؤشرات تدعو للقول إن الانتخابات لم تكن هي المعيار"، وأضاف أن أي حسابات "لكسب أصوات الأتراك القوميين أو الإسلاميين لن تكون منسجمة مع السياسة الخارجية الناجحة التي إتبعتها تركيا في السنوات الأخيرة،" مستبعداً أن تغير نتائج الإنتخابات من حدة الموقف التركي الرسمي من أزمة سورية.


"لقد لعبت أنقرة بأوراق حساسة جداً بالنسبة لدمشق عندما سمّت شقيق الرئيس السوري (ماهر الأسد) بالإسم متهمة إياه بإرتكاب فظاعات، كما أنها باتت متهمة من قبل السوريين بأنها سهلت دخول مسلحين إلى الأراضي السورية..لا يمكن أن نتوقع أن هذه الأوراق استخدمت من أجل حسابات انتخابية، لا تقدم ولا تؤخر كثيراً..فالمسألة أبعد بكثير،" قال (د. نور الدين).

وتابع، "يبدو أن تركيا تراهن على إحداث أي تغيير في الواقع السوري أو تغيير للنظام،" متوقعا ً أن لا يطرأ على الموقف التركي أي تغيير قبل أن يطرأ تغيير على الواقع الداخلي في سورية. "عندها لن يكون بمقدور الأتراك الإستمرار في نهجهم المستجد.. أعتقد أن صفحة العلاقات الجيدة قد طويت إلى غير رجعة، ونحن أمام واقع جديد له شروطه وأسسه الجديدة."

سيناريو على النمط الليبي

الدكتور (نور الدين) اعتبر أن ما يجري "يفيد أن تركيا على استعداد لأن تكون جزءاً من سيناريو على النمط الليبي تجاه سورية" في حال تفاقم الوضع هناك.

"والسيناريو الليبي يجمع ما بين الفوضى المسيطَر عليها وبين إستبدال النظام بمجلس وطني..يُخيّل لهم (أي الأتراك) أنه في حال وقوع الفوضى بعد رحيل النظام، سيتمكن ما يُسمى بـ"المجتمع الدولي" من وضع نظام شبيه بليبيا يتم من خلاله السيطرة على الوضع، والأتراك يراهنون على نجاح هذا السيناريو لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من علاقات التعاون الأشد عمقاً" يقول الكاتب في جريدة السفير.

سورية والورقة الكردية

الموقف التركي خلق مناخاً سلبياً في العاصمة دمشق. فبحسب الخبير في الشؤون التركية، رغم التزام الرسميين السوريين الصمت، إلا أنه  من الواضح أن الخطاب السوري غير الرسمي "يعكس أن العلاقات بين البلدين لا تسير في الاتجاه السليم، وقد تكون وصلت إلى نقطة اللاعودة، إلى أن يطرأ أي تغيير في الموقف التركي."

واستغرب (نور الدين) تجاهل الأتراك لما قد يحصل في حال تصاعد التوتر وانفلات الحدود بين سورية وتركيا مع وجود نزعة كردية تطالب بإنشاء فيدرالية، "ووجود حوالي مليون ونصف كردي يقيمون على الحدود الفاصلة بين تركيا وسورية، وعلى صلة مباشرة بأكراد تركيا والعراق،" متابعاً "عندها ستجد تركيا نفسها بمواجهة مد كردي من ديار بكر مروراً بالقامشلي وصولاً إلى شمال حلب."

كما استبعد إقدام السوريين على استخدام الأكراد كورقة ضغط على تركيا، أو إعطائهم حرية التحرك كما حصل مع اللاجئين الفلسطينيين في كل من ذكرى "النكبة" و"النكسة" من العام الجاري، لأن "العلاقة بين سورية والإسرائيليين تختلف عما هي مع الأتراك".

وأكمل الدكتور (نور الدين) قائلاً إنه "من المبكر الحديث عن عودة سورية لإستخدام هذه الورقة، كما استخدمت قبل 10 سنوات، أعتقد أن المسألة ليست بهذه السهولة."

"الرهان على أن تدرك تركيا بأن المشكلة الكردية قابلة لأن تتحول إلى مشكلة إقليمية تعيد رسم المنطقة وحدودها... هذا الإدراك قد يكون عامل كبح أو لجم لأي أفكار أو تحركات قد تقدم عليها تركيا،" معتبراً أن الأمر أيضاً مرهون بصمود النظام ومدى قدرته على حسم الواضع الداخلي.

يبقى السؤال ماذا لو خابت آمال الأتراك وحلفائهم؟ ماذا لو فشل هؤلاء في تأمين البديل ودخلت المنطقة في نفق الفوضى المظلم؟ ماذا سيكون عندها موقف أحفاد السلطان عبد الحميد؟!