«إذا أراد الفرد بعضاً من الحرية والخصوصية على الإنترنت، عليه التوقف نهائياً عن استخدام كل برامج المعلومات الأميركية». ويشرح فالكفينغ أنّ هناك وسائط بديلة جديدة، أو قيد الإنشاء، تتيح للمستخدم حرية وسرية أكب
منذ حزيران الفائت، يعيش العالم تداعيات الفضيحة المعلوماتية التي فجّرها المستشار السابق لدى «وكالة الأمن القومي الأميركية» إدوارد سنودن. ويبدو أن حصّة «غوغل» من الفضيحة هي الأكبر حتى الساعة. فقد منعت الهند والإمارات العربية المتحدة والسويد موظفيها الحكوميين من استخدام خدمات «غوغل»، بعدما أثبتت تسريبات سنودن تورّط الشركة الأميركية في التجسس بواسطة برنامج «بريزم».
ومؤخراً، أقرّت «منظّمة حماية البيانات في فرنسا» (CNIL)، عقوبات تقضي بتغريم «غوغل» مبلغاً قدره 150 ألف يورو أيّ ما يعادل 200 ألف دولار أميركي، لعدم امتثال الشركة لمطالب فرنسا بإجراء تعديلات على شروط الخصوصيّة في أوروبا، والتي لا تتلاءم مع القانون الفرنسي.
وكان المأخذ الأول للمنظمة الفرنسيّة على «غوغل» سماحها بمشاركة بيانات المستخدمين بين جميع خدماتها، مثل «يوتيوب» و«جي ميل» و«غوغل بلاس». وتسمح هذه السياسة ببناء ملفّ شخصي كامل للمستخدم. وكانت فرنسا قد طالبت «غوغل» بسلسلة من التعديلات، منها حصول الشركة على موافقة مسبقة من المستخدمين قبل تخزين بياناتهم. وحذرت اللجنة حينها من أنّ عدم التزام الشركة سيؤدي إلى فرض عقوبات عليها. وسخر بعض المعلّقين من قيمة الغرامة، معتبراً أنه «كان الأجدى بفرنسا، إن كانت جادة في مسألة الخصوصية، حجب «غوغل» على أراضيها، عوضاً عن تغريمه مبلغاً «مضحكاً» في حسابات عملاق الانترنت.
ويأتي القرار الفرنسي بالتزامن مع اتهامات طالت «غوغل» في الأسبوعين الماضيين، حول غياب الحماية عن بريد «جي ميل» الذي يضمّ 425 مليون مستخدم. وقالت «غوغل» ــ في دفاعها أمام إحدى محاكم كاليفورنيا ضمن قضيّة خرق خصوصيّة رفعت ضدّها ــ إنه «لا ينبغي على مستخدم «جي ميل» الاعتقاد أنّ بريده آمن، أو أنه يتمتع بالخصوصية والسرية».
وأرجعت «غوغل» هذا الاعتراف إلى أسباب تجاريّة بحتة، مبررةً الأمر بأنّ فتح الرسائل والاطلاع على مضمونها، يجب أن يكون أمراً «متوقعاً»، وأنه عملية آليّة تحصل لأهداف «إعلانيّة». في المقابل دعا مدير منظمة «حقوق المستهلك» في الولايات المتحدة جون سمبسون المستخدمين إلى التوقّف عن استخدام «جي ميل»، قائلاً: «على «غوغل» أن تعمل مثل مكتب البريد بحيث تسلّم الرسائل إلى عنوان البريد الالكتروني، من دون الاطلاع على مضمون الرسالة».
هواجس عديدة تطرح حول فقدان السرية، ومراقبة البيانات الفرديّة. هواجس يؤكّدها خبير المعلوماتية وزعيم «حزب القراصنة» السويدي ريك فالكفينغ، في مقابلة مع موقع «روسيا اليوم»، إذ يقول: «إذا أراد الفرد بعضاً من الحرية والخصوصية على الإنترنت، عليه التوقف نهائياً عن استخدام كل برامج المعلومات الأميركية». ويشرح فالكفينغ أنّ هناك وسائط بديلة جديدة، أو قيد الإنشاء، تتيح للمستخدم حرية وسرية أكبر.
ومن بين تلك الوسائط، نظام «بي جي بي» الذي أسسه المبرمج فيل زيمرمان قبل عقدين، ويتيح تشفير الرسائل الالكترونية، إضافةً إلى ما يعرف بالـ«بريكس كايبل»، وهي شبكة الكترونية تغطّي دول مجموعة الـ«بريكس» وتحاول الخروج من السطوة الأميركية على فضاء الانترنت. ورداً على سؤال حول أهمية الخصوصية وضرورة وجودها على الانترنت، يقول فالكفينغ «إنّ الحاجة إلى الخصوصية هو أمرٌ فطري، وليس بالضرورة أن نقوم بأشياء خطيرة على الانترنت كي نطالب بالخصوصية، إضافةً إلى أن القوانين والنظم متبدلّة، وما لا تراه الحكومات خطراً في بياناتنا اليوم، قد تعتبره خطراً في الغد».