قليلة هي الساحات التي تجمع أبنائها في المناسبات كتقليد متبع منذ زمن الأجداد خصوصا بعد انسياب المجتمع نحو فك الترابط الأسري والعائلي
علي شعيب – جنوب لبنان
قليلة هي الساحات التي تجمع أبنائها في المناسبات كتقليد متبع منذ زمن الأجداد خصوصا بعد انسياب المجتمع نحو فك الترابط الأسري والعائلي، الذي كان سائدا في السابق بسبب التداعيات السياسية واحقادها تارة والحالة الإقتصادية التي فرضت ملاحقة لقمة العيش طيلة الوقت تارة اخرى، وبالتالي الإنقطاع عن التواصل مع محيطه خصوصاً مع دخول التكنولوجيا كعامل اضافي مؤثر على ابتعاد الناس عن بعضها، بحيث بات التواصل مقتصراً على الهواتف الذكية او الحاسب حتى ضمن العائلة الواحدة, وعندما يستذكر البعض شيئا من تراثه القديم يشعر حجم الخسارة التي حلت على المجتمع المتمدن المبالغ في مواكبة الحداثة..
واحدة من النماذج التراثية التي تترك اثرا وتخرق القواعد الجديدة هي صورة ساحة بلدة حاصبيا في جنوب لبنان في أيام العيد, فهنا يجتمع الصغير والكبير, وترمى احقاد السياسة بعيداً فالفقير يجد مبتغاه.. والمتوسط الحال يجد حتما ما يصبوا اليه.. الفرحة تجسدت في كل زاوية هنا.. والإبتسامة ترافق الجميع.. يخلفون ورائهم كل الهموم ويستعيدون عادة التجمع في الساحة العامة فيلتقي الجميع على التهنئة بالعيد وتقرب المسافات ويكثر السؤال والإطمئنان عن الآخر.. سؤال ربما غاب لشهور طويلة.. ويهنأ الأطفال بوفرة الخيارات التي تفترش جوانب الساحة من العاب وحلويات وهدايا.. ويزيد معها فرح الباعة الذين يتوزعون في الأرجاء عارضين أحسن ما يملكون من البضاعة.. انها فعلا حالة تراثية باتت نادرة في ايامنا.. بحاجة الى تكريس ونشر جماليتها مجددا في قرانا التي فقدت الكثير من رونق المجتمع القروي.