07-11-2024 12:39 AM بتوقيت القدس المحتلة

البحرين: هل بدأت تصفية المعارضين؟

البحرين: هل بدأت تصفية المعارضين؟

ليس جديداً على الحكومة البحرينية تلفيق التهم إلى الناشطين، سواء تعلّق الأمر بهجمات على مراكز الشرطة، أو التعدي على رجال الأمن أو حتى التحريض على كراهية النظام

بحرينيات يبكين في تشييع حسين مهدي في بلدته سترة ليس جديداً على الحكومة البحرينية تلفيق التهم إلى الناشطين، سواء تعلّق الأمر بهجمات على مراكز الشرطة، أو التعدي على رجال الأمن أو حتى التحريض على كراهية النظام، وعادة ما تكون نتيجة هذه الاتهامات محاكمات مسيّسة، تودي بالناشطين إلى السجن لمدة قد تصل إلى المؤبد.

إلا أن قصة حسين مهدي (20 عاماً) الذي توفي فجر أمس الأول، بعد إصابته برصاصتين، إحداهما في البطن والأخرى في الفخذ، وضربة على الرأس، على أحد السواحل في منطقة المالكية في جنوب غربي المنامة، جاءت مختلفة هذه المرّة عن كل الحالات السابقة، فقد انتهت حياة حسين كمطارد من قبل قوات الأمن، بعد هروبه من السجن في شهر أيار الماضي، ولتفجع عائلته الصغيرة به بعدما فقدت معيلها الوحيد. حسين هو الابن الأكبر في أسرة متواضعة، تعيش في شقة صغيرة، وله أخ وأخت أصغر منه. توفى الأب العام الماضي، فأصبح حسين هو المعيل الوحيد للعائلة قبل أن يتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن، ومن ثم هروبه ومطاردته وقتله.

بدأت رحلة حسين في آب العام 2012، عندما تم القبض عليه واتهامه بالهجوم على مركز شرطة ومحاولة قتل رجال أمن، وقدمت المحكمة اعترافاته كدليل على قيامه بالجريمة، وهو أمر تصفه محاميته فاطمة خضير بأنه «غير ممكن في ظل تعرض المعتقلين للتهديد وسوء المعاملة»، مشيرة إلى أن النيابة العامة لم تقدم أي دليل قاطع على ضلوع حسين في الجريمة، التي أدت إلى الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، قبل أن يفر من السجن بمعية ثلاثة من زملائه في أيار الماضي، ليعيش حياة المطاردين. فلا يستطيع المكوث في منزله الذي تداهمه قوات الأمن ما بين الفترة والأخرى بحثاً عنه، ولا يستطيع البقاء في قريته «الخارجية» في جزيرة سترة، للتواجد الأمني الكثيف فيها.

وبالرغم من أن قصة حسين مهدي يلفها الغموض، إلا أن ذويه قرروا تشييعه أمس، إلى مثواه الأخير في جزيرة سترة، في جنازة حاشدة شارك فيها الآلاف ممن يوجهون أصابع الاتهام للسلطات الرسمية بالتسبب في مقتله.

وانتهت الجنازة باشتباكات بين المشيعين ورجال الأمن، حيث قالت وزارة الداخلية أن «مخربين قاموا بأعمال شغب ورمي مولوتوف وإغلاق الشوارع، ما استوجب اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم». واستخدمت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع ورصاص الخرطوش بشكل مكثف، ما أدى إلى وقوع الكثير من الاختناقات والإصابات، بحسب مصادر حقوقية.

واتهمت المعارضة الجهات الأمنية بالوقوف وراء الحادث الذي أودى بحياة الشاب، فيما تقول وزارة الداخلية البحرينية أنها قبضت على خمسة متهمين، اعترفوا بأن أحدهم كان على خلاف مع الضحية، وهو من أطلق النار عليه، وأمرت النيابة بحبسهم على ذمة التحقيق، وتكليف الطبيب الشرعي بتشريح جثة المتوفى وتوقيع الكشف الطبي الشرعي عليه.

وأكد أقارب الضحية، أن وزارة الداخلية لم تتواصل مع أي منهم منذ وقوع الحادثة، وأنهم توجهوا إلى المشرحة بعد تداول اسم ابنهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأكد.

بحريني يبكي خلال تشييع حسين مهدي في بلدته سترة وأوضح أحد أقاربه، ويدعى حسن عبدالله، لـ«السفير»: «سمحوا لنا بالتعرف على جثة حسين، وكان به أثر طلق ناري في بطنه والآخر في فخذه، وأثر لجرح بآلة حادة في رأسه».

وقال علي يوسف، وهو ابن عم حسين، لـ«السفير»: «نحن نشكك في الحادثة»، مستغرباً عدم تواصل وزراة الداخلية مع أهل الضحية على الرغم من مرور أكثر من 24 ساعة على الحادثة. كما استغرب إعلان الوزارة عن نية الطبيب الشرعي تشريح الجثة من دون أخذ إذن أهله أو أي أحد من أقاربه.

وأشار يوسف إلى أن العائلة قررت تشييع الضحية، بعدما تركت بعض الوقت لاستيضاح حيثيات الحادثة واستكمال التحقيق الذي تقوم به النيابة العامة.

من جهته، شكك «منتدى البحرين لحقوق الإنسان» في صحة رواية السلطة البحرينية حول مقتل من وصفه بـ«الناشط الميداني المطارد» حسين مهدي، داعياً المؤسسات الحقوقية والقانونية والسياسية إلى السعي للكشف عن حقيقة مقتله، ومحملاً السلطة مسؤولية انتشار استخدام السلاح الناري.

وأضاف «المنتدى» أن عودة ظهور الميليشيات المدنية المسلحة، والتي نشطت قانون الطوارئ (2011) وعلى مرأى من الأجهزة الأمنية، يجعل السلطات الأمنية محل مساءلة قانونية.

بدورها، طالبت «جمعية العمل الديموقراطي» المعارضة، بالكشف عن قتلة حسين، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة تشارك فيها منظمات حقوقية دولية وفي مقدمتها «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» التابعة للأمم المتحدة، وذلك للوقوف على تفاصيل عملية القتل وكشف الجناة.

ووصف «مرصد البحرين لحقوق الإنسان» الحادثة بأنها «عمليات تصفية بشعة» تطال الناشطين السياسيين المطاردين، موجّهاً أصابع الاتهام إلى جهات «تغلب عليها الصفة الرسمية»، ذلك أن سلاح الرصاص الحي لا تحوزه إلا جهات أمنية نظامية وغير نظامية.